بقلم – سامي كمال الدين
«الأمر لا يتعلق بالقضايا السياسية، سنتطرّق لها في الوقت المناسب، دعونا نحاول رؤية هذا الصراع وإمكانيات المنطقة بأكملها من منظورٍ مُغاير».. هكذا قال جاريد كوشنر صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مؤتمر « السلام من أجل الازدهار» الذي عُقد الأسبوع الماضي في البحرين، ووصفه البعض بأنه بداية لصفقة القرن، مع أن صفقة القرن بدأت منذ قرن من الزمان!.
وحتى التقرير الذي قدّمه كوشنر في ٤٧ صفحة ليس هو تقرير صفقة القرن.. تقرير صفقة القرن يقع في ١٧٥ صفحة، قام بإعداده وترتيبه الموساد الإسرائيلي بمشاركة خبراء وعسكريين من جيش الاحتلال الصهيوني، مع خبراء من اللوبي اليهودي في أمريكا وأوروبا.. والموضوع تم تجهيزه في القرن العشرين، لكن تنفيذه كان بحاجة إلى قادة مُخلصين مثل السيسي ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد… مُخلصون لإسرائيل طبعاً!.
في عام ١٩٨٣ وضع برنارد لويس خريطة جديدة للمنطقة، بعدها بعشرات السنين اسمتها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس الانفجار الكبير في الشرق الوسط.
الخريطة تقسّم المنطقة العربية، تقسيماً عرقياً ودينياً، وهو تقسيم خلاف تقسيم سايكس بيكو، تقسّمها إلى: شرق الدلتا مع سيناء للفلسطينيين، بإشراف وسيطرة إسرائيلية، وثلثا العراق .. وتقسيم السودان إلى شمال وجنوب.
التقرير أو الكتاب الذي أُعد بعد ذلك من ١٧٥ صفحة، وما عرفته بأن بنود صفقة القرن فيه تنص على الآتي:
١– تنازل مصر عن 720 ك م مربع من سيناء من رفح غرباً حتى حدود العريش
٢– تتنازل عن ٣٠ ك م من كرم أبو سالم حتى الحدود.
٣– يتنازل الفلسطينيون عن 12% من الضفة الغربية لصالح إسرائيل.
4- تحصل مصر على أرض في غرب النقب.
5- إنشاء مدينة جديدة لغزة تستوعب مليون نسمة.
6- تحصل مصر على ترابط بري تسمح إسرائيل من خلاله بشق نفق ضخم بمساعدة أمريكية أوروبية عربية يبلغ طوله 10كم تحت المياه قبالة إيلات وحتى الحدود الأردنية السعودية وسيربط النفق مصر برياً مع الأردن والعراق.
7- موافقة إسرائيل على إجراء تغيّرات محدودة باتفاقية كامب ديفيد.
هنا الأمر يتطلب:
إنشاء دولة فلسطينية تشمل المنطقة «أ» و»ب» وجزءاً من المنطقة «ج» منزوعة السلاح في الضفة. تكون السيادة الفلسطينية – عفواً سيادة فلسطينية بدون الألف واللام.. ستكون سيادة فلسطينية محدودة بإشراف إسرائيلي. مع بقاء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة.
استبدال القدس ب «أبو ديس» كعاصمة لفلسطين.. وينسى الفلسطينيون والعرب حق العودة.
في المقابل سيتم دفع تعويضات مالية..
وهنا يأتي دور دول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية التي ستموّل المشروع، وتدير وتشرف على المفاوضات الخاصة بالمسجد الأقصى وبقية المُقدّسات الدينية، التي يُشرف عليها ملك الأردن، ويستمد شرعيته منها.. أو ما يُسمى بالوصاية الهاشمية..
الصحفي الأمريكي مايكل وولف في كتابه «النار والغضب» كتب هذه القصة، لكن ملك الأردن رفضها.
ومن هنا بدأت الضغوط السعودية على ملك الأردن، كانت المملكة تقدّم للأردن مساعدات بقيمة ٤٧٥ مليون دولار عام ٢٠١٥.. عام ٢٠١٧ خفّضت هذه المساعدات ل ٣٠٠ مليون دولار، ودفعت للأردن فقط ١٦٥ مليون دولار لكي تضغط عليه ويستجيب وينفذ صفقة القرن .. الأردن لم يستجب لضغوط mbs فقطعت عن الشعب الأردني مُساعدات بما قيمته ٢٥٠ مليون دولار.
بعد ذلك أعلن ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس كاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، عقدت تركيا قمة إسلامية، ضغطت السعودية على ملك الأردن لكي لا يحضر.
بعد قرار ترامب نقل السفارة خرج الشعب الأردني عن بكرة أبيه بمظاهرات شعبية برلمانية في شوارع الأردن بطلب حكومي.
بعدها وَجّهت الرياض دعوة خاصة، للملك عبدالله ملك الأردن، لأن مفاتيح القدس في يد الأردن، وكمان الأردن حليف إقليمي له وزنه، فدعته السعودية لقمّة مكة، وخلال مؤتمر لندن قدّمت مُساعدات بلغت ٢.٥ مليار دولار، تم إيداعها في البنك المركزي الأردني ليتخطى أزمته الاقتصادية.
أيضاً مؤتمر وارسو الذي رفضت فلسطين حضوره، وحضرته إسرائيل مُمثلة في نتنياهو كان للضغط على الأردن للقبول بصفقة القرن وبنودها، لذلك يجب مُساندة الأردن وليس فلسطين فقط، لأن صلابة موقفه إزاء صفقة القرن تحترم.
وأراني أؤيد كوشنر في قوله، هي ليست صفقة قرن، ولكنها فرصة القرن، لأن الصفقة تكون بين طرفين مُتعادلين، وليس مع طرف مُتوحّش وظالم وقاتل أطفال ومعه القادة العرب، وطرف آخر ضعيف لكن معه الحق كل الحق.
نحن في لحظة مفصلية في تاريخنا، فإما تمرير هذه الصفقة، لينتهي بعدها العرب تماماً، وإما مُساندة فلسطين والأردن، ومؤازرة ملكها في موقفه منها، ليحيا العرب وتبقى فلسطيننا.
إعلامي مصري
@samykamaleldeen