الدور على الأخضر يالأدعم
منتخبنا يقدم نفسه بأجمل صورة وينتزع إعجاب المراقبين في كل مكان
تألق هجومي كبير وصلابة دفاعية حديدية والمؤشرات تقول القادم أفضل
الأسماء الجديدة أثبتت جدارتها وأكدت سلامة نهج التغيير على طريق المونديال

أكد الأدعم حقيقة التصاعد في مستواه والسير بثبات نحو دور الستة عشر لبطولة آسيا لكرة القدم في نسختها الحالية المتواصلة في الإمارات، وذلك من خلال العرض الرائع الذي قدمه أمام كوريا الشمالية والذي أهله للخروج بفوز عريض قوامه ستة أهداف دون رد، وهو الفوز الذي نقله إلى صدارة مجموعته الخامسة بالدرجة الكاملة متقدماً على المنتخب السعودي بفارق الأهداف قبل المواجهة الكبيرة التي ستجمع بينهما بعد غد الخميس في الجولة الأخيرة من منافسات دور المجموعات..
وفي الحقيقة فإن الصورة التي كان عليها العنابي أمس الأول كانت تدعو للكثير من الغبطة والاطمئنان حيث أثبت لاعبونا سلامة نهج الإعداد الذي خضعوا له قبيل انطلاق منافسات هذه البطولة، كما أكدوا تصاعد مستوياتهم مقارنة بما قدموه في الشوط الأول من مباراتهم الأولى التي تفوقوا فيها على منتخب لبنان بهدفين نظيفين..
فالمستوى الذي كانوا عليه أمام المنتخب الكوري سجل تطوراً واضحاً وكبيراً مكنهم من التفوق بهذا الكم من الأهداف على منتخب ليس ضعيفاً أو مغموراً أو هامشياً على الصعيد الآسيوي بل هو واحد من المنتخبات التي اعتادت أن تقف بين المتنافسين بقوة في أي ملتقى قاري وهو ما مكنهم من بلوغ نهائيات كأس العالم أكثر من مرة كانت آخرها في عام 2010 بجنوب أفريقيا..
ومع أننا كنا مطمئنين كثيراً للمستوى الذي بلغه منتخبنا قبل الدخول في منافسات هذه البطولة، عطفاً على العروض والمستويات الجيدة التي أظهرها في مبارياته التجريبية، إلا أن الأمر سيكون مختلفاً طبعاً مع دخوله معمعة المنافسات الحقيقية فكان عند حسن الظن أمام لبنان وتحديداً في الشوط الثاني ثم عاد ليكون أفضل في مباراته الثانية أمس الأول أمام كوريا الشمالية ليس فقط بسبب ما سجله من أهداف، رغم أهميتها، وإنما أيضاً من خلال العرض الممتع والجميل الذي أرسل من خلاله رسالة مهمة جداً إلى كل المتابعين الذين أجمعوا حتى الآن على أنه من بين أفضل المنتخبات المشاركة في هذه النهائيات حتى الآن..
وعندما نشيد هنا بالمستوى العام للعنابي فإنما نشيد بالجهد الكبير الذي أوصله إلى مثل هذا المستوى سواء من خلال الجهاز الفني بقيادة الإسباني سانشيز أو من خلال الجهد الإداري الذي وفر له كل مستلزمات النجاح والتألق على مدى الفترة المنصرمة في مراحل استعداداته لهذه البطولة..
ولعل أكثر ما يفرحنا في هذا الجانب هو هذا التصاعد في قدراته الهجومية إذ أثبت منتخبنا مرة أخرى أنه بات يمتلك ذراعاً هجومياً ضارباً وخطيراً جداً سواء على مستوى الإمكانات الفردية التي يتمتع بها هداف كبير مثل المعز علي، صاحب السوبر هاتريك أمس الأول ومتصدر قائمة هدافي البطولة حتى الآن، أو على مستوى الانسجام الرائع الذي بات يميز تحركاته مع زملائه أكرم عفيف وحسن الهيدوس، مع الإشارة هنا إلى أن عفيف كان أحد أبرز أبطال مباراة أمس الأول لكونه هو من صنع أربعة من الأهداف الستة التي هزت شباك المرمى الكوري..
وبقدر ما كان العنابي متألقاًً هجومياً بركائزه الشابة الجديدة بقدر ما كان كذلك أيضاً في الجانب الدفاعي إذ أثبت ثنائي قلب الدفاع بسام الراوي وطارق سلمان جدارتهما وأحقيتهما في ارتداء قميص المنتخب الأول رغم كل ما قيل عن المجازفة في الاعتماد على لاعبين شابين في منطقة تحتاج إلى الكثير من الخبرة والتجربة عند قلب الدفاع .. ولعل القول نفسه ينسحب نحو الظهيرين عبدالكريم حسن وبيدرو ثم حامد إسماعيل حيث إن كلاً منهم أثبت الكثير من الجدارة والتميز في الجمع بين الواجبات الدفاعية والهجومية من خلال التوغلات الجانبية التي أسهمت كثيراً في تعزيز الجهد الهجومي للعنابي..
وحتى في منطقة العمليات كان العنابي متفوقاً بشكل واضح بوجود عبدالعزيز حاتم وعصام مادبو ومن أمامهما خوخب بوعلام وجميعهم أكدوا جدارتهم وقدرتهم على التحكم بمنطقة العمليات بطريقة فيها الكثير من الإبداع والتألق..
