محمـد بـن زايــد مــوســـولـيـنــي الــعـصـــر
ابن زايد مهد الطريق لـ محمد بن سلمان وتحول إلى «وحش فرانكشتاين» وبات يهدد المصالح الأمريكية
تدخلات ابن زايد ضد ثورات الربيع العربي زعزعت الاستقرار في المنطقة

الدوحة – الراية:
رأت صحيفة “نيويورك تايمز” محمد بن زايد يتصرف وكأنه موسوليني العصر، حيث أشارت في تقرير مطول عن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان تناول الكثير من جوانب شخصيته وسياساته في المنطقة. ونقل التقرير “ عن خبراء وصفهم لابن زايد بأنه “يظن أنه ميكيافيلي ولكنه يتصرف كموسوليني”، في إشارة إلى أنه أصبح يمارس القمع والسلطة على غرار وطريقة ما كان يفعل الزعيم الفاشي موسوليني الذي انتهى أمره إلى الإعدام بعد هزيمته مع حليفه النازي هتلر في الحرب العالمية. كما نقلت الصحيفة عن تمارا كوفمان ويتس، المسؤولة السابقة بوزارة الخارجية الأمريكية والباحثة بمعهد بروكينجز، قولها إن الأمريكيين صنعوا من محمد بن زايد “فرانكشتاين” صغير، في إشارة إلى أن أسطورة “وحش فرانكشتاين” الذي هو “مخلوق هائل الحجم غاية في القبح، خُلق في مختبر جامعي، ثم قام المخلوق المسخ بالانتقام من صاحبه وأصدقائه وقتلهم” ، بحسب الرواية الأمريكية، ما يعني أنها تشير إلى أن ابن زايد أصبح يهدد السياسات والمصالح الأمريكية في المنطقة على الرغم من أنه يتلقى الدعم من واشنطن. وتناول التقرير المطول محمد بن زايد وسياساته وطبيعة شخصيته. وجاء في التقرير بأنه رغم خلافاته الحادة مع أوباما، ظل ابن زايد محتفظاً بعلاقة ودية مع أوباما، لكنه تجاهله في دعوته الأخيرة له وطار بدلاً من ذلك إلى نيويورك لحضور أول لقاء جمعه وجهاً لوجه مع جاريد كوشنر ومع غيره من مستشاري مرشح الرئاسة دونالد ترامب. ولترتيب تلك اللقاءات، توجه ابن زايد نحو الممول ريتشارد جيرسون، مؤسس فالكون إدج كابيتال، والذي عمل مع الأمير لسنوات، وكان في نفس الوقت صديقاً لكوشنر. وفي رسالة نصية خاصة كتبها بعد الانتخابات ووجهها إلى الأمير، قال جيرسون: “أنا موجود هنا باستمرار لأكون قناة خلفية موثوقة لعائلتكم في أي وقت تحتاجون لتمرير شيء بشكل سري”. كانت تلك واحدة من عدة رسائل حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز من طرف ثالث وأمكن تأكيد صحتها بشكل مستقل. في رسالة أخرى وجهها جيرسون إلى ابن زايد، وقع عليها بعبارة “جنديكم الوفي”. وكان من المفروض أن تظل تلك الرحلة طي الكتمان، إلا أن وكالات المخابرات تمكنت من تحري وصول الأمير، الأمر الذي صعق مستشاري السيد أوباما. إلا أن محمد ابن زايد كان قد انهمك حينها في جهد يستهدف قلب سياسات الإدارة، وبدأ يتحدث مع مستشاري ترامب حول مخاطر إيران وحول محادثات السلام الفلسطينية، بحسب ما يقوله شخصان اطلعا على تفاصيل الاجتماعات. وكتب جيرسون يقول للأمير بعد الاجتماعات: “لقد أعجبوا جداً بك وباتوا على قناعة بأنك صديقهم الحقيقي وحليفهم المقرب”. كان ابن زايد يقدم نفسه أيضاً كوسيط للمحادثات مع روسيا. ومازال المحققون يبحثون في مسألة الاتصالات التي كانت تقوم بها حملة ترامب مع شخص إسرائيلي مختص في التلاعب بمواقع التواصل الاجتماعي، والذي كان قد عمل مع الأمير محمد، وكذلك مع رجل أعمال أمريكي من أصل لبناني قام بدور المبعوث. بينما يقوم محققون آخرون بالتحقيق فيما إذا كان أحد كبار المتبرعين