متابعة – صفاء العبد:
ليس لأحدٍ أبداً أن ينتقصَ أو يشكّك بحجم الجهد الكبير الذي بذله مدرب السد، البرتغالي فيريرا، خلال هذا الموسم.. فالرجل كان قد سجّل نجاحاً واضحاً وكبيراً قاد من خلاله فريقه إلى الفوز بلقب الدوري لهذا الموسم بعد أن أمضى معه ثلاثة مواسم سابقة دون أن يتمكّن من تحقيق ذلك..
نقول لا نختلف أبداً في هذا الجانب لكننا نتساءل فقط.. هل كان فيريرا هو المدرب الأفضل فعلاً خلال هذا الموسم وفقاً للاختيارات التي أعلن عنها مجلس أمناء جائزة الاتحاد القطري لكرة القدم في الحفل السنويّ الذي أقيم أمس الأول..؟
ثم نتساءل أيضاً عن ماهية المقومات التي اعتمدت في هذا الجانب، وهل أن فوز الفريق، أي فريق، بلقب الموسم يكفي لأن يجعل مدربه هو الأفضل..؟
نعرف طبعاً أن المجلس كان قد استأنس بآراء عدة أطراف للوصول إلى الاختيارات النهائية بالنسبة إلى الأفضل لهذا الموسم على مُستوى المدربين واللاعبين والحكام أيضاً قبل أن يصار إلى الإعلان عنها في حفله السنويّ هذا.. ونعرف أيضاً أن تلك هي آراء الأغلبية من المُشاركين فيما يشبه الاستفتاء على مُستوى المعنيين من مدربين وإعلاميين وإداريين وخبراء اللعبة.. غير أن ذلك لا يمنع أبداً من أن نطرح هنا مثل هذا التساؤل المهم حتى وإن كان ذلك مجرد رأي ليس أكثر.. هل كان فيريرا هو المدرب الأفضل فعلاً لهذا الموسم..؟
قبل أي إجابة نقول إننا نكنّ كل الاحترام لكل من ذهب إلى اختيار فيريرا كأفضل مدرب وفقاً لقناعات قد لا نتّفق بشأنها ولكن دون أن يفسد ذلك للودّ قضية .. فهنا نرى أن فيريرا قد يكون من بين الأفضل فعلاً ولكنه ليس الأفضل في كل الأحوال .. ففي تقديرنا أن عملية اختيار الأفضل هذه يجب أن تأخذ بالحسبان الكثير من التفاصيل وليس النتيجة النهائية للفريق فقط .. فهناك، على سبيل المثال لا الحصر، فرق كبير بين مدرب يمتلك كل مقومات التفوق على مستوى اللاعبين وبين مدرب آخر لا يمتلك ولو الجزء اليسير من ذلك.. وفي هذه الجزئية تحديداً ينبغي أن تكون المقارنة منصفة ودقيقة.. وهنا دعونا نتوقّف، على سبيل المثال أيضاً، بين ما فعله فيريرا في السد وما فعله سامي الطرابلسي في السيلية.. ففي تقديرنا أن فريق السد، بما يمتلكه من أسماء متميزة وكبيرة من اللاعبين المُحترفين الأجانب والمحليين، لا يحتاج إلى جهد تدريبي خارق للوصول إلى المنصة وإحراز لقب الدوري .. بينما سيكون الأمر مُختلفاً كل الاختلاف عندما يتعلّق الأمر مع فريق مثل السيلية، لا يمتلك ولو الجزء اليسير من اللاعبين الذين يمكن مُقارنتهم بلاعبي السد، ومع ذلك يحقّق ما حققه ويصل إلى المركز الثالث بجدارة كبيرة وبجهد تدريبي واضح كل الوضوح يُحسب بكل تأكيد لمدرب مجتهد احتاج إلى بذل أقصى الجهود للوصول إلى ما وصل إليه..
دعونا هنا نقارن بين الفريقَين على مستوى الأسماء .. في السد تسعة لاعبين من الركائز الأساسية للعنابي الفائز ببطولة أمم آسيا هم سعد الشيب، وبيدرو، وعبدالكريم حسن، وطارق سلمان، وحامد إسماعيل، وسالم الهاجري، وبوعلام خوخي، وحسن الهيدوس، وأكرم عفيف، بينما لا يضمّ السيلية سوى لاعب واحد فقط لم يكن أساسياً باستمرار في صفوف المُنتخب هو الظهير عبدالكريم سالم.. وفي السد أسماء كبيرة جداً على مُستوى المحترفين الأجانب يتقدمهم الإسبانيان العالميان تشافي، وجابي إلى جانب النجم الجزائري الكبير وهداف الموسم بأرقام قياسية غير مسبوقة بغداد بونجاح، إضافة طبعاً إلى نجم المنتخب الكوري المشارك في كأس العالم الأخيرة يونج جونج، بينما ليس في السيلية سوى محترف متميز واحد هو هداف الفريق المغربي رشيد كانيين، إلى جانب الجزائري نذير بلحاج الذي لم يعد بالمُستوى الذي كان عليه أيام لعب للسد، والجناح السوري فهد اليوسف، وقلب الدفاع البرازيلي موريسيو، وكلاهما ليسا بالمُستوى الذي يلفت الأنظار قبل إضافة التونسي بلال سعيداني الذي شكل إضافة مهمة من خلال الانتقالات الشتوية.
كما أن المقارنة بين اللاعبين المحليين قد لا تكون منصفة هي الأخرى على اعتبار أن الفرق سيكون شاسعاً بين نجومية لاعبي السد الكبار، وبين لاعبين مغمورين في السيلية مثل المنهالي، والقحطاني، والشمري، والراشدي، إلى جانب أسماء أخرى مخضرمة باتت متقدمة في العمر كروياً أمثال ميرغني الزين، وعبدالقادر إلياس، وحمد العبيدي، ومحمد مدثر، وجورج كواسي، ومجدي صديق، وماهر يوسف..
ومع ذلك فقد تمكن الطرابلسي من أن يصنع من توليفته هذه من اللاعبين فريقاً مجتهداً، بحيث نجح في مقارعة السد ذاته، بكل قواه الخارقة، ليفرض عليه التعادل في القسم الأول من البطولة ولم يخسر أمام الدحيل المدجج هو الآخر بالأسماء الكبيرة سوى بهدف وحيد في كلا القسمَين، إلى جانب ما حققه من نتائج في مبارياته مع الفرق الأخرى ليتقدّم الصفوف ويزاحم من هم أعرق منه بكثير ويتخطّى الواحد تلو الآخر ليستقر ثالثاً في مربع الكبار، ومن خلفه أندية كبيرة مثل الريان، والعربي، والغرافة، وأم صلال، والفرق الأخرى..
تُرى، من هو المتميّز هنا بين فريرا والطرابلسي تحديداً.. أليس الأخير هو الأكثر اجتهاداً وعطاءً وقدرة على التحدي وتجاوز الصعوبات وصنع ما كان يبدو مستحيلاً من وجهة نظر الكثيرين في بداية الموسم..؟!
ليس هذا انحيازاً للطرابلسي أبداً وإنما هي الحقيقة التي فرضت نفسها حتى على مجلس أمناء جائزة اتحاد الكرة بحيث وجد نفسه مضطراً للاعتراف بذلك عندما لجأ إلى منح الطرابلسي جائزة التكريم الخاص وهي جائزة يعلن عنها لأوّل مرّة وكأنها جائزة «جبر خاطر« بحكم الواقع الذي يؤشّر حقيقة لتميّز الطرابلسي، وربما استحقاقه الفعلي للقب المدرب الأفضل.