الأدعم .. بطل يسطع فوق حطام الأبطال
الثقة بالنفس والروح القتالية والأسلوب الأنسب وراء التفوق على الساموراي
قهر المستحيل وأسقط كل التكهنات وصنع مجداً جديداً للكرة العنابية
ما قدّمه لاعبونا فاق التوقعات وقدّموا لنا إنجازاً لامعاً على طبق من الذهب
اجتهاد المدرب وعطاء اللاعبين مكنا العنابي من تخطي كل الصعاب
ستبقى مباراتنا مع اليابان في نهائي النسخة الـ 17 لبطولة أمم آسيا لكرة القدم عالقة في الأذهان إلى أمد بعيد ليس فقط لأنها توّجت الأدعم بطلاً لآسيا لأول مرة في تاريخ الكرة العنابية وإنما أيضاً لأن نجومنا الأبطال استطاعوا أن يقلبوا من خلالها كل التوقعات ليواصلوا زحفهم الرائع نحو منصة التتويج التي تشرّفت فعلاً بوجود منتخب شاب ما زال الطريق أمامه مفتوحاً وهو يحث الخطى نحو مجده الواعد..
ولو عدنا هنا إلى الأيام التي سبقت بدء هذه النسخة من البطولة القارية لما وجدنا من يتحدث عن العنابي بمثل ما هو يتحدث عنه اليوم.. كان منتخبنا من وجهة نظر الكثيرين خارج حسابات كل التوقعات التي تحدّثت عن المنتخبات المرشّحة للتنافس على لقب هذه النسخة من البطولة.. بل إن أكثرهم تفاؤلاً كان يرى أن دور الثمانية سيكون إنجازاً لو نجح العنابي في الوصول إليه.. أما أن يصل العنابي إلى أبعد من ذلك ويتوّج بالتالي بطلاً بكل هذا الاقتدار ومن خلال عروض فاقت كل التصوّرات والتوقعات فذلك ما لم يكن ليخطر في بال الكثيرين..
وفي العموم، وبعيداً عن لغة التكهّنات والتوقعات تلك فقد قال الأدعم كلمته بكل قوة، ونجح في تقديم نفسه بأجمل صورة، وقدّم من العروض ما يستحق عليها كل الثناء، خصوصاً أننا هنا نتحدث عن مسيرة صعبة جداً في الطريق إلى منصة التتويج.. مسيرة فرضت على لاعبينا مواجهة أعتى منتخبات القارة وأكثرها قوة، وكان بينها أربعة من الأبطال السابقين أو المنتخبات التي اعتادت أن تحتكر اللقب القاري.. ومع ذلك فقد أظهر لاعبونا أعلى درجات التألق ليس فقط من خلال الفوز الخالي من أي تعثر بل وأيضاً عبر العروض الممتعة والجميلة التي كسبوا من خلالها كل تلك الجموع التي تحوّلت إلى صفهم لتصبح بين جموع عشاق العنابي ومحبيه في داخل قطر وخارجه أيضاً..
ومع أن الأمر هذا كان قد صعّب من مهمة العنابي وتطلب جهداً استثنائياً خارقاً وكبيراً على مدى المباريات السبع لا سيما في الأدوار الإقصائية، إلا أننا نرى أن الصعوبة تلك هي التي زادت من قيمة الفوز بهذا الإنجاز اللامع والكبير، وهي التي جعلتنا نذهب إلى أن الفوز هذا هو الأجمل والأثمن ربما في تاريخ البطولة كلها.. فليس في كل مرة يكون فيها على البطل أن يواجه أربعة أبطال سابقين إضافة إلى صاحب الأرض والجمهور.. وليس في كل مرة يواجه فيها المنتخب البطل كل تلك الظروف الصعبة والضغوط المتواصلة التي أرادت بقصد وسبق إصرار أن تؤثر في روحهم وتحد من تطلعاتهم وتمنعهم من مواصلة تحقيق النجاحات.. وليس في كل مرة يُفرض على المنتخب أن يلعب بدون جمهوره بعد أن حُرم جمهورنا من متابعة العنابي هناك في ملاعب الإمارات وفق منهج «التسييس» سيئ الصيت والمرفوض في كل الأعراف والقيم والمبادئ والقوانين الرياضية..
نقول: إن إنجازاً يأتي في ظل كل هذه الصعوبات لابد أن يكون ثميناً جداً ولابد أن يكون الإنجاز الأغلى في تاريخ البطولة كلها..
