كتب- عبدالمجيد حمدي:
كشفت الدكتورة فوزية الخلف استشاري أول والمدير الطبي لقسم السكري والغدد للأطفال في سدرة للطب عن تسجيل 135 حالة إصابة جديدة سنوياً بالسكري بين الأطفال، لافتة إلى أن 80% من الحالات تكون من النوع الأول، في حين يندرج 20% منها تحت النوع الثاني الذي يرتبط بنمط الحياة. وقالت في حوار مع [ إن عدد الأطفال المصابين بالسكري في قطر الذين تم حصرهم حتى اليوم بلغ حوالي 1089 طفلاً لافتة إلى أن الأعداد تتزايد سنوياً بمعدلات تزيد من عام لآخر، حيث تم خلال العام الماضي تسجيل حوالي 135 حالة إصابة جديدة، وفي العام الحالي وقبل شهرين من انتهائه تم تسجيل حوالي 134 حالة مما يشير إلى زيادة ملحوظة في عدد الإصابات. ولفتت إلى أن خدمة الأطفال المصابين بالسكري والغدد تنقسم إلى قسمين هما قسم المرضى الداخليين للحالات التي تتطلب تنويماً بالمستشفى، وقسم العيادات الخارجية ويضم حوالي 34 عيادة على مدار الأسبوع، موضحة أن هؤلاء المراجعين ليسوا حالات جديدة بل إن الغالبية العظمى فيهم عبارة عن زيارات متكررة لمتابعة حالاتهم الصحية. وأضافت أنه يتم استقبال الحالات من خلال تحويلات أقسام طوارئ الأطفال المنتشرة في أرجاء الدولة أو من خلال المراكز الصحية وقسم الطوارئ في سدرة، لافتة إلى وجود عيادة خاصة لاستقبال الحالات الطارئة المصابة بالسكري والتي تحتاج إلى تدخل عاجل.
وقالت د. الخلف إن السكري ينقسم إلى عدة أنواع، النوع الاول منه يكون نتيجة عوامل جينية وبيئية ومناعية مجتمعة ويؤدي إلى نقص إفراز هرمون الأنسولين من البنكرياس، فيؤدي ذلك إلى ارتفاع مزمن في السكر بالدم، وهو المركب الأساسي الذي يولد الطاقة للمخ وباقي خلايا الجسم وليس له علاج إلا الأنسولين، والنوع الثاني وغالبًا يصاب به الكبار، ولكن هناك حالات معينة من الأطفال يصابون به ومنهم من تجاوزوا ال12 عامًا أو الأطفال المصابون بالسمنة المفرطة وسببه ضعف مستقبلات الأنسولين ويكون نتيجة لنمط الحياة غير الصحي. ولفتت إلى أن هناك نوعاً ثالثاً من السكري ويكون نتيجة وجود جين معين يولد به الطفل ويكون به خلل في إفراز الأنسولين، موضحة أن النوع الأول هو الأكثر انتشاراً بين الأطفال مادون سن 18. وحول أسباب الإصابة بالسكري من النوع الأول قالت الدكتورة فوزية الخلف إنه حتى الآن لا يوجد سبب علمي واضح ومؤكد للإصابة بالمرض، ولكن هناك نظريات تشير إلى وجود عوامل عدة منها ميول وراثية للإصابة بالسكري، وأسباب بيئية مثل الإصابة بفيروسات معينة تقوم بتنشيط جهاز المناعة بالجسم والذي يقوم بإفراز أجسام مضادة تهاجم البنكرياس وتؤدي إلى فشل خلايا بيتا المسؤولة عن إفراز الأنسولين، وقد تحدث هذه العملية بسرعة أو على مدى سنوات وعندما يتم تدمير 85٪ إلى 95% من خلايا البيتا، لا يمكن للجسم إنتاج ما يكفي من الأنسولين مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم.
ولفتت إلى أن النوع الثاني من السكري يكون نتيجة لضعف إنتاج الأنسولين بالجسم ويحدث نتيجة للإصابة بالسمنة وقلة الحركة ونمط الحياة غير الصحي موضحة أن معدل الإصابة بين الأطفال بهذا النوع في قطر لا تتعدى 20% في حين أن النسبة في النوع الأول تصل إلى 80%.
حالات شفاء للسكري من النوع الثاني
أوضحت أن مرض السكري مرض مزمن لا يمكن الشفاء منه خاصة في النوع الأول، أما النوع الثاني فيمكن الشفاء منه إذا تم تشخيصه مبكراً، وفي حال الالتزام بالعلاج وبنمط حياة صحي من التغذية الصحية وممارسة الرياضة بمعدل ساعة يومياً وقد حدثت بعض حالات الشفاء في الفترة الماضية ولكن في الوقت الحالي نجد أن هناك حالة من عدم الالتزام بنمط الحياة الصحي وهو ما لا يسهم في الشفاء، موضحة أنه في حال التشخيص مبكراً والتدخل العلاجي في الوقت المناسب فإن هناك احتمالات بحدوث الشفاء.
وحذرت من تحول النوع الثاني للسكري إلى النوع الأول في حال ارتفاعه نتيجة لعدم الالتزام بالعلاج وبنمط حياة صحي، مما يؤثر على خلايا بيتا التي تفرز بعض الأنسولين وتؤدي لتدميرها، ومن ثم ينتقل المريض من النوع الثاني للمرض إلى النوع الأول ومن ثم يحتاج إلى العلاج بالأنسولين.
