قرارات الملك سلمان أصبحت حبراً على ورق
المتهمون الـ 18 بقضية خاشقجي لم يتم الإعلان عن أسمائهم وأماكن احتجازهم

قبل عدّة أشهر وفي حين كان العالم يصبّ جام غضبه على المملكة بسبب اغتيال الصحفي السعودي المرموق جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول على يد عملاء تابعين لجهاز الاستخبارات – تدخّل الملك سلمان بن عبد العزيز وأصدر عدّة أوامر ملكيّة، منها إعادة هيكلة مجلس الوزراء. قال البعض حينها إن الملك الثمانيني تدخل حتى لا تنزلق البلاد إلى منعطف خطير يؤدّي إلى تدهور علاقاتها الخارجية بشكل كبير مثلما حدث عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، وجريمة خاشقجي. ويرى مراقبون أن قرارات العاهل السعودي كانت تصبّ في اتجاه تقليم أظافر الأمير الشاب ولي العهد، من خلال تخليه عن مستشاريه المقرّبين، لكن دون المساس بمناصب محمد بن سلمان، حتى لا يظهر أن الرياض الرسمية تعترف بتورط ولي العهد في اغتيال خاشقجي. لكن بعد مرور نحو 3 أشهر على التعديلات التي قام بها الملك سلمان والتي ظنّ البعض أنها ستحجّم دور الأمير الشاب، عادت الأمور إلى طبيعتها بالشكل الذي كانت تدار به قبل هذه التعديلات، وعادت الشخصيات التي أقيل بعضها من منصبه والبعض الآخر تولى مناصب أقل من التي كان يشغلها إلى المشهد مرة أخرى.
كان الأمير خالد الفيصل، المستشار الخاص للملك سلمان ونجل شقيقه الراحل الملك فيصل، البطل الأول لصدّ الهجمة التي كانت موجهة ضد المملكة، فالرجل طاف بالمنطقة شرقاً وغرباً لتهدئة الأجواء، إذ حاول استرضاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كان غاضباً جداً من وقوع الجريمة على أراضيه، وأيضاً بسبب علاقاته الخاصة بالصحفي الراحل، لكن أردوغان لم يستجب لطلبات الفيصل. فمنذ الجريمة برز نجم الرجل، أو بالأحرى عاد الضوء يسلَّط عليه مرة أخرى، حتى قال البعض إنه قد يكون خلفاً للأمير محمد بن سلمان في منصب ولي العهد، لكن الأمر لم يكن كذلك، وغاب الضوء مرة أخرى عن الرجل الذي كان يراه الكثيرون الصوت العاقل في أحفاد الملك المؤسس.
وأكد المراقبون أن محمد بن سلمان لم يكن يوافق على ما يقوم به خالد الفيصل، أو على الأقل يقبل تحرّكاته على مضض، خاصة أنه يمثل الصوت الهادئ في الأسرة الحاكمة، ويمكن أن يجمع رافضو ولي العهد أو الغاضبون منه عليه، لإحداث توازن ما داخل البيت الداخلي. كان المشهد الأبرز في قرارات الملك سلمان هو إقالة وزير الخارجية عادل الجبير وتنصيب إبراهيم العساف الذي كان معتقلاً في حملة الفساد بدلاً منه، في حين تقلد الجبير منصباً أقل من منصبه السابق وهو وزير الدولة للشؤون الخارجية. وجرت العادة بأن يكون منصب وزير الدولة مهمشاً إلا في الحالة الإماراتية التي يقوم بها وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، بمهام الوزير الشيخ عبد الله بن زايد، لكن الأمر في السعودية كان مختلفاً. لكن ومنذ الإعلان عن التعديلات الوزارية، ما زال الجبير هو البطل الأول للخارجية، في حين لا يظهر الوزير العساف في أي من اللقاءات أو المؤتمرات المهمة، ولعلّ الظهور الأخير للجبير في مؤتمر وارسو الذي استضافته العاصمة البولندية، وقبله مؤتمرات أخرى كشف مدى تمتع الجبير بمنصبه القديم دون أي تغيير يُذكر. وقال مسؤولون سعوديون وأمريكيون إن القرار الملكي جاء بإقالة القحطاني من منصبه، إلا أن الرجل ما زال يمارس عمله مستشاراً لابن سلمان إن الرجل ما زال يتردد على الأمير محمد بن سلمان ويقوم بعلمه كما هو. وقال المرقبون إن القرار الملكي بإقالته من منصبه هدف لعدم الزجّ باسمه في القضية رسمياً، حتى لا يتسبب في تورط ابن سلمان في الجريمة، لكون القحطاني لا يقدح بشيء من رأسه، بل هو منفذ لأوامر ولي العهد، هكذا قال القحطاني نفسه في تغريدة وهو يرد على أحد المنتقدين له.
هذه الأخبار الواردة من البلاط الملكي بشأن القحطاني تشير إلى أن قرار الملك لم ينفَّذ فعلياً، بل كان حبراً على ورق، لأنه على ما يبدو فإن الرجل لا يمكن أن يستغني عنه الأمير محمد بن سلمان، لنفوذه الكبير وقدرته على تنفيذ الأوامر. وأكد المرقبون أن قرار الملك إقالة القحطاني لم ينفَّذ بالشكل الذي كان يُنتظر منه، بل بالعكس القرار جاء بهدف الانحناء للعاصفة الدوليّة التي تستهدف الأمير محمد بن سلمان نفسه وفي الوقت نفسه يمارس الرجل مهامه في الخفاء، ولعل أهم الأدوار التي يقوم بها قيادة والإشراف على ما يعرف ب «الذباب الإلكتروني».
