تطوير ودمج المكتبات الفرعية لمواكبة العصر
د. حارب الجابري: وزارة الثقافة تهدف إلى خلق بيئة متكاملة لصناعة المعرفة
حزمة من المكتبات المجتمعية تغطي جميع أرجاء الدولة
الوزارة تعمل على رقمنة المراجع القديمة المتوفرة في المكتبات
خطة تهدف لاحتضان دور النشر الخاصة وربطها بالمؤلفين
إنشاء مكتبة متخصصة للطفل لجذبه إلى عالم القراءة
كتب – أشرف مصطفى:
كشف الدكتور حارب محمد الجابري مدير إدارة المكتبات بوزارة الثقافة والرياضة في تصريحات خاصة ل الراية عن جاهزية الوزارة لتنفيذ استراتيجية جديدة تخص المكتبات الفرعية في قطر، مشيراً إلى أن تنفيذ تلك الاستراتيجية سيستمر على مدار ثلاثة أعوام بدءًا من العام الجاري 2019 وحتى نهاية 2021، حيث سيتم تفعيل دور المكتبات الفرعية في هيئتها الجديدة والتي ستتمثل في دمجها داخل المؤسسات المختلفة كالأندية الرياضية والهيئات المتخصصة، فضلاً عن التواجد في الأماكن العامة التي تتوافر فيها الأسر كالمجمعات التجارية والحدائق العامة، ليتحول الأمر بذلك إلى حزمة من المكتبات المجتمعية التي ستغطي جميع أرجاء الدولة، كما سيتم رقمنة مجموعة كبيرة من العناوين الهامة لتتوفر عبر الإنترنت.
تفعيل المكتبات
وحول أسباب إطلاق الاستراتيجية الجديدة أوضح د. الجابري أن طبيعة المكتبات الفرعية عند الإنشاء كانت تهدف إلى خدمة المجتمع، وذلك في زمن وظروف معينة أصبحت لا تتناسب مع النقلة النوعية في النمو الذي تشهدها قطر الآن، وبالتالي فلابد من تغيير طبيعة وآلية الخدمات التي تقدمها الوزارة فيما يخص المكتبات، كما أشار إلى أن طبيعة الزمن الحالي الذي تسيطر عليه مفاصل التكنولوجيا بآلياتها المختلفة، وظهور مكتبات متقدمة مثل المكتبه الوطنية ومكتبات الجامعات، كلها أمور قد ألغت أهمية المكتبات الفرعية التي لن تستطيع مواكبة التكنولوجيا المتطورة والعناوين الهامة التي تحتويها تلك النوعية من المكتبات، ما يتطلب استراتيجية جديدة تتناسب مع العصر الحالي، ويفعل من دور المكتبات الفرعية عن طريق إنشاء ما يسمى بالمكتبات المجتمعية.
رقمنة الكتب
وأكد د. حارب أن من أهم خطط الوزارة في إطار تلك الاستراتيجية العمل على رقمنة المراجع القديمة المتوفرة حالياً في المكتبات وتوفير خدمات البحث عبر الإنترنت، وبذلك سيتم رقمنة عدد كبير من المراجع والكتب الهامة، إلا أن تلك الكتب في نسخها المطبوعة ستظل متوفرة من خلال المكتبات المجتمعية التي سبق وتم الإشار إليها، منوهاً إلى أن الاستراتيجية تهدف كذلك إلى خلق بيئة متكاملة لصناعة المعرفة، بدءًا من الفكرة والمؤلف انطلاقاً إلى دور النشر التي تدعمها، على أن يتم ذلك تحت مظلة الوزارة التي ستقوم بدورها في ذلك الأمر من خلال المعارض والملتقيات، حيث سيتم الربط بين المؤلف ودور النشر لتكتمل الدائرة، وذلك في إطار خطة طموحة تهدف لاحتضان الوزارة لدور النشر الخاصه لإثراء صناعة المعرفه وربط المؤلف أو الكاتب بدور النشر وبهذه الطريقه توفر الوزارة بيئة متكاملة ومترابطة لصناعة الثقافة.
مكتبات متخصصة
كما أن هناك خطوة للاتفاق مع جهات خاصة لإنشاء ما سيعرف بالمكتبات المتخصصة، وهو الأمر الذي سيتم بالتعاون مع عدد من الجهات بهدف إثراء الساحة المعرفية بمجموعة من العناوين التي تختص وتشمل مجالات متنوعة، كلاً حسب تخصصه، وضرب د. حارب مثالاً على ذلك، مشيراً إلى أن إقامة مكتبة متخصصة في القانون سيتطلب التعاون مع كلية الشرطة، كما أن إقامة مكتبة متخصصة في البترول سيتطلب التعاون مع قطر للبترول، وبذلك ستحتوي تلك النوعية من المكتبات المتخصصة على جميع المراجع الخاصة بمجال بعينه.