الجمهوريين، الذي عملت شركته الأمنية لصالح الأمير، كان يتوجب عليه أن يسجل بشكل قانوني بوصفه كان يعمل وكيلاً عنه. واستجوب مكتب المحقق الخاص راشد المالك، تاجر العقارات الإماراتي الذي يتخذ من لوس أنجيليس مقراً له والمقرب من الأمير محمد ومن شقيقه رئيس المخابرات الإماراتية. كما أن السيد المالك مقرب من صديق السيد ترامب توم باراك، ويتساءل المحققون ما إذا كان السيد المالك جزءاً من مخطط للنفوذ غير القانوني، بحسب ما صرح به شخصان على اطلاع بالمسألة. ويقوم تحقيق آخر، بدأ على إثر معلومات قدمها أحد الوشاة، بالبحث في إمكانية أن تكون الإمارات قد استخدمت وسائل التجسس على الإنترنت، والتي حصلت عليها من عملاء أمريكيين سابقين، للتجسس على مواطنين أمريكيين. ومع ذلك لم تتضرر علاقة الود التي بين إدارة ترامب والأمير، بل لقد حصل ابن زايد خلال العامين والنصف منذ لقائه الأول مع كوشنر على كل ما طلبه من البيت الأبيض. وعلى صعيد القضية الفلسطينية، قالت الصحيفة: إن مقترحات ولي عهد أبوظبي لـ ”السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هي جوهر خطة كوشنر للسلام”، والتي باتت تعرف بصفقة القرن. وأضافت الصحيفة: “ بن زايد، أول من قدم رؤية، لتسوية من الخارج للقضية الفلسطينية وتبنتها إدارة ترمب”. لم تسهم تدخلات الأمير محمد ما بعد ثورات الربيع العربي في تعزيز الاستقرار في المنطقة، بل لقد عاد بخفي حنين وبإحباط شديد مبعوثه إلى القاهرة، والذي أرسله ليساعد في تدوير الاقتصاد المحتضر هناك. مازالت الحكومة المصرية المسنودة من قبل العسكر عالة على مليارات الدولارات من المساعدات التي تأتيها من الإمارات ومن حلفائها الخليجيين، وعلى الرغم من المساعدة الإماراتية والضربات الجوية الإسرائيلية لم تتمكن القاهرة حتى الآن من القضاء على التمرد العسكري في شمال سيناء. لم يُجد الحصار على قطر نفعاً ولم يحملها على تغيير سياساتها. وأما في ليبيا، فقد علَق خليفة حفتر في مستنقع دموي من الصراع الذي بات عاجزاً عن حسمه. ونجم عن تدخل الأمير محمد في القرن الأفريقي إشعال المنطقة.
وفي الصومال، وعلى إثر مزاعم صدرت عن الحكومة المركزية الهشة بدفع رشاوي، انتقلت القوات الإماراتية إلى منطقة أرض الصومال شبه المستقلة. وفي السعودية، أحرج الأمير الإماراتي بما خلصت إليه وكالة المخابرات الأمريكية من أن صديقه ولي العهد السعودي هو الذي أمر بجريمة القتل البشعة التي تعرض لها خاشقجي، المعارض السعودي. وفي اليمن، تحول تدخلهم بعد مرور أربعة أعوام إلى ما يشبه المستنقع، مع تصاعد أعداد الضحايا بين المدنيين يوماً بعد آخر. ويقول عضو الكونجرس رو خانا، وهو نائب الحزب الديمقراطي عن كاليفورنيا: “لقد أصبحت الإمارات لطخة في ضمير العالم – فالإمارات كما تدار شؤونها اليوم باتت تنتهك كل أعراف وقيم العالم المتحضر”. كما ورد في تحقيق معمق لرئيس قسم الشرق الأوسط في نيويورك تايمز ديفد كيرك باتريك، أن ولي عهد أبو ظبي تدخل بمعركة ولاية العهد في السعودية كونه رأى في الرياض عقبة أمام توسع نفوذ بلاده الإقليمي، وبسبب الخلافات الحدودية بين البلدين. وحسب ما ورد في التحقيق، فإن ابن زايد دشن حملة علاقات عامة في واشنطن لتلميع صورة محمد بن سلمان، الأمير السعودي وغير المعروف في أميركا، حتى يؤمن له الطريق إلى ولاية العهد التي تولاها في يونيو 2017.