
بقلم : سامي كمال الدين (إعلامي مصري) ..
بين ليلة وضحاها صار محمد علي البطل الشعبي للشعب المصري، حرك في مصر ركودها السياسي والإعلامي.. أصبح رمزاً للشباب.. بدل الأولاد والبنات صور «البروفايل» الخاصة بهم إلى جانب صورة محمد علي !.
كأنه إعصار قادم من هناك، في برشلونة، حيث يعيش ويصدر فيديوهاته للعالم، ارتبك نظام السيسي، تاه إعلامه، علّق عمر طاهر في المصري اليوم بأنه ما حدث للإعلام المصري في مواجهة فيديوهات محمد علي يشبه ما حدث لطائرات الجيش المصري « طيارتنا ضربت وهي على الأرض.. وهي واقفة مكانها».. وهو تعبير بليغ، فقد هاجمنا الصهاينة عام 1967 وضربوا الطيران وهو واقف مكانه محلك سر، وهو ما حدث لنظام وإعلام السيسي.
أول ما فعل السيسي هو اتباع سياسة شوبنهاور» كيف تكون دائماً على صواب» بالالتفاف وإشغال الناس بشيء آخر، فتم استدعاء المستشار عماد أبو هاشم من تركيا، ليظهر في حلقات تلفزيونية مع أحمد موسى يتناول الإخوان وأسرار المعارضة في تركيا، فإذا بالحلقات الثلاث تضيف للإخوان ولا تخصم من رصيدهم!
قبل أن يرتب المستشار عماد حقيبة ملابسه ويلحق بالركب المرتحل إلى الشيطان، كان لابد من إسعاف عاجل، فبحثوا في عائلة محمد علي وجاءوا بوالده ليجلس أمام أحمد موسى موجهاً حديث أب لابنه يطلب منه التوقف، والعودة إلى مصر فوراً، وأن يعتذر للرئيس وللنظام…
حلقة الأستاذ علي عبد الخالق التلفزيونية مع أحمد موسى في قناة صدى البلد أضافت لمحمد علي أيضاً، ومنحته مصداقية أكبر، بدلاً من أن تخصم من رصيده، زادت رصيده عند الناس.
فوالد محمد علي يقول: لو لم نكن نعمل مع الجيش، لاتهمنا الناس بأننا نتاجر في المخدرات بسبب المليارات التي لدينا.
إذن المعادل للعمل مع الجيش من حيث الثراء السريع هو تجارة المخدرات!
وراح الناس يتساءلون في جنون مقاول صغير حصل على كل هذه المليارات فكم حصل عليه جنرالات الجيش وقطاع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة؟!
ولما فشل استدعاء والد محمد علي جاءوا بشقيق محمد علي ليتحدث عن أن محمد علي آكل مال اليتامى وسرق أموال شقيقه المتوفى وترك أولاده، فكان رد محمد علي: الذي يشرف على مال شقيقه هو المجلس الحسبي، فهل هو فاسد أيضاً ليتركني أسرق مال وورث شقيقي؟!
فشل استدعاء مصطفى بكري بتغريدات خائبة على تويتر، وفشلت اليوم السابع تماماً، سقطت سقوطاً مروعاً أمام لكمات محمد علي، فراحت تجيء بالشاعر إسلام خليل الذي يكتب أغاني شعبان عبد الرحيم، ليلقي قصيدة هجاء في محمد علي وفشل أيضاً..!
هنا قرر الجنرال أن يخرج من متاهته، عقد العزم، أعد العدة، وتفتق ذهن اللواء عباس كامل عن فكرة جهنمية، وهنا صرخ الجنرال « هاتوا لي الشباب بتوعنا.. سوف نعقد مؤتمراً للشباب».
قرر السيسي أن يرد بنفسه على محمد علي، وهو منزلق جديد نجحت السوشيال ميديا في جر السيسي إليه، بتفعيل هاشتاج #رد_على_محمد_علي_يا_سيسي.
خرج رئيس الجمهورية ليضع نفسه في مواجهة المقاول الشاب، عقد مؤتمر الشباب، تناول في جلسته الأولى الإرهاب ومواجهته، وانتقل في جلسته الثانية للرد على الشائعات وكيفية مواجهتها في بناء الأمة، ودخل سريعاً إلى موضوع محمد علي، الذي كان يطغى على ذاكرته طوال الوقت، أجاب السيسي ولم يجب.. تناول الموضوع ولم يتناوله.. قال إنه بالفعل يبني قصوراً رئاسية متعددة، لكنه لا يبنيها لنفسه، فهو غير مخلد، ولكن يبنيها لمصر.. « أنا ببني دولة جديدة»، لم يكن سؤال محمد علي أو السوشيال ميديا: السيسي يبني القصور والفيلات أم لا، فالشعب تيقن من ذلك.
كان السؤال كيف تبني كل هذه الصروح والفيلات وتطلب من الشعب التبرع ودعم الدولة، ومعايرة الشعب بالفقر والجوع.
سأله محمد علي عن دفعه ٢ مليون و٣٠٠ ألف جنيه لبناء مدخل وسور لقبر والدته، وتركها عدة أيام في الثلاجة حتى ينتهي من احتفال قناة السويس.
كرر السيسي الحكاية دون نفي أو إجابة، ودون أن يكشف المبالغ التي دفعت للقبر، ودون أن يخبرنا كيف دفع من مال الشعب الملايين في شيء خاص به.
رئيس وزراء في الغرب حوسب على ماكينة قهوة اسبرسو خاصة في مكتبه، وسأله شعبه من أين لك هذا، ورئيس دولة يصرف المليارات، على مشروعاتٍ الدولة ليست بحاجة إليها، واقتصادها ينهار، ويعاني شعبها من أزمات واقتراض خارجي من صندوق النقد وغيره، وتريليونات من الديون، وهو مشغول ببناء قصور فرعون وهامان!
السيسي مرتبك.. خائف.. حائر.. يوجه رسائله للجيش وليس للشعب، ما يعنيه البقاء والخلود ومن يمسك بالبندقية ليحميه.. هو رجل غير مهتم بشعبه ولا يراه.
samykamaleldeen@