ابن زايد يدعم الاستبداد ويمنع التحول الديمقراطي في المنطقة
الإمارات تحولت لدولة بوليسية استبدادية تسعى فقط لإسقاط إنجازات الربيع العربي

الدوحة – الراية:
قالت صحيفة لوبوان الفرنسية، إن ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، يتبع سياسة شاملة في العالم العربي من الجزائر إلى اليمن، قائمة على دعم القوى الاستبدادية بكل الوسائل، وخنق كل محاولة ديمقراطية في العالم الإسلامي؛ لتجنب أي عدوى ثورية يمكن أن تصل إلى بلده. وفي مقال له بالصحيفة قال الباحث في العلوم السياسية، سيباستيان بوسوا، من جامعة بروكسل الحرة، إن من يرى ما يحدث منذ أسابيع في المنطقة المتوسطية من العالم الإسلامي؛ من الجزائر إلى مصر، مروراً بالسودان، سيكون من الصعب عليه التنبؤ باحتمال وصول الديمقراطية إلى هذه المنطقة التي تعيش في معاناة متواصلة. ومع ذلك -يقول الباحث- فإن الإمارات اليوم هي الوسيط المثالي في حالات الأزمات، وتطبق العلاج نفسه في كل مكان؛ وهو “خنق الديمقراطية”. واستطرد يتحدث حول بداية انطلاق ثورات الربيع العربي، مبيناً أن رياح الأمل والحرية اجتاحت تونس وليبيا وسوريا واليمن ومصر، ولكن ذلك الأمل قد تلاشى اليوم، إلا في بعض البلدان التي تم إنقاذها بأعجوبة مثل تونس، التي لا تزال “تعيش بالمساعدة” و ”تحت النفوذ”. وقال الباحث السياسي إن التصور الذي يخالج الكثيرين بأن دولة الإمارات جزيرة ليبرالية في وسط أرخبيل من الملكيات الخليجية المحافظة ليس سوى خرافة.
وأوضح الباحث: أن “من وراء ناطحات السحاب البراقة، وصورة البلد المصقولة بعناية، تحولت الإمارات في السنوات الأخيرة إلى دولة بوليسية استبدادية لا تسعى فقط لإسقاط إنجازات الثورات العربية، بل تريد فرض أيديولوجيتها المكيافلية التي لا تقبل النقاش”. ونبه بوسوا إلى أن الإمارات لم تكتفِ بالاستعداد لإطلاق مسبار إلى المريخ، بل هي تسعى جاهدة لتوسيع نفوذها في جميع أنحاء العالم، ولقيادة حملة معادية للثورة على نحو أكثر نشاطاً وتشدداً؛ وذلك لعولمة عقيدة الأمن الخاصة بمحمد بن زايد، وتصديرها إلى جميع البلدان التي كانت تأمل تحقيق الديمقراطية. وبعقيدة بن زايد -يرى الباحث- أن الإمارات تحولت جزئياً إلى “إسبرطة صغيرة” في الخليج، بقوتها المعروفة في العصور القديمة، مع نشاطها الذي لا يعرف الهدوء ولا السلام.
وأشار الباحث إلى أن أبوظبي حاضرة في الحياة السياسية لجميع البلدان التي تمر بأزمة في المنطقة، بطريقة جعلت كل دولة من بلدان الربيع العربي تنهي الوضع المتزعزع الذي عانت منه في 2011. وأوضح: “ففي تونس التي استقرت وبدأت انتقالها الديمقراطي مع دستور جديد، تدعم أبوظبي بوضوح الرئاسة الحالية التي تواجه انتقادات على نطاق واسع في الداخل، وذلك ضد حزب النهضة الإسلامي الأول في البلاد” . وفي سوريا عادت الإمارات بعد سنوات من الحرب لدعم بشار الأسد، كما يقول الكاتب، مشيراً إلى أن مصر أيضاً -بدعم الإمارات- فقدت كل شيء بعودتها إلى الديكتاتورية تحت حكم عبد الفتاح السيسي، بعد ثورة 25 يناير المفعمة بالأمل. وأضاف: “حتى في الجزائر التي بدأت للتو ربيعها الجزائري الجديد، يلاحظ الشعب الباحث عن الديمقراطية أن رئيس أركانه، قايد صالح، لا يخفي اتصالاته مع محمد بن زايد، ولا حتى رحلاته العديدة إلى أبوظبي”. أما عن اليمن والسياسة “الإنسانية” التي تدعي أبوظبي أنها تنفذها منذ خمس سنوات بمساعدة الرياض، فقد تسببت هذه الحرب -حسب الباحث- بأسوأ كارثة إنسانية في العالم، حيث قُتل عشرات الآلاف من الأطفال وشُرد ملايين الأشخاص. وأخيراً يأتي دور ليبيا التي تزعم الإمارات أنها تملك الحلّ فيها، بحسب الباحث الذي أوضح أنه بسبب الإمارات لم يستطع أحد أن يجد أي حل للصراع، وأن الأمم المتحدة تحاول إدارة صراع تستحيل إدارته هناك. وما زال كشف هيئة الإذاعة البريطانية النقاب مؤخراً عن جرائم الحرب التي ترتكبها أبوظبي في ليبيا يُحدث ردود فعل قوية، وفق الكاتب، بعد عامين من فظائع السجون التي تمارس فيها الإمارات التعذيب باليمن. وختم الباحث موضوعه بالتساؤل: هل ينبغي أن يستمر العالم في التفرج بلا مبالاة تامة إلى إعادة أبوظبي رسم الشرق الأوسط الذي تحلم به، بغض النظر عن عدد الوفيات والفوضى؟ مشيراً إلى أن “المشروع” الإماراتي يقوم على تنصيب سلطات استبدادية جديدة في جميع أنحاء المنطقة ومنع التحول إلى الديمقراطية.