صيحة سرايا القدس تزلزل إسرائيل
صواريخ سرايا القدس والفصائل الفلسطينية ترد على اغتيالات قادتها
خبراء: عملية «صيحة الفجر» لقنت العدو الإسرائيلي دروساً قاسية
المقاومة أدارت المعركة بشكل منفرد وبذكاء كبير وبقدرات مدروسة
عناصر الجهاد الإسلامي أحدثت صدمة نوعية للجبهة الداخلية الإسرائيلية
الصحف العبرية تطالب بتحقيق حول العجز الإسرائيلي عن وقف الصواريخ
شكَّلت صفعة سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي التي وجهتها للاحتلال الإسرائيلي حدثاً فارقاً في العام 2019، إذ شهد العالم كيف أنَّ أبناء المقاومة الفلسطينية جعلوا الكيان الإسرائيلي يجثو على ركبتيه على تخوم غزة المحاصرة.
ودكت سرايا القدس وفصائل فلسطينية أخرى البلدات والمدن الإسرائيلية، بعد جريمة اغتيال القيادي البارز في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا بمنزله شرقي مدينة غزة، ومحاولة الكيان اغتيال عضو المكتب السياسي ورئيس الدائرة العسكرية في الداخل والخارج أكرم العجوري في دمشق. وتمكنت المقاومة الفلسطينية على أثر العملية الجبانة إطلاق مئات القذائف الصاروخية باتجاه أهداف إسرائيلية بين «غلاف غزة» و«تل أبيب» تلك البقرة المقدسة التي لم تكن تحلم إسرائيل أن يمسها «أي سوء لكن بمعية الله وسواعد المجاهدين أصبحت من الأهداف الأكثر سهولة ومعرضة في أي وقت لتكون تحت ضربات المقاومين. يشار إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أذعنت في حينها لشروط المقاومة الفلسطينية المتمثلة بوقف العدوان الإسرائيلي، إلى جانب عدم استهداف المشاركين في مسيرات العودة، ووقف سياسة الاغتيالات.
فرض معادلات
ورأى خبراء عسكريون وسياسيون في أعقاب معركة صيحة الفجر أنَّ سرايا القدس تمكنت من فرض معادلاتها على «إسرائيل» وكسرت هيبة جيشها، وتمكنت من تكبيدها خسائر على أكثر من مستوى.
الخبير في الشأن العسكري اللواء واصف عريقات يرى أن معركة «صيحة الفجر» التي قادتها سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وفصائل فلسطينية أخرى تمكنت من إحداث إرباك كبير في صفوف الإسرائيليين، مشدداً على أن المعركة فرضت قواعد اشتباك جديدة مفادها «قطرة دم في غزة تعني صاروخا في العمق الإسرائيلي». وأوضح الخبير عريقات أنَّ الدرس القاسي الذي تلقته قيادة الاحتلال من سرايا القدس في هذه الجولة، أحدث إرباكاً في صفوفهم، وكسر هيبة «إسرائيل». وذكر عريقات أنَّ وجود «إسرائيل» مبنيٌ على القوة العسكرية، وحينما تُضرب هذه القوة، فإن ذلك يعني أن هيبة العدو المحتل تبخرت.
حكمة السياسة
في السياق، علق الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو على معركة صيحة الفجر قائلاً «إن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وجناحها العسكري سرايا القدس أدارت الجولة الأخيرة من الصراع على المستوى السياسي والعسكري بحكمة سياسية عالية محسوبة النتائج، وبراعة قتالية كبيرة شلت نواحي الحياة في الكيان». وأوضح عبدو أن إدارة المعركة الحكيمة في الرد المدروس والمعقول مكَّنَ الجهاد الإسلامي من إفشال مساعي نتنياهو ما أدى لوضعه في الزاوية، ليس ذلك فحسب بل أشار عبدو أن المعركة الحكيمة تمكنت من تثبيت قواعد اشتباك لصالح المقاومة، حاولت «إسرائيل» تغييرها من خلال العودة لسياسة الاغتيالات.
وقال الكاتب عبدو: «نجحت حركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس بإدارة المعركة بشكل منفرد وبذكاء كبير، وبقدرات مدروسة لتحقيق الهدف المتمثل في تعقيد الحياة اليومية في معظم المدن والبلدات الإسرائيلية، وإغلاق المنافذ الجوية والبحرية»، مشيراً إلى أنَّ الجهاد الإسلامي أدخلت القيادة الإسرائيلية في أزمة داخلية حقيقة، إذ لم يكن باستطاعتها توسيع ردها على قطاع غزة خوفاً من دخول حماس بكامل قوتها في المواجهة والذهاب نحو مواجهة واسعة، ما اضطرها للبقاء رهن ضربات الجهاد الإسلامي والقبول بشروطها التي وضعتها على الطاولة. ويرى عبدو أن رد سرايا القدس تضمن استراتيجية الحرب طويلة الأمد، لافتاً إلى أن الجهاد الإسلامي وسرايا القدس أدارت المعركة بشكل مدروس وحكيم ودقيق لإخضاع الاحتلال لإرادته المقاومة، ولمنع نتنياهو من تحقيق أي مكسب سياسي، إلى جانب منع «إسرائيل» من الخروج من مأزقها في التشكيل الحكومي عبر الضغط على الجبهة الداخلية للوم نتنياهو وفريقه على هذه الجريمة.
