بقلم : الدكتور معراج أحمد الندوي – الهند ..

الصوم برنامج تدريبي تربوي رباني، يساعد الإنسان ويدفعه على أن يتدرب على ضبط النفس والعفو والتسامح، ويهذب النفوس والقلوب ويضفي عليها روحاً أكثر تسامحاً وتقبلاً للغير، منوهاً إلى أن الصائمين يكونون في شهر رمضان المبارك كأنهم يتمتعون بروح رياضية، فيكونون أكثر تصالحا مع أنفسهم وأكثر تسامحا مع الآخرين، وهو ما يظهر في حياتهم العملية، حيث نجد الصائمين كأنهم في مرحلة التربية مع المحبة والاحترام والتراحم والتعاطف والتصالح والعفو والتسامح بشكل يفوق الأيام الأخرى من العام.

وللشهر المبارك فضل كبير في تغيير سلوك الناس، ندرك في هذا الشهر تغيرا واضحا في طريقة التعامل بين الناس تعتمد في جوهرها على العفو والتسامح، ويبدو الناس أكثر تسامحا فيما بينهم في جميع مناحي الحياة، وذلك نتاج طبيعي وسلوك عام يتميز به الشهر المبارك في حال وجودها والرقي في التعامل والحرص على أن يكون اللسان طيب الذكر لينالوا أجر الصيام كاملا.

إن شهر رمضان شهر مبارك تتهيأ فيه النفوس لتقبل على طلب العفو، وإن طبائع المسلم تعتبر النموذج الحقيقي للأخلاقيات والسلوك التي يجب أن يكون عليها طوال حياته من التحلى بالعفو والتسامح والتحاور بنفس راضية مع الآخرين .

إن هذا البرنامج الرباني يدرب الإنسان على ضبط انفعالاته، وفي إشباع هذا الدافع تحقيق لأبعاد نفسية هامة وبروز لخصائص بشرية إيمانية فعالة نجدها في التراحم أو صلة الرحم والتعاون والعفو والتسامح. فإن الصوم ينمي عند الإنسان عواطف هامة تلعب دور الدافعية مثل عاطفة الحب في الله فإن الإنسان الصائم يسلك ما يقربه إلى موضوع هذا الحب سواء أكان الموضوع إنساناً أو مادة أو كائناً ويبعده عن عاطفه الكراهية.

الصوم يدرب الإنسان على الكبت الإيجابي المتمثل في كظم الغيظ ، وكظم الغيظ فيه السبيل لنفس مطمئنة حيث لا تتأثر بألوان الأذى والعدوان فلا تنزع للانتقام أو كبت مشاعر وإضمار عدوان ، بل تحيل هذا كله إلى عفو وتسامح، وكظم الغيظ هو قمة الصبر لأنه يعني عدم التعبير عن انفعالات الإنسان عدوانا وانتقاما أو كراهية، ومن ذلك أن يعفو المسلم عمن ظلمه، ويصل من قطعه، ويعطي من حرمه ويجعل من الشهر الكريم فرصةً للعفو والتسامح.

إن شهر الصيام معناه أن يكظم الإنسان الغيظ وأن يعفو عن الناس وأن يتسامح ويتصالح مع من أساء إليه أو من كان على خلاف معه قبل رمضان.

إن شهر رمضان فرصة للمصالحة والمسامحة، ففيه يتصالح المسلم مع نفسه ومع الناس ويبدأ صفحة جديدة في حياته، ولم لا وهذا الشهر هو شهر العفو والتسامح والمحبة والسمو الروحي.

 

[email protected]