وأشارت إلى أنه يتم اجراء فحوصات لأجهزة الكلي والعيون والقدمين للحالات المصابة للأطفال عند سن البلوغ وفقا للمعايير العالمية موضحة وجود عيادات الكلى والعيون لهذا الغرض.
أجهزة حديثة لمراقبة مستوى السكري للأطفال
قالت إن اكتشاف المرض يكون من خلال الملاحظة من قبل الآباء والأمهات مثل كثرة شرب الماء وكثرة الذهاب للحمام وفقدان الوزن، موضحة أن سدرة للطب يقوم بإجراء اختبارات جينية لجميع الحالات لتحديد نوعية الأدوية المناسبة لكل حالة.
وأضافت أن هناك بعض الأجهزة الحديثة التي يمكن استخدامها في الأطفال لقياس السكري يومياً بدون الحاجة لاستخدام الوخز الروتيني بالإبر التي قد تكون مزعجة ومؤلمة للكثير من الأطفال، موضحة أن الأجهزة الحديثة تعطي إنذارات في حال هبوط أو ارتفاع معدل السكري، كما أنها تكون مرتبطة إلكترونياً بأجهزة التليفونات الذكية الخاصة بأولياء الأمور ما يجعلهم قادرين على متابعة حالات أبنائهم عن بعد. وتابعت الدكتورة الخلف حول الجديد في العلاجات الموجودة في قطر للسكري: إن مضخة الأنسولين المزودة بالحساسات هي أحدث التقنيات العالمية في هذا الصدد وهي تعطي جرعات أنسولين كل ساعة للمريض وجرعات أنسولين أخرى قبل الوجبات الرئيسية، وعند ارتفاع السكر في الدم، حيث تقوم الحساسات بقياس السكري بالجسم كل 5 دقائق، ولكن لابد أن يقوم المريض بقياس السكري مرتين باليوم، ولفتت إلى أن المضخة مزودة بكارت ميموري يسجل كافة القياسات للسكري بالدم ويمكنه تخزين المعلومات لفترات طويلة من الوقت تصل إلى شهور.
رعاية خاصة للأطفال المصابين في المدارس
أوضحت أن هناك لجنة خاصة تم تشكيلها من مؤسسة الرعاية الصحية الأولية ووزارة التعليم والتعليم والجمعية القطرية للسكري وسدرة للطب تُعنى بحقوق الأطفال المصابين بالسكري بالمدارس، حيث قامت بوضع دليل إرشادي لحقوق الطفل المصاب بالسكري في المدارس، وتجتمع اللجنة بشكل دوري لمتابعة أمور الأطفال المصابين بالسكري بالمدارس من خلال إجراءات إرشادية محددة لضمان عدم تدهور الحالات المرضية للأطفال المصابين بالسكري.
الخلايا الجذعية ما زالت في مرحلة التجارب
حذرت الدكتورة الخلف من الانسياق وراء الشائعات والعلاجات الجديدة الخاصة بالخلايا الجذعية لعلاج السكري، مشيرة إلى أن هذه التقنية ما زالت في طور التجارب، وأن ما تم إجراء التجارب عليه وثبت نجاحه بالفعل وسيتم تطبيقه قريباً هو البنكرياس الصناعي وهو أشبه بمضخة الأنسولين ولكنه لا يحتاج إلى قياس للسكري من جانب أي أحد.
كما حذرت من الانسياق وراء الوصفات الشعبية غير المعروفة وعدم الوثوق بالأنباء التي تتناولها مواقع التواصل الاجتماعي بل لابد من استشارة الطبيب في أي جديد يظهر في علاج السكري.
وقالت إن هناك أبحاثاً كثيرة يتم العمل عليها في قسم سكري الأطفال ومنها إجراء مسوحات حول العدد الفعلي للمصابين بهدف عمل حصر شامل لهم وتحديد نوعية السكري التي يعانون منها هل هو الأول أو الثاني أو الجيني، ثم عمل تحليلات جينية وأجسام المناعة للحالات المصابة.
15 % نسبة انتشار السمنة بين الأطفال
تابعت د. فوزية الخلف إن القسم يقوم باستقبال حالات الأطفال المصابين بالسمنة لتوفير العلاجات المناسبة لهم خاصة للحالات الأقل من خمس سنوات والتي تكون نتيجة لوجود عامل جيني، موضحة أن السمنة بين الأطفال أصبحت ظاهرة كبيرة نتيجة للاعتماد على الوجبات السريعة وعدم ممارسة أي نشاط بدني مما يؤدي للإصابة بالسمنة، موضحة أن 15% على الأقل من الأطفال في قطر مصابون بالسمنة وهو معدل كبير.
وناشدت الآباء والأمهات بأن يكونوا على وعي كبير بكيفية التعامل مع أبنائهم المصابين بالسكري وعدم ترك الأطفال يقومون بقياس مستوى السكر في الدم لأنفسهم حيث يجب أن يتم قياس السكر للأطفال 3 مرات يوميًا، وأن يتعاملوا بصبر مع هذه الحالات بدءًا من التقبل النفسي لها ووصولًا إلى تثقيف أبنائهم بالتعامل مع المرض، لأنه مرض مزمن سوف يظل طول العمر معهم، كما أنه لابد أن يتم التواصل مع المدرسة التي يدرس فيها الطفل المصاب بالسكري وتزويدهم بالإرشادات الطبية والعلاجات التي يتناولها الطفل.