مصير أبناء الدواعش غامض
فصل الأطفال عن أمهاتهم بالقوة يُعد انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني
10 آلاف طفل من 40 بلداً عالقون في مخيمات اللجوء السورية

ترك تنظيم داعش حال انهزامه في المناطق التي احتلها سابقاً في سوريا، العديد من الألغام والبيوت والسيارات المفخخة، لكنه خلّف ما هو ألعن وأصعب من ذلك كله، إنهم أطفاله الصغار. وفي تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» كتبته مراسلتها إيزابيل كولز من مخيم الهول للاجئين، جاء فيه أن صوت إطلاق نار من بندقية فرّق مجموعة من النساء كن يقمن بإلقاء الحجارة على كاميرا مراقبة في المخيم، حيث يُحتجزن هن وأطفالهن منذ سقوط آخر معقل لتنظيم داعش. ويشير التقرير، إلى أنه كلما استمر احتجاز هذه المجموعة من المنتميات لداعش زادت حالة اليأس التي تتعاظم في مخيم الهول، فيما يزيد التوتر بين الموجودين وبين من بقي لحراسة المخيم البائس المؤلف من خيم مترهلة محاطة بسياج.
وتلفت المراسلة إلى أنه بعد هزيمة التنظيم بتسعة أشهر، فإنه لا يزال هناك آلاف الأطفال عالقين هناك، وفي عدد من المخيمات في شمال شرق سوريا، ضحايا للسياسة ورهائن لحظوظ والديهم، مشيرة إلى أنه لم يخرج منهم سوى عدد صغير، بينهم سبعة أيتام سويديين، سافر جدهم، باتريكو غالفيز، إلى هناك في أبريل، ووجدهم يعانون من سوء التغذية والصدمة، وضغطت زيارته على الحكومة السويدية لتسمح لهم بالعودة إلى وطنهم.
وتفيد الصحيفة بأن عدداً من البلدان، مثل كازاخستان وكوسوفو، تحركت منذ ذلك الحين لاستعادة حوالي 350 طفلاً من سوريا عام 2019، بحسب منظمة أنقذوا الأطفال، مستدركة بأنه مع ذلك فإنه يبقى حوالي 9500 طفل من 40 بلداً عالقين في مخيم الهول وغيره من مخيمات اللجوء السورية، بحسب المنظمة غير الحكومية، وحوالي نصفهم تقريباً أعمارهم أقل من 5 سنوات، ومعظمهم في مخيم الهول، حيث الظروف الصعبة تساعد أكثر على تنامي أيديولوجية داعش وسط الجهود الضئيلة التي تبذل لمنع انتشارها.
وأشار التقرير إلى أن إحدى العقبات الرئيسية لإعادة الأطفال إلى بلدانهم هي ارتباطهم بأمهاتهم، فيعد فصل الأم عن الطفل بالقوة انتهاكاً القانون الدولي الإنساني، مشيراً إلى أن كلاً من منظمات حقوق الإنسان والسلطات الكردية في شمال شرق سوريا، دعت إلى إعادة الأمهات والأبناء إلى أوطانهم معاً، في الوقت الذي رسمت فيه الدول الأوروبية حداً يمنع إعادة البالغين الذين سيشكلون تهديداً أكبر للأمن، وتحفيزاً على المعارضة السياسية.
وأضاف التقرير «مع دخول فصل الشتاء، فإن النساء يحاولن فعل ما باستطاعتهن للخروج مع أطفالهن من مخيم الهول، وبعض النساء تنازلن رسمياً عن حضانة أبنائهن؛ أملاً في حمايتهم من حياة المخيم البائسة، ولمنحهم فرصة لمستقبل أفضل، فيما لجأت الكثيرات إلى دفع الأموال للمهربين لتهريبهم من مخيمات اللاجئين، أما الأخريات اللواتي بقين مرتبطات بالتنظيم فيأملن أن يصعد التنظيم ثانية ويقوم بتحريرهن».
ويبيّن التقرير أن المخيم بالنسبة لداعش لا يُشكل فقط مصدراً محتملاً للتجنيد، بل إنه يخدم أيضاً رواية التنظيم حول الظلم الذي يجذب المجندين، مثل ابنة غالفيز وزوجها. ويشير التقرير إلى أنه بأخذه أحفاده إلى الوطن، فإن غالفيز سعى للتكفير عن خسارته لابنته، أماندا غونزاليز، التي قتلت هي وزوجها مايكل سكرامو، في وقت سابق من العام خلال هجوم القوات الأمريكية على آخر معقل للمجموعة الإرهابية، لافتاً إلى أنه بجهده لإنقاذ الأطفال أراد غالفيز أن يقوم بما يتوقع أنه رغبتها لأطفالها، الذين تتراوح أعمارهم ما بين سنة وثماني سنوات.
وتقول كولز: إنه «في الوقت الذي يتأقلم فيه أحفاده مع الحياة الآمنة الجديدة في السويد، فإن هناك آلاف الأطفال في مخيم الهول يعانون من حياة البؤس والعنف، وينظر الأطفال البائسون في المخيم إلى الغرباء الذين يدخلون المخيم بنظرات يختلط فيها الشك بالفضول، واختلاف مظاهرهم، التي تشمل الشعور البنية والشقراء، يؤكد عالمية الجاذبية التي تمتع بها داعش التي ولد كثير منهم في ظلها». وأشار التقرير إلى أن طفلاً صغيراً قُتل الأسبوع الماضي عندما فتح الحراس النار لتفريق أطفال يلقون الحجارة، بحسب ما قالته امرأة من المخيم ومحام يعمل على إعادة الأشخاص إلى أوطانهم، مشيراً إلى أن طفلاً آخر تُوفي نتيجة تعرضه للبرد، بحسب الهلال الأحمر الكردي. كما أن بعض أعضاء داعش المتشددين لا يرغبون في العودة إلى أوطانهم الأصلية، ويخططون لتنشئة أطفالهم في جيل مستقبلي لداعش. وتنقل الصحيفة عن امرأة سويدية، تعرف ابنة غالفيز وزوجها، قولها إنهما ما كانا ليوافقا على أن يقوم بتربية أبنائهما أشخاص لا يؤمنون بمبادئ داعش، وأضافت الأم لاثنين من استكهولم، 25 عاماً، التي قالت إن اسمها سارة: «تركوا كل شيء وجاءوا إلى هنا لأجل هذه القضية، ولذلك فهم بالتأكيد يريدون أن يتبع أطفالهم الطريق ذاتها»، مشيرة إلى أنها لا تسعى للعودة إلى وطنها لا هي ولا أطفالها، الذين ولدت أصغرهم في خيمة هناك قبل ثلاثة أشهر، قائلة: «لم أترك السويد لأعود هناك».