مكتبات للطفل
وأشار مدير إدارة المكتبات بوزارة الثقافة إلى أن الوزارة تنوي إقامة مجموعة من الفعاليات للتشجيع على القراءة، وذلك في الحدائق العامة والمجمعات التجارية، على أن يتم توجيه تلك الأنشطة لمختلف الأعمار والفئات، كما سيتم إنشاء مكتبة للطفل متخصصة بكل ما يهم القراءة للأطفال، كما لفت إلى أن الوزارة ستقيم عدة شراكات مع التعليم بإقامة مسابقات في مجال المكتبات بهدف تشجيع المدارس على الفوز بإنشاء أفضل مكتبة، مشدداً على أهمية المكتبات المدرسية، ومؤكداً أن الوزارة تدرك جيداً ما لقيمة هذه المكتبات من أهمية بصفتها تملك القدرة في المساهمة بتطوير وعي الطالب إذا ما توفرت على الوجه الأمثل، وأشار كذلك إلى أن تلك المكتبات المتنقلة بين الحدائق العامة والمجمعات التجارية والتي تهدف لتقديم خدماتها لكل الفئات ستضع للأطفال أولوية كبرى من خلال تقديم نوعية الكتب التي من شأنها أن تشجعه وتجذبه إلى عالم القراءة.
بدء التنفيذ
وحول آلية تطبيق الاستراتيجية الجديدة وموعد البدء فيها بالتحديد، أكد مدير إدارة المكتبات بوزارة الثقافة والرياضة على أن الإدارة قد بدأت بالفعل تطبيق استراتيجياتها الجديدة، من خلال دمج الكتب الخاصة بمكتبة الريان مع مركز الوجدان الحضاري، ونادي معيذر وكلية الشرطة، منوهاً إلى أن البدء بتلك المكتبة كان بسبب فقدها للدور الذي كانت تؤديه من قبل بعدما تم إنشاء مكتبة قطر الوطنية في نفس المربع الجغرافي الذي تقع فيه مكتبة الريان، وهو ما جعلها تفتقد لروادها الذين وجدوا كل ما يبحثون عنه في المكتبة الوطنية والتي تقدم خدماتها بأحدث السبل التكنولوجية التي تفتقدها عموماً المكتبات الفرعية، وأشار د. حارب إلى أن العمل جارٍ على قدم وساق لتنفيذ كل أركان الاستراتيجية خلال ثلاثة أعوام تبدأ من العام الحالي وحتى عام 2021، وأكد أنه في نهاية الأمر ستتحقق الرباعية المنشودة والتي تتمثل في توفّر مكتبة وطنية، إلى جانب مكتبات البلديات التي سيتم تقديمها بطريقة أفضل مما كان الوضع عليه مؤخراً، إلى جانب توافر عدد كبير من المكتبات المجتمعية، وكذلك المكتبات المتخصصة.
خاتمة
تأتي تلك الاستراتيجية كخطوة سباقة من قبل إدارة المكتبات بوزارة الثقافة والرياضة وذلك بعدما رأت ما تعانيه المكتبات القطرية من ندرة روادها، ولا سيما أن الظرف قد تغير بتوفّر عدد من المكتبات الأكثر تطوراً كمكتبة قطر الوطنية ومكتبات الجامعات، وبعد أن باتت المكتبات شبه مهجورة حري بالوزارة أن تمسك بأسباب ذلك التراجع في نسبة ارتياد المكتبات لتأتي لنا باستراتيجية جديدة تكون قادرة على أعادة الأمور لنصابها الصحيح، وذلك نابع من إداركها بأن القراءة لن تنقرض كما يقول الكثير من الباحثين والمثقفين إذا ما توفرت الآليات لجذب القراء، كما أن الكتاب سيظل مصدر المعرفة الأول، وستظل القراءة رافداً مهماً من روافد المعرفة البشرية، وفي ظل الإحصائيات المرعبة التي تدل على ندرة ممارسة فعل القراءة فإن المكتبات يقع عليها العاتق الأكبر لجذب القراء من خلال أساليب أخرى تختلف عن التي كانت متبعة من قبل، خاصة أن أغلب المتخصصين قد رأوا أن هناك عدة شروط من شأنها إعادة القارئ لقاعات الكتب، أو على الأقل لمطالعتها بطرق أخرى، حتى وإن كان ذلك عبر شبكة الإنترنت وباستخدام التكنولوجيا الحديثة التي تتناسب مع عصرنا الحالي، وهو الأمر الذي تم دراسته جيداً لتاتي لنا وزارة الثقافة بتلك الاستراتيجية الجديدة، بما يضمن لنا في المستقبل توافر درر نفيسة وحكم بالغة وعلوم غزيرة من حضارات العالم المعاصر شاركت في تشييد صرح الإنسانية.