وظل أبو ناصر، كما يحلو له أن يلقب، يشغل منصب مستشار الديوان الملكي بمرتبة وزير، لكن تمّ تغيير منصبه من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة إلى منصب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه السعودية.
يقول البعض إن تركي آل الشيخ لا يقلّ دوره عن دور سعود القحطاني، ولكن هذا الرجل يقوم بالمهام الأقل خطورة، ويقول آخرون إن ولي العهد لم يوافق على إقالة آل الشيخ من جميع مناصبه، ولعلّ ذلك بسبب تورط آل الشيخ في جريمة اغتيال خاشقجي، لكنه كان يثير الكثير من الأزمات والمشاكل الرياضيّة في السعودية بحكم منصبه، وكان ذلك يسبب الكثير من السخط عليه داخلياً، ولعلّ هذا كان سبب إقالته.
لكن منصبه الجديد قد يكون أكثر خطورة من ذي قبل، فالرجل له دور مهم في تشكيل وعي السعوديين الآن عبر هيئة الترفيه التي يُنظر إليها على أنها بوابة المملكة للتمدّن والتخلص من «الفكر المتطرف»، هكذا يروّج لها في الأوساط الخارجيّة.
لكن، كان البعض ينظر إلى إقالته من المنصب السابق باعتبارها ضرورة ليتغير المشهد الحالي للسياسة السعودية، بكون ارتباط سياسات الأمير الأخيرة داخلياً بنفوذ آل الشيخ والقحطاني، لكن مع تقلد المنصب الجديد بات دوره أكثر وقدرته على التأثير على قرارات الأمير محمد بن سلمان أكبر، وهو ما يعني أن الهدف من تغيير منصبه لم يكن إلا من باب إرضاء الغاضبين منه داخلياً وخارجياً، وليس شيئاً آخر. التدخل الملكي لإعادة بوصلة السياسة السعودية جاء في وقت قال البعض فيه إنه مناسب، والبعض الآخر قال إن الوقت متأخر، لكنه كان أمراً ينتظره الكثيرون، سواء في المملكة من أبناء الأمراء الغاضبين من قرار ابن سلمان، أو خارجياً بسبب جريمة خاشقجي لتسكين حالة الغضب الداخلية والخارجية عبر هذه القرارات، لكن يبدو أن الأمر لم يتحقق كما يريد البعض. فمثلاً، الأشخاص الذين وجهت إليهم السعودية اتهامات رسمية بقتل الصحفي جمال خاشقجي والذين قالت إنهم 18 شخصاً، وطالبت النيابة العامة بإعدام 5 منهم، لم يتم الإعلان عن أسمائهم ولا عن أماكن احتجازهم، على الرغم من تسريب معلومات عن المتهمين بالإعدام بسبب الجريمة. لكنَّ اثنين من المسؤولين السعوديين قالا لوول ستريت جورنال إنَّ المتهمين الخمسة الذين يواجهون عقوبة الإعدام هم أحمد عسيري وماهر المطرب العضو السابق في الحرس الملكي السعودي، وصلاح الطبيقي، ومصطفى مدني، وثائر غالب الحربي.
بن علوي: نتطلع لانفراجة بالأزمة الخليجية وندعم مساعي الكويت
برلين – وكالات: أكد وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي أن «مجلس التعاون لا يزال قائماً والخلاف السياسي أيضاً، والمجلس أمر والخلاف أمر آخر ولا يعطل أحدهما الآخر». وأشار إلى دعم السلطنة لجهود الكويت لحل الأزمة الخليجية، معرباً عن تطلعها عن حدوث انفراجة للأزمة في المستقبل. وقال بن علوي، إن إسرائيل دولة بالشرق الأوسط، معرباً عن تطلع بلاده لانفراجة في الأزمة الخليجية بالمستقبل. وتحدّث بن علوي، خلال مقابلة متلفزة مع قناة «DW» الألمانية، بثتها أمس، أن بلاده «تعتبر أن إسرائيل دولة من دول الشرق الأوسط». واستدرك الوزير الذي يشارك بمؤتمر ميونيخ للأمن، «لكن أعتقد أنها (إسرائيل) ربما تتخوف من التبعات التي سوف تتحملها إذا أقرت بأنها دولة من دول الشرق الأوسط». وأكد استمرار بلاده في دعم الوساطة بين فلسطين وإسرائيل لإيجاد حلول، كاشفاً عن وضع توجيهات بهذا الصدد بالمشاركة مع أطراف أخرى، لإحلال قواعد السلام في القضية، متحفظاً على المزيد من التفاصيل. وفي الشأن الإيراني، قال: «ستستمر علاقتنا مع إيران ويعلم إخواننا في الخليج ذلك»، فقاطعه المحاور متسائلاً: «رغم التقارب مع إسرائيل؟»، قبل أن يُجيب: «رغم التقارب مع أي طرف».