الراية الرياضية
الوصول لأعلى القمة تحقق بعد مشوار ماراثوني شاق وصعب

آسيا 2019 .. صفحة جديدة في تاريخ الكرة القطرية

كسبنا منتخباً قوياً صاحب شخصية في الملعب قبل الفوز باللقب القاري

المنتخب أصبحت له استراتيجية واضحة وتشكيل ثابت وأساليب لعب متعددة

ثبات الأداء عملية شاقة وغير سهلة ولا تحققها إلا الفرق الكبيرة والمدربون العظماء

وصلنا للقمة القارية وعلينا الانطلاق نحو العالمية على طريق مونديال 2022

متابعة – بلال قناوي :

مثلما تعد المناسبات التاريخية والإنجازات العظيمة والبطولات الكبرى، فرصة رائعة ومثالية لكتابة صفحة جديدة في كتب التاريخ، فإن فوز العنابي بكأس آسيا 2019 للمرة الأولى في تاريخه، مناسبة ولا أروع لبداية جديدة وصفحة رائعة للكرة القطرية التي وصلت إلى القمة أخيراً، ولم يكن ذلك أمراً سهلاً ولا هيّناً، بل تحقق بصعوبة وبعد مشوار شاق، وصعوبات وعقبات كثيرة وكبيرة.

وصل العنابي إلى القمة في الأول من فبراير 2019، وحقق لقب القارة الآسيوية بجدارة وباستحقاق وبأرقام قياسية سوف تحتاج إلى سنوات كي تتحطم، لكن لا يجب أن تكون هذه هي النهاية، بل يجب أن تكون البداية، ويجب أن تكون صفحة جديدة للكرة القطرية تبدأ منها وتنطلق منها نحو آفاق أوسع وأرحب، فاليوم وصلنا إلى القمة الكروية في القارة، وغداً علينا أن نبحث عن قمة جديدة وعن إنجاز جديد، والانطلاق نحو العالمية في مونديال قطر 2022

الإنجاز التاريخي الكبير بالفوز بكأس آسيا أمر رائع، لكنه ليس الإنجاز الوحيد الذي تحقق في آسيا 2019، فهناك إنجازات أخرى كبيرة وكثيرة تحققت في المونديال الآسيوي أكبر من الفوز بالكأس التي سنعتبرها كما ذكرنا بداية وصفحة جديدة للعنابي وللكرة القطرية، ويجب أن نملأها بإنجازات أخري وألا نتوقف عند حد الفوز بالبطولة.

ما قدمه العنابي في آسيا 2019 هو الإنجاز الحقيقي والمكسب الكبير والذي يجب أن نضعه في الاعتبار من أجل المحافظة عليه ومن أجل مضاعفته وتعزيزه.

كنا نحلم ونطمح بمنتخب قوي صاحب شخصية في الملعب، يعرف ماذا يريد وكيف يصل إلى ما يريد، وهو النجاح الحقيقي والإنجاز الذي يسعى إليه كل منتخب.

من السهل أن تحقق الانتصارات وأن تحرز البطولات بالكفاح أو بضربة حظ أو بأخطاء من المنافس، لكن من الصعب أن يكون لديك فريق قوي قادر على أن يفرض أسلوبه على المنافسين، يستطيع الوصول إلى المرمى بأسلوب واضح، لا يهمه ما يفعله المنافس وما يضعه من خطط، المهم ماذا سيقدم هو على المستطيل الأخضر، والمهم التحرك الجماعي والجمل التكتكية التي تفاجئ المنافس ولا يستطيع إيقافها.

كل هذه النجاحات حققها العنابي في آسيا 2019، وكل هذا التطور ظهر عليه في البطولة، حيث كانت شخصيته واضحة في الملعب، يعرف كيف يدافع بدون التشتيت العشوائي، ويعرف كيف يهاجم حتى بأسلوب الهجمات المرتدة المنظمة وهي عملية صعبة ومعقدة ولا يستطيع أي فريق تحقيق الهجمات المرتدة بنظام واضح ومحدد.

فكر تكتيكي واضح

النجاح الذي حققه العنابي في آسيا 2019 تمثل في قدرته على اللعب وعلى التفوق بغض النظر عن الأسماء وعن اللاعبين الموجودين في الملعب، وهو ما يعد نجاحاً للفكر التكتيكي الواضح لمدربه الإسباني فيليكس سانشيز الذي وضح أيضاً مدى الجهد الذي بذله منذ تولى المهمة من أجل تحقيق وعمل شخصية واضحة لمنتخبنا حتى بات أسلوبه معروفاً وطريقته واضحة حتى لو لم يرتد اللاعبون شعار العنابي، وهو نجاح يعرفه جيداً المدربون ويعرفون أن الفريق الذي يفرض أسلوبه على منافسيه بمن فيهم الأقوياء مثل المنتخبين الكوري الجنوبي والياباني هو الفريق الناجح.

