بقلم – د. هاشم السيد:

تزايد الاهتمام بالحوكمة في البنوك في ظل توسع نشاطها لاسيما في مجال إدارة المخاطر، الأمر الذي يحتم التدخل المباشر للمساهمين ومن يمثلونهم في مجلس إدارة البنوك. وتعد عملية الالتزام وإدارة المخاطر من أهم الموضوعات التي تهتم بها البنوك، وزاد الاهتمام بها بعد توالي الأزمات المالية والاقتصادية العالمية والتي كشفت عن نقص الرقابة على أعمال البنوك. الأمر الذي تطلّب التفكير جديًا في طرق أفضل لإدارة المخاطر. وبذلك ازدادت أهمية الحوكمة كمنهاج أمثل للمعالجة والوقاية من الأزمات.

وتحقق الحوكمة مجموعة من الأهداف للبنوك منها: الحصول على مجلس إدارة قوي يستطيع اختيار إدارة تنفيذية مؤهلة لتنفيذ أنشطة البنك، الفصل بين مهام مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، تحسين الكفاءة المالية للبنوك وتفعيل مبدأ الفصل بين الملكية والإدارة ومنع تضارب المصالح، تخفيض المخاطر المتعلقة بالفساد الإداري، حماية المستثمرين، تعظيم القيمة السوقية لأسهم البنك وتدعيم مكانته التنافسية، ضمان توفير آليات المحاسبة والمراقبة، توفير الشفافية والنزاهة في القوائم المالية. وبالتالي تدعيم استقرار النشاط المصرفي ما ينتج عنه جذب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع رأس المال المحلي على الاستثمار في المشروعات الوطنية. وتعد لجنة بازل من أول المؤسسات العالمية التي تُعنى بالبنوك وتعمل على ضرورة وجود ممارسات مصرفية آمنة ومعقولة، لذا عمدت إلى الأخذ بمبادئ الحوكمة. وقد عرفت الحوكمة بأنها الطريقة التي تدار بها المؤسسات المصرفية بواسطة مجالس إدارتها والإدارة العليا والتي تؤثر في قيام المصرف بوضع الأهداف وإدارة العمليات والأنشطة والتعاملات بطريقة آمنة وسليمة وفقاً للقوانين السارية بما يحمي حقوق المودعين.

وقد أصدرت لجنة بازل تقريراً عن الحوكمة في المصارف عام 1999 ثم أصدرت نسخة معدلة منه في فبراير 2006 تتضمن مجموعة من المبادئ وهي: أهمية أن يكون أعضاء مجلس الإدارة مؤهلين لمراكزهم وعلى دراية تامة بالحوكمة، كما توضح دور مجلس الإدارة في وضع الأهداف الاستراتيجية للبنك ووضع حدود واضحة للمسؤوليات والمحاسبة، وأن يقر مجلس الإدارة باستقلال مراقبي الحسابات وبوظائفهم الرقابية باعتبارها جوهرية لحوكمة المصارف، وأن يتأكد مجلس الإدارة من أن سياسة الأجور والمكافآت تتناسب مع أهداف البنك في الأجل الطويل، وأن يتمتع البنك بالشفافية ويتفهم أعضاء مجلس الإدارة هيكل عمليات البنك والبيئة التشريعية التي يعمل من خلالها.

وفي دولة قطر يولي مصرف قطر المركزي عناية خاصة بتطبيق الحوكمة في البنوك وقد سبق أن أصدر المصرف تعليمات لنهج الإدارة أدرجت بكتاب تعليمات البنوك، كما أصدر إرشادات الحوكمة في عام 2008 ولكن في ضوء تطور المتطلبات والإصدارات الدولية الرقابية والتي تلت الأزمة المالية العالمية ترتب على مجالس إدارات البنوك وإداراتها التنفيذية دور ومسؤوليات أكبر تجاه السلطات الإشرافية وتجاه كافة أصحاب المصالح، وبناء عليه أصدر مصرف قطر المركزي في عام 2015 النسخة المعدلة من مبادئ الحوكمة التي تتضمن أحدث المستجدات. وتتناول خسمة عشر مبدأ للحوكمة يتوجب على البنوك الالتزام بها. وقد تكون تلك المبادئ في حالات محددة غير قابلة للتطبيق لبعض البنوك. وفي مثل هذه الحالات يخضع البنك لمبدأ الالتزام أو التوضيح عن سبب عدم التطبيق. وتستعرض هذه المبادئ مهام ومسؤوليات مجلس الإدارة، القدرات والشروط المؤهلة لعضوية مجلس الإدارة، ممارسات مجلس الإدارة وتضارب المصالح، تشكيل لجان متخصصة بهدف تعزيز فاعلية رقابة المجلس على مختلف أنواع أنشطة البنك ، تشكيل الإدارة التنفيذية والمسؤوليات المحددة لها، مهام ومسؤوليات وطريقة عمل لجنة المخاطر، نظام الرقابة الداخلية، مهام ومسؤوليات مراقب الالتزام، أسس وسياسة منح المكافآت والحوافز، التواصل بين البنك والمساهمين، الإفصاح عن حوكمة البنك، فهم الهيكل التشغيلي للبنوك ذات الهياكل المعقدة أو المتشعبة والإلمام بالمخاطر فيها، حوكمة البنوك المملوكة من قبل الحكومة، متطلبات إضافية لحوكمة البنوك الإسلامية.

وبالإضافة إلى هذه المبادئ والتعليمات التي يصدرها المصرف -مواكبة للتطورات العالمية- هناك أيضاً القوانين والتعليمات التي تصدرها هيئة قطر للأسواق المالية وتعمل جميعها على تفعيل الرقابة على أعمال البنوك وضمان إدارتها وفق أفضل المعايير الدولية.

باحث اقتصادي

www.halsayed.com