في تلك الأيام المباركة التي نعيشها من شهر رمضان المبارك يجب ألا ننسى حقوق الجار، وفضل الإحسان للجيران، وفقاً لتعاليم الاسلام، وما زخر به موروثنا العربيّ والخليجيّ الأصيل من وصايا وحكم خالدة.
فعن عائشة ـ رضِي الله عنهاـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» .. (رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أمّ المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم: 6014، صحيح).. ذلك الحديث الشريف يلخص أخلاقيات الإسلام في التعامل مع الجار، والعلاقة المفروض أن تسود بين الجيران من مودة وتعاون ومحبة. ورُويَ عَن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (الجيرانُ ثلاثةٌ: جارٌ له حقٌّ واحدٌ وهو أدنَى الجيرانِ حقًّا، وجارٌ له حقَّان، وجارٌ له ثلاثةُ حقوقٍ وهو أفضلُ الجيرانِ حقًّا؛ فأمَّا الجارُ الَّذي له حقٌّ واحدٌ فالجارُ المُشرِكُ لا رحِمَ له وله حقَ الجِوارِ، وأمَّا الَّذي له حقَّان فالجارُ المُسلمُ لا رحِم له وله حقُّ الإسلامِ وحقُّ الجِوارِ، وأمَّا الَّذي له ثلاثةُ حقوقٍ فجارٌ مسلمٌ ذو رحِمٍ له حقُّ الإسلامِ وحقُّ الجوارِ وحقُّ الرَّحِمِ، وأدنَى حقِّ الجِوارِ ألَّا تُؤذيَ جارَك بقُتارِ قِدرِك إلَّا أن تقدَحَ له منها) . (رواه أبو نعيم، في حلية الأولياء، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 5/235، يؤخَذ به في فَضائل الأعمال). وحفل الموروث الشعبي العربي بالأمثال الشعبية التي توصي بالجار، ومنها « الجار قبل الدار» والذي يعني أهمية الجار في حياة الإنسان بحيث تسبق أهمية اختياره للمكان الذي نعيش فيه. فالجيران هم أقرب الناس سَكَناً، ولعلّ الجار بِسببِ قُربه من جاره أكثر مَعرفةً به وبِظروفه وما يَحصل عنده فور حدوثه، حتى أنّ الجار قد يَعلمُ عن جارِه أموراً تَخفى على أهلِه وأقرب النّاس إليه؛ ولذلك كانت للجيران أهميّةٌ وفضلٌ عظيم؛ فالجارُ صاحبُ الخلق والدّين من أسباب سَعادة الإنسان وراحته في بيتِه. فمن أدب الجيرة المعاشرةُ بالحسنى ومعايدتهم والوقوف بجوارهم في أفراحهم وأحزانهم، عدم التنصت حتى إذا كانت أصواتهم عالية ويسهل عليك سماعها، وعدم التطفل على الجار بكثرة الزيارات، والمكوث لساعات طويلة والخوض في تفاصيل حياته… وكذلك ضرورة الحفاظ على مشاعر الجيران وتوفير سبل الراحة لهم والهدوء، واختيار الوقت المناسب لتنظيف المنزل وتحريك الأثات، وتجنُّب القيام بهذه الأشياء ليلًا منعًا للإزعاج. كما أن للإحسان إلى الجار فضلاً عظيماً في الشّريعة الإسلامية، وقد أمر الإسلام بمُراعاة حقوق الجار بالإحسانِ إليه وعدم إيذائه، بل قرَنَ الإحسان إلى الجار في القرآن الكريم بالأمر بعِبادة الله سبحانه وتعالى، وبالإحسان إلى الوالدين، قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا). (سورة النساء، آية: 36).