بقلم – مازن القاطوني
قليلة جداً تلك اللحظات المفصلية التي يترتب عليها تغيير ما جذري في حياتنا، سواء إلى الأفضل أو إلى غير ذلك، ومرحلة ما بعد الثانوية؛ تحديداً لحظة اختيارك المجال أو الكلية التي ستنتمي إليها تعد إحدى هذه اللحظات، وذلك لما يترتب عليها لاحقاً من أسلوب حياة متكامل ربما تحياه إلى آخر العمر.
لذلك على الطلاب وأولياء الأمور أن يتحلوا بالرزانة الكافية والتفكير المتعمق في ماهية المجال الذي يصلح له أبناؤهم، وذلك من خلال النظر مثلاً في المواد التي كانوا يحبونها أو من خلال النظر في الاهتمامات الخاصة والتطلعات التي لطالما حدثوهم عنها.
من جهة أخرى على الآباء والأمهات أن يمارسوا في تلك اللحظات دوراً إرشادياً توضيحياً غير ملزم، بما معناه ترك الحرية كاملة لأبنائهم في تحديد مستقبلهم واختيار المجال الذي يودون الانتماء إليه، كون هذا من شأنه أن يمهد لاختيار صحيح يبرعون فيه ويصلون من خلاله إلى أعلى المراتب.
من الجيد كذلك أن نضع في اعتبارنا حين الاختيار؛ المستقبل المهني المتوقع للكلية المختارة، فهذا أمر مهم في حسم الاختيار ما بين مجالين نحبهما، لكن لا يجب أن يكون هذا عاملاً حاسماً ينقلنا من اختيار نحبه إلى آخر بعيد عنا، ذلك أن الرزق في الأخير بيد الله، وأن ندرس ما نحب هذا هو الاختيار الأمثل في كل الأحوال، والذي ربما فتح لنا آفاقاً من نجاحات لم نكن لنتخيلها يوماً.
كذلك من الأمور المهمة التي يجب أن نلتفت إليها، هو أن النجاح والتميز ليس محصوراً على مجال بعينه، ففي رأيي كل المجالات مهمة ونحن من كل هذا نمثل الفارق الحقيقي، بإرادتنا وإيماننا بقدراتنا ؛ نستطيع أن نعبر كل الصعاب ونتوج أنفسنا بنجاح نستحقه.
وعلى كلٍ؛ لم تعد الحياة كما السابق، فمن فاته مثلا أن يدرس ما يحب، يستطيع بكل سهولة عبر منصات التعلم الحديثة عبر شبكة الإنترنت أن ينخرط في مسيرة تعلم موازية تمكنه في الأخير من تحقيق حلمه والانتقال من مجال لا يفضله إلى آخر يحبه، لكن نصيحتي الدائمة هو أن الوقاية خير من العلاج، وأن اختيار المسار الصحيح لنا بداية؛ حتماً سيوفر علينا كثيراً من الوقت والجهد.