ميركل ستغادر السياسة الألمانية في حالة مؤسفة
إعلان ميركل عدم الترشيح قد يؤدي إلى فقدان ألمانيا لدورها القيادي
لندن-وكالات:
قالت صحيفة صانداي تايمز إن المُستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ستغادر وتترك السياسة الألمانية في حالة مُؤسفة، وكتبت الصحيفة البريطانية بهذا الصدد: “كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعرب عن أمله في أن يتسنّى له قيادة أوروبا في اتجاه جديد مع مجموعة من الإصلاحات الداخلية والأوروبيّة. وأراد من خلال ذلك الاستفادة من الفراغ الذي سوف ينشأ في عام 2021 مع رحيل أنجيلا ميركل بصفتها مُستشارة ألمانيا الاتحادية. وكان ذلك هدفًا مرحبًا به، ولكن لم يتم خلاله مُراعاة مُشكلاته العميقة داخل بلاده”. وتابعت الصحيفة البريطانية: “وفي نفس الوقت، يجب موازنة النجاحات الانتخابية التي حقّقتها ميركل بصفتها مستشارة طويلة الأمد في مُواجهة حالات سوء التقدير الجسيمة، فردُّ فعلها على أزمة اللاجئين في عام 2015 قوّض التكاتف في الاتحاد الأوروبي، وجهودها لصالح خط أنابيب الغاز (نورد ستريم) من روسيا إلى ألمانيا تمثل خطرًا على حلف شمال الأطلسي ولشرق أوروبا”. وأضافت الصحيفة: “ستترك ميركل السياسة الألمانية في حالة مؤسفة. في إطار منصبها، تعزّزت قوة حزب البديل من أجل ألمانيا (اليميني المعارض) في أقصى اليمين، بينما انجرف الاشتراكيون الديمقراطيون، حلفاء ميركل في الائتلاف الحاكم، نحو اليسار”. تجدر الإشارة إلى أن الائتلاف الحاكم في ألمانيا يتكوّن من الحزب الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الذي يضم حزب ميركل المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي في ولاية بافاريا.
ومن جانب آخر، ذكرت مصادر صحفية أنّ ميركل ما زالت تفتخر باستقبال اللاجئين وتتمسك بموقفها رغم كل شيء، وحينما وجّه إليها سياسيٌّ من حزب “البديل” اليميني الشعبوي سؤالًا عما إذا كانت تتحمل مسؤولية عن الجرائم، التي ارتكبت من قبل مهاجرين، دافعت عن نفسها وردّت بالقول إن حكومتها سعت لتنظيم الهجرة وتوجيهها، وستستمرّ في ذلك. وذهبت ميركل إلى القول إنّ قرار الحكومة الألمانية عدم إغلاق حدود البلاد إبان أزمة اللاجئين عام 2015 كان قرارًا صحيحًا، وقالت: “أعتقد أن ألمانيا ساعدت الكثير جدًا ممن ضاقت بهم السبل، وأعتقد أن ذلك احتاج لتضافر جهود المجتمع بأكمله، وكان أمرًا صحيحًا وجيدًا ورائعًا، أنا فخورة بذلك “. وجاء ردّ ميركل على استجواب من أحزاب ترفض سياسة الهجرة والمهاجرين، بشأن ما إذا كانت ميركل تتحمل مسؤولية شخصية عن أكثر من 800 ألف جريمة كشفت التحقيقات عن أنها ارتكبت من قبل مهاجرين في الفترة بين عام 2014 وعام 2018، وهي الجرائم التي رأى سياسيون أنه كان من الممكن منع وقوعها من خلال غلق الحدود ووقف دخول المهاجرين إلى ألمانيا. وتؤكّد ميركل أن الحكومة الألمانية سعت من أجل تنظيم الهجرة وتوجيهها، وستستمرّ في هذه المساعي لدعم الهجرة والمهاجرين وما فعلته وحكومتها صحيح، وقالت إن هذه البيانات تؤكّد أيضًا أن “هذا العمل لم يذهب سدى، بل أظهر نجاحًا”. وتابعت ميركل: “وهنا يسرني أيضًا أني أتقلد مثل هذا المنصب الهام”، مؤكدة في الوقت ذاته تباين طرق تقييم ما حدث عام 2015، وما تلاه من سنوات. وما يمكن قوله عن الائتلاف الحالي هو أنه نجا من أزمة اللاجئين في الفترة ما بين 2015 و2016 واستعاد عافيته لاحقًا. نعم، لقد ألغى الطرفان معظم المشروعات التي اتفقا عليها عندما جدّدا على مضض شراكتهما الحاكمة في أوائل عام 2018. لكنها كانت قائمة مخيبة للآمال تلك التي وقّع عليها شركاء الائتلاف الذين يبغض بعضهم بعضًا. ومن المحتمل أن يؤدّي إعلان ميركل عدم الترشيح مرة أخرى إلى فقدان ألمانيا لدورها القيادي. وقد يترك ذلك فراغًا في قلب أوروبا، وهو ما يحاول الرئيس إيمانويل ماكرون ملئه. فقد كان يطرح الأسئلة الكبيرة حول مُستقبل الاتحاد الأوروبي ويتوقّع الدعم، أو على الأقل ردًّا من ألمانيا، لكن الصمت في برلين كان يصمّ الآذان. ووسط جو مليء بالإحباط، بدأ ماكرون في تحمّل مخاطر أكبر من أي وقت مضى بالتفكير في التحالفات العسكرية الأوروبية الجديدة وفي علاقته الجديدة مع روسيا وفي التصميم الاقتصادي الجديد لمنطقة اليورو، وفي وقف توسيع الاتحاد الأوروبي.