الدوحة – قنا:

 اختتمت الخيمة الخضراء التابعة لبرنامج «لكل ربيع زهرة» فعالياتها الرمضانية بندوة تحت عنوان «الاقتصاد والصناعة الخضراء بين المُتحقق والمأمول».

وناقشت الندوة التي شارك فيها عدد من المُتخصصين والخبراء والاقتصاديين مفهوم الاقتصاد والصناعة الخضراء والتشريعات والقوانين المنظمة لها وتجارب دولة قطر والتحديات الحالية والمستقبلية والمسؤولية المجتمعية لهذا القطاع.

وعرف الدكتور سيف علي الحجري رئيس برنامج «لكل ربيع زهرة» الاقتصاد الأخضر ودوره في توفير احتياجات المجتمع وتصويب الأنشطة الاقتصادية لتكون أكثر انسجاماً مع البيئة، كما استعرض خصائص هذا الاقتصاد وعلاقته التكاملية بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ودوره في زيادة الإنتاج وترشيد الاستهلاك وتحقيق التنمية المستدامة وعلاج التشوهات التجارية والصناعية.

وأشاد الدكتور الحجري بجهود دولة قطر في تحويل اقتصادها إلى اقتصاد مُستدام قائم على المعرفة من خلال رؤيتها الوطنية 2030 ووضع معايير بيئية للبنية التحتية، كما توسّعت في إنشاء المباني الخضراء، ووضعت اشتراطات بيئية صارمة للمنشآت الصناعية لتوفير الطاقة والتوسّع في استخدام التكنولوجيا ووسائل النقل الجماعي لتقليل الانبعاثات الكربونية والحد من الملوثات الصناعية.

واستعرض أهمية الاقتصاد الأخضر في إصلاح نظام التجارة الدولي وتعزيز المسؤولية المجتمعية والاستخدام الكفء للموارد وضمان ممارسات مُستدامة في الإنتاج والاستهلاك وتحفيز البحث العلمي والتكنولوجيا الخضراء.

وشدّد رئيس برنامج «لكل ربيع زهرة» على ضرورة استخدام الطاقة المُتجدّدة ودعم الاستثمار فيها ووقف هدر الطاقة والتقليل من انبعاثات الغازات الدفينة مع تطوير البنية التحتية وشبكات النقل العام والتوسّع فيها وفرض معايير لجودة الوقود.. لافتاً إلى أهمية جمع النفايات بصورة آمنة وإشراك الجمهور في تصنيفها من المنبع وعدم التخلّص العشوائي منها واعتماد إعادة الاستعمال والتدوير.

وبيّن الفوائد الكبيرة المُترتبة على تنظيم عمليات الصيد والعناية بالتكنولوجيا المُتعلقة بها وتطوير هذا القطاع من النواحي البشرية والبنية التحتية والتشريعية، إضافة إلى تطوير وسائل الري والاستفادة من التكنولوجيا والحد من استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية وتحسين إدارة المياه المعاد معالجتها.

ودعا إلى دمج المفاهيم الخضراء في المناهج التعليمية والاستثمار في الأبحاث ذات الصلة بالاقتصاد الأخضر وتطوير الابتكار في هذا القطاع مع التوسّع في إنشاء المباني الخضراء وتخضير وتشجير المدن.

من جهته، أوضح الدكتور علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن الاقتصاد الأخضر يُراد به أن تكون جميع أنشطة الإنسان مُتوافقة مع البيئة وصديقة للبيئة، مؤكداً على أن الاقتصاد الأخضر يكمله الاقتصاد الدائري بمعنى أن المصنوعات تكون قابلة للتدوير حتى لا تؤدي إلى الاستهلاك من دون منفعة.

وأوضح أن بعض الدول اليوم مثل السويد وصلت إلى مرحلة أكثر من 90 بالمئة من صناعاتها قابلة للتدوير والإدارة، مشيراً إلى أهمية تشجيع ثقافة تدوير الصناعات مثل (الخشب والنفايات ومثيلاتها)، وتخضير المدن.

وطالب القره داغي بربط الاقتصاد الأخضر بالاقتصاد الدائري لتحقيق سياسات استراتيجية وسياسات مرحلية، وذكر عوامل الاهتمام بالاقتصاد الأخضر التي تتمثل في حب الزراعة وغرس الأشجار والمحافظة على البيئة، وتخضير الصناعات والطاقة وجعلها صناعات صديقة للبيئة.

كما دعا إلى المُحافظة على الأرض والاهتمام بحقوق مخلوقاته سبحانه وتعالى سواء الحيوان أو الحشرات أو النبات، فلا يجوز للإنسان أن يُفسد فيها.. مضيفاً أن الفقهاء المُتعمّقين جعلوا الأمن بصورته العامة، أمن الإنسان والأمن الاجتماعي والأمن البيئي أيضاً من مقاصد هذه الشريعة، وأن الله سبحانه وتعالى جعل عقوبة شديدة على من يتعدى على الأمن البيئي فقال في مُحكم تنزيله: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا) المائدة (33)، وهو السعي في الأرض بالفساد والإفساد والإهلاك ويساوي مُباشرة محاربة الله سبحانه وتعالى ورسوله.

وفي تقديمه للندوة، قال الدكتور حسن علي دبا: إن الاقتصاد الأخضر قضية الأجيال وتمس كل البشر.. لافتاً إلى أن التقارير الأممية تشير إلى أنه لو استمر إهدار الموارد كما هو الوضع الحالي فسوف يعيش 4 مليارات إنسان في أماكن تعاني من النقص الشديد في المياه بحلول 2050 وسوف تزيد درجة حرارة الأرض من 3 إلى 6 درجات مئوية بنهاية القرن.

وأوضح أن الأخطار المُحدقة بالمزارع، والتمدّد العمراني، وقطع الأشجار والتغيّرات المناخية يمكن أن تقلل من نسبة تنوع الكائنات الحيّة بمقدار 10 بالمئة، وسيصبح تلوث الهواء والجسيمات العالقة من أهم أسباب الوفاة المُبكرة حول العالم.

وأضاف أن كل هذه الأسباب والمظاهر جعلت دول العالم في حاجة ماسّة لتغيير مسار صناعتهم والاتجاه نحو اقتصاد نظيف واستخدامات طاقات جديدة نظيفة وهو ما يتمثل في الاقتصاد الأخضر.

واستعرض المشاركون في الجلسة جهود دولة قطر في التوسّع بالأبنية الخضراء ودعم الأنشطة الاقتصادية المستدامة وتمويلها بنسب فائدة مُنخفضة، إضافة إلى عدد من التجارب الناجحة في مجال تدوير المُخلفات والأبحاث والدراسات المُتعلقة بالاستفادة من النفايات.

كما استمع المشاركون في الندوة إلى الطالب عجلان الكعبي من مدرسة عمر بن الخطاب الثانوية الذي عرض نتائج بحث شارك فيه مع جامعة قطر حول إعادة تدوير مُخلفات المصانع من الكربون الأسود والبلاستيك لصنع الأدوات الكهربائية اعتماداً على خصائص هذه المواد الفيزيائية ومُشاركته في عدد من المؤتمرات الدولية والجوائز التي حصل عليها.