أما الآن، وبعد أن ضمن العنابي تأهله إلى دور الستة عشر، فإنه ربما سيجد نفسه في الامتحان الأصعب والأهم الذي سيحدد صاحب البطاقة الأولى لهذه المجموعة .. فالأنظار الآن باتت تتجه نحو المباراة المرتقبة والكبيرة التي ستجمعه مع المنتخب السعودي بعد غد وهي مباراة تنطوي على الكثير من الأهمية حتى وإن كان كل من المنتخبين قد ضمنا معا تأهلهما بالبطاقتين الأولى والثانية..
فمن خلال هذه المواجهة، التي تحظى بالكثير من الترقب إعلامياً وجماهيرياً، سيتحدد مسار كل من المنتخبين في هذه البطولة .. فإما البطاقة الأولى التي تضع صاحبها في مواجهة إيران أو العراق، وإما البطاقة الثانية التي تضع صاحبها أمام اليابان .. صحيح أن الفوارق ليست كبيرة جدا بين هذه المنتخبات إلا أن الصحيح أيضاً هو أن تجنب المنتخب الياباني سيكون مهماً جداً في هذا الدور من البطولة .. لذلك فإن التأهل بالبطاقة الأولى سيكون مهما لمنتخبنا وهو أمر يمكن أن يتحقق من خلال خياري الفوز أو التعادل أمام السعودية على اعتبار أن العنابي يتفوق بفارق الأهداف.. في كل الأحوال نقول إن ما يهمنا هنا هو أن نشهد العنابي وهو يحافظ على الصورة التي قدمها حتى الآن في هذه البطولة وأن يعزز ذلك بما هو أفضل خصوصاً وأننا هنا نتحدث عن عملية بناء نموذجية لمنتخب قادر على أن يقدم نفسه بأفضل صورة كونه منتخب البلد الذي سينظم النسخة المقبلة من كأس العالم.
ثمانية أهداف وشباك نظيفة
ثمانية أهداف في مباراتين دون أن تهتز شباك المرمى لهو دليل لا يقبل الشك بحجم ما يتمتع به العنابي من قدرات هجومية ودفاعية أيضاً .. وفي الحقيقة فإن الأمر هذا يعكس أيضاً التميز الكبير على المستوى التنظيمي وهو ما يُحسب قطعاً للجهاز الفني بقدر ما يُحسب للاعبينا الذين يتألقون بشكل واضح وكبير.
ونبقى بانتظار الأفضل
بقدر ما نشيد هنا بالمستوى الجميل الذي قدمه لاعبونا في مباراة أمس الأول وقبلها في الشوط الأول أمام لبنان، بقدر ما نؤكد على أن الكل يترقبون منهم التواصل مع هذا المستوى من النجاح والتصاعد في إظهار القدرات والحرص على تقديم الأجمل والأفضل في كل مرة.. وفي تقديرنا ان لاعبينا قادرون فعلاً على ذلك لأنهم أثبتوا ويثبتون في كل مرة بأنهم يمتلكون الكثير مما يمكن أن يعزز ثقتنا بهم وبقدرتهم على الذهاب بعيداً في منافسات هذه النسخة من البطولة وهو ما بات يتفق عليه كل المراقبين ممن يتابعون البطولة.
أفضل مستوى في عشر مشاركات
من حقنا جميعا أن نفخر فعلاً بالمستوى الذي يقدمه العنابي في هذه النسخة من البطولة الآسيوية .. وفي تقديرنا أن المستوى هذا هو أفضل ما قدمته الكرة العنابية حتى الآن في عشر مشاركات في البطولة القارية هذه .. والأمر هذا هو ما يجعلنا نطالب لاعبينا بالحفاظ على الصورة التي أظهروها حتى الآن وهو ما نتوقعه طبعاً بحكم التصاعد الواضح في المستوى والأداء بين مباراة وأخرى بدءاً بسلسلة المباريات التجريبية التي خاضها منتخبنا استعداداً لهذه البطولة.
نخبة حديدية ضاربة
إذا كان حقاً علينا الإشادة بما قدمه المعز علي، صاحب الأهداف الأربعة في مواجهة أمس الأول، فإن من الإنصاف أيضاً أن نشيد بكل تلك الجهود الجماعية التي أثمرت عن هذا الفوز اللامع والكبير .. فالعنابي أمس الأول كان عبارة عن يد حديدية ضاربة استطاعت أن تؤكد صلابتها وجدارتها وبالتالي قدرتها على تحقيق المزيد من النجاحات الكبيرة من خلال هذا الانسجام الرائع بين كل اللاعبين دون استثناء.
العنابي والرسالة المونديالية
لعل مما يزيدنا غبطة هو ان نرى لاعبينا وهم يقدمون انفسهم بافضل صورة من خلال هذه البطولة وكأنهم في ذلك يبعثون برسالة الى العالم كله تفيد بان استعدادات قطر لكأس العالم 2022 لا تنحصر بالجانب العمراني واللوجستي وانما تشمل الجوانب الفنية في بناء منتخب قادر على ان يكون متميزا فعلا سواء من خلال النخبة الشابة المتواجدة في هذا المنتخب او تلك التي يصار الى بنائها عبر منتخباتنا الاخرى للفئات السنية وبينها منتخبنا الشبابي .