الدوحة – الراية:

ناقش مُؤتمر “كتارا للحوكمة في مجال الثّقافة” الذي نظّمته المُؤسّسة العامة للحي الثقافي بالتعاون مع جمّعية المُحاسبين القانونيّين أمس، أهمية تفعيل معايير الحوكمة وتطبيقها في المؤسّسات الثقافية. وناقش المُشاركون أدوات وآليات الحوكمة والأطر القانونيّة الضرورية لتفعيل مبادئها في الشأن الثقافي ودورها في تفعيل دور المؤسّسات الثقافية في التنمية الشاملة، بالإضافة مناقشة دور الثقافة في التعريف بالحوكمة وتأصيل مفهومها في الشأن العام عبر الإبداع في كل القطاعات وعبر القيم والمرجعيّات التي تنتجها، وتُسهم بذلك في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وصولاً إلى تحقيق التنمية المُستدامة. وقد عقد المُؤتمر لأوّل مرّة في قطر وبرعاية هيئة الرقابة الإدارية والشفافية، وهيئة تنظيم الأعمال الخيرية، وبمُشاركة نخبة من الخبراء والمُهتمين والاستشاريين الدوليين والمحلّيين بمجال الحوكمة وتطبيقاتها مع مُمثلي الهيئات والمُؤسّسات الثقافية. وفي كلمته الافتتاحية، أكّد الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي مُدير عام “كتارا” أنّ مُناقشة المُؤتمر لقضية الحوكمة في القطاع الثقافيّ وأثرها في تفعيل المؤسّسات الثقافية، تنسجم مع تحقيق تطلعات إستراتيجية التنمية الوطنية الثانية لدولة قطر (2018-2022) التي تهدف إلى مواكبة التطوّرات والمتغيرات على المستوى الوطني والإقليمي والدولي في الحوكمة الرشيدة التي باتت مطلباً ضرورياً للمؤسّسات الثقافية المُعاصرة القائمة على مبدأ المؤسّساتية والمُشاركة والشفافية والمُساءلة.. مُشيراً إلى أنّ المُؤتمر يستمد أهميته من كونه يعمل على نشر ثقافة الحوكمة، ومُساعدة المُؤسّسات الثقافية على فهم مبادئ الحوكمة وإدراك أهميتها في التنظيم والإدارة بالشكل الأمثل، وذلك من أجل اتخاذ القرارات السليمة التي تمكن من تحقيق تنمية شاملة ومُستدامة. وأعرب عن أمله بأن يُسهم المؤتمر في تفعيل دور القطاع الثقافي في تطبيق مبادئ الحوكمة وإيجاد علاقة قوية بين الحوكمة والتشريعات التي تنظم العمل الثقافي، وفقاً لأعلى المعايير الدولية وأفضل المُمارسات المهنية، الأمر الذي يُساعد في خلق بيئة عمل نموذجية وظروف مثلى لنجاح وتميز المُؤسّسات العاملة في القطاع الثقافي، باعتباره أحد أهم وأبرز القطاعات الحيوية التي تُشارك في عملية النهضة والتنمية المُستدامة لدولة قطر.

 

من جهته، قال الدكتور هاشم السيد رئيس مجلس إدارة جمعية المُحاسبين القانونيّين القطرية :”إنّ الاتفاق المُتزايد حول ارتباط السياسات التنموية بالسياسات الثقافية يحمّلنا مسؤولية حوكمة القطاع الثقافي وتأمين كل القائمين عليه، مُؤكداً أن الحوكمة ليست سيفاً مُسلطاً على الرقاب، كما أنّها ليست ترفاً فكرياً، وإنما هي أداة لتنظيم العمل ونظام للمُراقبة والتوجيه على المُستوى المؤسسي يحدّد المسؤوليات والحقوق والعلاقات مع جميع الفئات المعنية، بالإضافة إلى أنه يوضح القواعد والإجراءات اللازمة لصنع القرارات الرشيدة المُتعلقة بعمل المؤسسة، إلى جانب أن الحوكمة نظام يدعم العدالة والشفافية ويعزّز الثقة والمصداقيّة في بيئة العمل ويُساهم في التنمية المُستدامة.

