القمة الأوروبية العربية صفقة مع المستبدين العرب
شرم الشيخ – وكالات:
قالت فايننشال تايمز إن القمة العربية الأوروبية المنعقدة في منتجع شرم الشيخ المصري لم تكن لتأتي في توقيت أسوأ من هذا، فالبرلمان المصري وافق على تمديد حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي “الذي يزداد استبدادًا، حتى عام 2034”. ويحاول الدبلوماسيون الأوروبيون التظاهر بعدم وجود مشكلة -بحسب الصحيفة البريطانية- التي تنقل عن مصدر ما تصفه بأنه على دراية بمدى الحرج الذي يشعر به الاتحاد الأوروبي، بأنه لا يمكن اعتبار السيسي مثل الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا. غير أن مصدرا آخر استنطقته الصحيفة -دون أن تكشف عن هويته- كان أكثر وضوحًا من سابقه حين قال إن الأمر يبدو وكأن السيسي “يظن أن بإمكانه الإفلات” من المساءلة. وتقول فايننشال تايمز إن هذه القمة بدت “رمزا” لما يمكن تسميته “صفقة الاتحاد الأوروبي مع المستبدين”.
وأضافت أن المشاكل المزمنة والخلافات داخل الاتحاد الأوروبي -لا سيما فيما يتعلق بقضية الهجرة- أحدثت “ثورة صغيرة” في رغبته التعاون مع حكام طغاة مثل السيسي، حتى لو أدى ذلك إلى اتهام الكتلة الأوروبية بالنفاق وإضفاء الشرعية لأنظمتهم.
وطبقا للصحيفة، فإن علاقة أوروبا بالزعماء المستبدين مثل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك -التي طالما شابها قدر من الفتور- ما لبثت أن تبدلت لتتسم بـــ “حرص أكبر على احتضان” الطغاة.
بيد أن بعض النقاد يرون أن هذا النهج لا يستقيم مع موقف الاتحاد الأوروبي المعلن والمدافع عن حقوق الإنسان، ومع تصوره بأنه يمثل بديلاً غربيًا مقبولا عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وعلى خلاف ترامب “المعتد بنفسه والمجاهر في بعض الأحيان بآرائه المؤيدة للحكام الطغاة” -تقول الصحيفة- تحركت أوروبا بحذر وبعيدا عن “عدم ارتياحها التقليدي” في التعامل مع أنظمة من شاكلة الملكيات الخليجية، لتقيم علاقات “غير متحفظة” مع عدد كبير من الدول المستبدة.من جانبه، يرى ها هيلير -المحلل والباحث بمعهد يونايتد سيرفيس الملكي البريطاني في لندن- أن تعامل الاتحاد الأوروبي مع الدول العربية المستبدة ساعد بالفعل حكومة السيسي على تحسين مكانتها العالمية بعد الانتقادات التي وجهت لها عقب انقلاب 2013 الذي أوصله إلى كرسي الحكم.وبحسب فايننشال تايمز، فإن “التغييرات التي طرأت على الجغرافيا السياسية الدولية فاقمت من معضلة أوروبا مع تحول العديد من الدول إلى نظم ديكتاتورية كاملة الدسم أو بقاء بعضها في منطقة رمادية من حكم متشدد يتوارى خلف انتخابات متراوحة في مصداقيتها من تركيا إلى تايلند”. وفي ذلك يقول دبلوماسي من دولة عضو بالاتحاد الأوروبي -لم تذكر الصحيفة اسمه- إن “السياسة الواقعية تعني أن عليك التحدث في عالم مجنون مع أناس معتوهين وأشخاص ظالمين”.ويردف هذا الدبلوماسي قائلا إن المرء لا يستطيع العيش في جزيرة صغيرة بذريعة أنه لا يكترث لما يجري في العالم من حوله.
وتمضي الصحيفة في تقرير أعده مراسلها في بروكسل إلى الاعتقاد بأن قمة شرم الشيخ ألقت بالفعل العديد من العراقيل الدبلوماسية أمام الأوروبيين. فالطغاة والملوك المستبدون والنظم الشمولية المنتخبة -برأيها- تضمها كلهاالجامعة العربية المنضوية بعضويتها 22 دولة.
وينسب التقرير لدبلوماسيين أوروبيين القول إنهم تلقوا تطمينات بألا يكون لولي العهد السعودي محمد بن سلمان دور بارز، على أن يقود الملك وفد بلاده إلى القمة العربية الأوروبية.