مخاوف بريطانية من شراء سعودي حصة بصحيفة لندنية مؤثرة
لندن – وكالات:
كشفت صحيفة “الجارديان” البريطانية أن المستثمر الأجنبي الذي اشترى حصة بصحيفة “إيفننغ ستاندرد” اللندنية هو رجل الأعمال السعودي “سلطان محمد أبو الجدايل”.
واشترى “أبو الجدايل” ثلث أسهم الشركة التي تملك الصحيفة من مالكها الروسي “يفغيني ليبديدف”، ابن أحد رجال الأعمال المقرّبين من الكرملين، بمبلغ قيمته 25 مليون جنيه إسترليني، نهاية العام الماضي. ولم ينكر متحدّث باسم “إيفننغ ستاندرد” وقوف “أبو الجدايل” وراء عملية شراء حصة فاعلة بواحدة من صحف لندن الرئيسية، والتي يحرّرها وزير الخزانة السابق “جورج أوزبورن”، وتوزّع يومياً 860 ألف نسخة مجانيّة.
يأتي ذلك في وقت يتزايد فيه القلق البريطاني بشأن استثمارات شرق أوسطية متزايدة في شركات تملك وسائل إعلاميّة ذات انتشار واسع بين المواطنين، وتعاني من التعثر المالي. وأشارت “الجارديان” في هذا الصدد، إلى إنفاق السعودية كميات كبيرة من الأموال على شركات الضغط والحملات الإعلاميّة في لندن، ما ضاعف المخاوف البريطانية في ضوء السجل الفقير للسعودية بمجال حقوق الإنسان وحرية الإعلام. وذكرت الصحيفة أن “أبو الجدايل” اشترى قبل عامين ثلث أسهم صحيفة “الإندبندنت” من “ليبديدف” أيضاً، لتبدأ بعد ذلك في إصدار نسخة عربية باسم “إندبندنت عربية”، تعمل بناءً على قوانين الإعلام البريطاني، وتديرها شركة سعودية مقرّبة من العائلة المالكة (المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق).
وبحسب التقرير، فإن “ليبديدف” كان مهتماً بحرب اليمن، ووضع صورة له على “إنستغرام” توثق مرافقته فريق “إيفننغ ستاندرد” إلى هناك، حيث ظهر مع ميليشيا تدعمها السعودية. ولم يكن لـ”أبو الجدايل” سجل حافل بصناعة الإعلام قبل شراء حصة “الإندبندنت”، وهو مصرفي سعودي لديه صلات بشركة “الأهلي كابيتال القابضة”، وهي أحد فروع بنك تسيطر عليه الحكومة السعودية. ويقول المستثمر السعودي إن شراء حصص بصحف لندن الشهيرة تمّ في إطار صفقة “بصفته الشخصية”، على الرغم من وضوح ارتباط توقيت شراء تلك الحصص بخطة لفتح إصدارات باللغة العربية والأردية لـ”الإندبندنت”. وكان آخر استثمار لـ “أبوالجدايل” في “ليبيديف القابضة”، الشركة الأم لـ”إيفننغ ستاندرد”، عبر وساطة شركة “جزر كايمان”، التي حجبت دور السعودية في الصفقة، ما أدّى إلى تكهنات محمومة حول هُوية المستثمر.
وبحسب التقرير، فإن ليبديدف اهتم بحرب اليمن، ووضع صورة له على “إنستغرام” في أثناء مرافقته فريق “إيفننغ ستاندرد” إلى البلد، حيث ظهر مع مليشيا تدعمها السعودية، مشيراً إلى أن الزيارة أسفرت عن نشر تقرير مفصّل عن الشرق الأوسط في الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى أن قليلين يعرفون أبو الجدايل، المصرفي السعودي المرتبط ببنك “إن سي بي كابيتال”، الذي تسيطر عليه الحكومة السعودية، لافتة إلى أنه لم يكن له أي حضور سابق بالإعلام البريطاني قبل استثماره في صحيفة “الإندبندنت” عام 2017.
ويذكر التقرير أن الأوراق الرسميّة تكشف عن أول استثمار شخصي لأبو الجدايل، فقال إنَّ دعمه الصحيفة يهدف إلى نشر طبعات باللغتين العربية والأردية من “الإندبندنت”، مشيراً إلى أن الاستثمار الأخير له كان في شركة ليبديدف القابضة من خلال شركة مسجلة في “كيمان أيلاندز”، التي أدّت إلى إخفاء دور السعودية، وأثارت تكهنات حول هوية المستثمر. وتورد الصحيفة نقلاً عن متحدث باسم “إيفننغ ستاندرد”، قوله: إن “مجموعة ليبديدف القابضة المحدودة شركة خاصة، ولا تعلق على أسهم المالكين فيها”. ويشير التقرير إلى أن الاستثمار السعودي الأخير يرفع حجم الأسهم في مجموعة “ليبديدف” إلى 50 مليون جنيه إسترليني، وهو مبلغ كبير في صناعة الصحافة البريطانية التي تواجه مشكلات، لافتاً إلى أن عائلة ليبديدف اشترت “الإندبندنت” و”إيفننغ ستاندرد” بمبلغ مليون جنيه لكل منهما عامي 2009 و2010، ويقود العائلة ألكسندر ليبديدف، العميل السابق في “كي جي بي”، الذي أصبح رجل أعمال، وابنه يفغيني البالغ من العمر 38 عاماً. وتختم “الجارديان” تقريرها بالإشارة إلى أنه رغم بقاء “إيفننغ ستاندرد” مؤثرة ولديها جمهور واسع في العاصمة لندن، فإنها تعاني مشكلات ماليّة بسبب تراجع الإعلانات، وسجَّلت في العام الماضي خسائر بعشرة ملايين جنيه إسترليني.