هذه النجاحات بداية قوية وجيدة للعنابي الذي حلمنا به جميعا، وحلمنا بمنتخب قوي يشرف وينال إشادة المنافسين قبل المناصرين والأصدقاء.

ثبات التشكيل

النجاح الذي تحقق ليس فقط في الفوز باللقب القاري، ولكن في الوصول إلى تشكيل ثابت للعنابي، وهي سمة المنتخبات الكبيرة، وربما تكون هذه هي المرة الأولى التي نشاهد فيها تشكيلاً ثابتاً لأكثر من عام، صحيح أن هناك تبديلات وتغييرات حدثت أثناء البطولة وأثناء المباريات، لكنها أيضا تغييرات محفوظة ومحددة، لم تؤثر سلبياً على الفريق، ولعل إيقاف عبد الكريم حسن وعاصم مادبو وغيابهما عن لقاء العراق، ثم بسام الراوي وعبد العزيز حاتم عن لقاء الإمارات أيضا بسبب الإنذار الثاني، ثم إصابة خوخي بوعلام أحد أفضل اللاعبين في البطولة بدون منازع وخروجه في الوقت الحرج وفي الدقائق الأخيرة من مباراة اليابان، أكبر دليل على أن العنابي حقق مكاسب ونجاحات أخرى، فلم يهتز الفريق ولم يتأثر الأداء ولم تتغير النتائج وحقق العنابي الانتصار تلو الانتصار دون أن يتوقف.

هذا النجاح سببه الرئيسي أن سانشيز جعل شعار منتخبنا هو اللعب الجماعي، وصحيح أن العنابي لديه العديد من المواهب وأصحاب المهارات، لكن الاعتراف بها كان في إطار الجماعية السلاح الحقيقي والسلاح الجديد للعنابي.

ثبات الأداء

ثبات التشكيل أيضاً لم يكن النجاح الوحيد للعنابي في أسيا 2019، وهناك نجاح آخر تحقق، وهو ما تمثل في ثبات الأداء، وهي عملية شاقة وغير سهلة ولا تحققها إلا الفرق الكبيرة والمدربين العظماء

ولا أدل على ثبات الأداء سوى الانتصارات السبعة، وسوى نجاح العنابي في التقدم في كل مباراة على منافسيه، فلم يحدث أن تأخر العنابي بهدف، وكيف يتأخر وشباكه لم تهتز أساساً بالأهداف إلا مرة واحدة بعد أن تقدم بهدفين على اليابان في المباراة النهائية.

وفي كل مباريات العنابي السبعة كان الأداء شبه ثابت بنسبة 95%، ولم يهتز ولم يتأثر لأي سبب من الأسباب.

اختلاف الطرق وأساليب اللعب

لايمكن بأي حال من الأحوال تجاهل الطرق المختلفة والأساليب المتعددة التي لعب بها العنابي مبارياته السبع، تارة شاهدناه هو من يبادر بالهجوم وبأكبر عدد من اللاعبين، وتارة يضطر للعب بأسلوب دفاعي للحد من خطورة منافسه، وتارة يهاجم من العمق وتارة أو غالباً من الأطراف.

لا يمكننا تجاهل النجاح في البطولة والمتمثل في التسديد القوي والإيجابي، وهي ميزة كانت غائبة عن منتخبنا حيث كان يفتقر إلى اللاعب القوي القادر على التسديد البعيد سواء من كرات ثابتة أو متحركة، ولا شك أن التسديد القوي والوصول إلى شباك المنافسين بمثل هذه الكرات يمثل أحد الأساليب المهمة لتحقيق الانتصارات إذا صعب على الفريق الوصول إلى الشباك بالطرق المعتادة.

لو عدنا إلى شريط المباريات سنجد أن العنابي سجل الأهداف بطرق تكتيكية وبأسلوب منظم وبوسائل واضحة وصريحة من خلال اللعب ومن خلال التحرك بالكرة وبدون كرة، وسنجد أيضا أن الفريق سجل أيضاً أهدافاً حاسمة بالتسديد القوي، وقد نجاح العنابي في تسجيل أهم هدفين بالبطولة من التسديدات بعيدة المدى، الأول من خطأ ومن كرة ثابتة في مباراة العراق وسجل منها بسام الراوي هدف الفوز الذي وصل بنا إلى دور ربع النهائي.

والهدف الثاني جاء من كرة متحركة ومن تسديدة صاروخية أطلقها عبد العزيز حاتم في مرمى كوريا الجنوبية وكان سبباً في الفوز والصعود إلى نصف النهائي.

العلامات
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X