وقال: استطاعت حركة الجهاد الإسلامي بفضل تضحياتها وتضحيات مقاتليها من عناصر سرايا القدس، وبفضل موقف الفصائل الفلسطينية جميعاً الذي أعطى شرعية الرد للجهاد وفوضته بالكامل بتقدير حجم الرد ومداه كل ذلك ساعد الجهاد أنْ يُملي إرادته على إرادة الاحتلال، الذي أذعن بالفعل لشروط الجهاد الإسلامي التي أبلغت للوسط المصري .وفي نهاية حديثه، ذكر عبدو أن الجريمة الإسرائيلية باستهداف المنظومة العسكرية للجهاد الإسلامي في الداخل والخارج جريمة مثلت إعلان حرب، وحملت انعكاسات خطيرة، غير أن ذكاء وحكمة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس أفقدتها تأثيرها، وأفرغتها من مضمونها.
رد صاعق
أكَّد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني شاكر زلوم أنَّ حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وجناحها العسكري سرايا القدس استطاعت أن تلقن العدو الإسرائيلي دروساً قاسية على جميع المستويات، مشدداً على أن رد سرايا القدس بشكل منفرد على العدو الإسرائيلي كان صاعقاً ومزلزلاً وموجعاً للإسرائيليين على جميع الصُعد. وأوضح الكاتب زلوم في حوار مع وكالة فلسطين اليوم الإخبارية أنَّ ردود الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري سرايا القدس باتت تمثل رعباً وكابوساً للاحتلال الإسرائيلي، الذي يصعب عليه تطويع تلك الحركة الصعبة على الاحتواء.
وأكد أن قوات الجهاد الإسلامي تمكنت من إحداث صدمة نوعية للجبهة الداخلية الإسرائيلية بعد أن تمكنت من شل مفاصل الحياة في الكيان، وإنزال الإسرائيليين في الملاجئ، مع الفشل الذريع لمنظومة القبة الحديدية وجيش الاحتلال في تأمين حياة السكان أمام فصيل عسكري منفرد. وأوضح زلوم أن معركة «صيحة الفجر» أتت في سياق الرد الطبيعي على عدوان الفجر، قائلًا «اعتدى العدو الصهيوني اللئيم في اعتداء موصوف على تعهدات سابقة بعدم القيام باغتيالات، وكما عادته بنكث العهود قام باستهداف الشهيد القائد بهاء أبو عطا في غزة، ومحاولة اغتيال القائد أكرم العجوري في دمشق، ما أدى لارتقاء الشهيد بهاء وزوجته وكما بارتقاء ابن القائد العجوري الشهيد مُعاذ ليس غريباً أن ينكث اليهود الصهاينة بعهودهم.
وعن دوافع العدوان، أشار إلى أن الهدف واضح للقاصي والداني فنتنياهو المأزوم سياسياً والملاحق بقضايا الفساد قانونياً وجد في العدوان وسيلة للخروج من مأزقيه السياسي والقانوني، كنتيجة للأزمة السياسية في عدم تمكن نتنياهو للمرة الثانية من تشكيل حكومة نتيجة للانقسام العامودي بين اليمين الصهيوني، مشيراً إلى أن نتنياهو الذي يخشى انتهاء حياته السياسية لجأ للهرب من أزمته بالعدوان على القادة الأبطال ظاناً ومتوهماً أن حركة الجهاد وسرايا القدس هما مكسر العصا للخروج من محنته وأزماته. «إسرائيل» تقر
في السياق، حذرت صحيفة «معاريف» العبرية من خطورة مواصلة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة تسلحها بصواريخ نوعية، مشددةً على أنه يتوجب توجيه ضربة استباقية لهكذا قدرات. وجاء على لسان المحلل العسكري في الصحيفة «تال ليف رام» أن موجة التصعيد الأخيرة كشفت عن تطور نوعي وجوهري في القدرات الصاروخية للفصائل الفلسطينية، واصفاً هذا التطور بالخطير وأنه يدق ناقوس الخطر. ودعا المحلل إلى ضرورة توجيه ضربات للقدرات الصاروخية في القطاع كخطوة استباقية ودون انتظار الجولات القادمة وقالت إنه «يتعين على الحكومة الرد على لجنة تحقيق رسمية، حول قراراتها وكيف ظل الإسرائيليون عرضة للصواريخ، وغير قادرين على الحفاظ على روتينهم اليومي»، مشيرة إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ورئيس الشاباك أيدا عملية اغتيال بهاء أبو العطا. وأكدت «يديعوت» أن موافقتهما لم تخضع لأي اعتبارات سياسية مرتبطة بالأزمة الإسرائيلية الراهنة، منوهة إلى أن المسؤولين الاثنين عارضا مثل هذا الهجوم في سبتمبر الماضي، حينما أطلقت حركة الجهاد الإسلامي صواريخ على أسدود، وأحرجت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أجبر على الفرار من المسرح خلال تجمع حاشد. وأوضحت الصحيفة أنه «كان في ذلك الوقت، سيؤدي قتل القائد العسكري الفلسطيني، إلى اندلاع الحرب، وكان يتطلب ذلك موافقة مجلس الوزراء الأمني» .