وقد ناقشت أولى جلسات المؤتمر محورَين: الأوّل “التعرّف على أدوات وآليات الحوكمة”، وفيه نُوقشت ورقتان الأولى قدّمتها السيدة أمل أحمد الكواري مُديرة إدارة الرقابة والتدقيق بهيئة الرقابة الإدارية والشفافية عن مفهوم الحوكمة وأهمّ التعريفات المُستخدمة في المُنظمات الدولية، والهدف من تطبيق الحوكمة في القطاع الحكوميّ.. موضحة دور هيئة الرقابة الإدارية والشفافيّة في تعزيز الحوكمة في القطاع الحكوميّ، ومنها المؤسّسات الثقافيّة.. لافتة إلى أهم المشاريع التي تقوم عليها الهيئة بهذا الخصوص، إضافة إلى أهمّ المعايير الدولية للحوكمة التي تقوم الهيئة بمُتابعتها.

أما الورقة الثانية، فقدّمها الدكتور هاني كامل الأستاذ المُشارك بقسم المحاسبة بجامعة قطر عن مفهوم حوكمة الشركات والتطبيق الفعّال لمعايير اختيار مجالس الإدارة ولجان التدقيق والرقابة الداخلية، وتطرّق إلى مجموعة من الحالات العملية.

وجاء المحور الثاني حول الأطر والتشريعات القانونية الضرورية لتفعيل مبادئ الحوكمة في الشأن الثقافي وتحدثت فيه الدكتورة ريم الأنصاري مُديرة إدارة الدراسات والبحوث بمركز حكم القانون ومُكافحة الفساد، حيث تناولت حوكمة المعلومات وأثرها على المجال الثقافيّ في الدولة. أما الجلسة الثانية والأخيرة، فقد ناقشت محورَين هما: دور الحوكمة في تفعيل دور المؤسّسات الثقافية في التنمية الشاملة، وتمّ خلاله عرض ورقة الدكتورة ظبية سعيد السليطي باحثة واستشارية تقييم طلبة بوزارة التعليم والتعليم العالي، وحملت عنوان الحوكمة وعلاقتها بالتنمية المستدامة، أوضحت خلالها أهمية تطبيق الحوكمة في المؤسّسات الثقافية بما يعزز دور المؤسّسات في تحقيق التنمية المستدامة. أما المحور الثاني لهذه الجلسة فكان حول دور المؤسّسات الثقافية والإعلامية في نشر ثقافة الحوكمة، وتمت خلاله مناقشة ورقة بعنوان الحوكمة في قطاع الإثراء الثقافي والتميّز الرياضي وقدّمه سيف الدين أبارو مُستشار بإدارة التخطيط والجودة بوزارة الثقافة والرياضة، حيث قدّم عرضاً تفصيلياً عن إستراتيجية هذا القطاع الذي يشمل (الثقافة والشباب والرياضة).. مؤكداً اهتمام وزارة الثقافة والرياضة كونها مسؤولة عن هذا القطاع الثقافي بتطبيق برنامج الحوكمة الفاعلة، والعمل على دراسة ومُراجعة التشريعات المُتعلقة بالمنظومة الثقافية والرياضية والشبابية لوضع سياسات تعمل على تطوير هذه المنظومة وتبنّي تشريعات جديدة تعزّز برنامج الحوكمة الفاعلة في قطاع الثقافة والرياضة. كما جاءت ورقة الدكتور حسام الضامن الأستاذ المساعد بجامعة قطر في هذا المحور أيضاً، حيث تناول الشقّ المحاسبي فيما يخصّ الحوكمة وإمكانية تطبيقها في قطاع الثقافة.