أما على صعيد ما حصل في المباراة النهائية فنقول: إن ما أظهره لاعبونا فيها لا يقل أبداً عما سبق أن قدّموه في مبارياتهم الأخرى.. فقد تواصل العطاء بنفس الزخم والاندفاع البطولي بحيث أظهروا عزماً كبيراً على مواصلة المشوار وبلوغ الختام بأجمل صورة.. لم يعان لاعبونا من رهبة المباريات الكبيرة ولا سمعة المنتخب المتخصّص بالألقاب الآسيوية وإنما اندفعوا بكل قوة منذ بداية اللقاء وبطريقة فيها الكثير من التنظيم في الشقين الدفاعي والهجومي.. فعلى المستوى الدفاعي كان خيار المدرب سانشيز موفقاً جداً عندما لعب بنفس الطريقة التي واجه بها منتخبات السعودية والعراق وكوريا الجنوبية والمتوجّة سابقاً باللقب القاري الكبير حيث لعب بثلاثة مدافعين مع ظهيرين ليكون بذلك قد أغلق الطريق تماماً أمام أي محاولات ممكنة من المنتخب الياباني سواء في العمق الذي شغله بوعلام وبسّام وطارق سلمان بكل إحكام أو من الجانبين، حيث وقف عبدالكريم حسن وبيدو في مواجهة أي مساع عبر توغلات الخطيرين اليابانيين جينكي لاعب هانوفر الألماني وريتسو القادم من الدوري الهولندي.. أما في منطقة العمليات فقد واصل عبدالعزيز حاتم تألقه الكبير في هذه البطولة إلى جانب زميله عاصم مادبو ليقفا بكل شجاعة في مواجهة لاعب غيتافي الإسباني شيباساكي وزميله تسوكاسا وكلاهما عانا كثيراً من عناد وحيوية حاتم ومادبو، في حين واصل ثلاثي المقدّمة إبداعه الملفت فكان أن أكد معز علي تحديه للرقابة المشدّدة من خلال هدف موسيقي رائع بكرته الخلفية تلك بينما أكد أكرم عفيف أنه يستحق فعلاً لقب أفضل صانع ألعاب في البطولة عندما صنع الهدفين الأول للمعز والثاني لحاتم قبل أن يتوّجها بتسجيله الهدف الثالث من ركلة الجزاء تلك..
ووسط كل هذا الإبداع الذي اشترك فيه لاعبونا في خطوطهم الثلاثة كان حارسنا الشجاع سعد الشيب يؤكد أنه الأجدر فعلاً بلقب الحارس الأفضل وذلك من خلال تصديه الرائع لأكثر من كرة وخصوصاً في الشوط الثاني من اللقاء .
وفي كل الأحوال نقول: إن المدرب سانشيز كان موفقاً في كل خياراته منذ البداية مثلما كان موفقاً أيضاً في تدخلاته وتوجيهاته لا سيما في الشوط الثاني من المباراة ليخرج بالعنابي إلى بر الأمان ويقوده بحكمة وجدارة إلى تتويج هذه الرحلة الموفقة باللقب الكبير..
سانشيز كان موفقاً في خياراته
بقدر ما كان لاعبونا في أعلى درجات التألق خلال كل مبارياتهم في هذه البطولة بقدر ما كان المدرب سانشيز موفقاً جداً في كل خياراته حيث لعب بأكثر من طريقة وفقاً لتصوّراته وقراءاته للمنتخبات التي واجهها..
ففي المباريات التي واجه بها الأبطال السابقين، السعودية والعراق وكوريا الجنوبية واليابان، كان قد ركّز على الشق الدفاعي من خلال الاعتماد على ثلاثة لاعبين مع ظهيرين بينما اختار في المباريات الأخرى أن يلعب بأربعة مدافعين وهو ما نجح فيه تماماً ليكون ذلك من بين الأسباب المهمة جداً في تحقيق الفوز في كل المباريات السبع في البطولة..
أكرم عفيف .. أيقونة الإنجاز
يبقى نجمنا اللامع أكرم عفيف أيقونة مهمة في هذا الإنجاز الكبير.. فقد لعب دوراً مهماً جداً في صناعة الألعاب ليتسبّب بالتالي في تسجيل عشرة أهداف كانت في الحقيقة قد انطلقت من عنده لتمر عند زملائه الذين أحسنوا خاتمتها..
عفيف كان رائعاً في دوره المهم جداً هذا وكان من أبرز اللاعبين الذين تسبّبوا بالكثير من المتاعب لدفاعات الخصوم..
بوعلام .. ركيزة حديدية
إذا كان طبيعياً أن نشيد بكل لاعبينا دون استثناء وفقاً لما قدّموه في هذه البطولة الكبيرة فإن من الإنصاف أن نشدّد هنا على الدور المهم الذي لعبه خوخي بوعلام سواء في مركز الليبرو أمام المنتخبات المتوجة سابقاً باللقب القاري أو في منطقة العمليات في المباريات الأخرى..
بوعلام استخدم مهاراته وذكاءه وخبرته الكبيرة بأفضل صورة ليكون خير حافز لزملائه في الملعب خصوصاً أنه يتمتع بإمكانات كبيرة كانت قد جعلت منه ركيزة مهمة وحيوية جداً في العنابي..
معز علي .. لاعب شامل ومقاتل
لم يكن معز علي مهاجماً فقط في صفوف العنابي.. فرغم أنه كان يلعب بمركز رأس الحربة الذي يفرض عليه البقاء في الأمام باستمرار وبالتالي التركيز على واجباته التهديفية التي توجها بالأهداف التسعة التي منحته لقب الهدّاف التاريخي للبطولة بكل تاريخها، نقول رغم ذلك كنا نرى معز وهو يتواجد في داخل منطقة جزاء العنابي ليُساهم مع زملائه في تعزيز الجهد الدفاعي بكل قوة وذلك ما جعلنا نصفه باللاعب الشامل المقاتل..