صفقات الشتاء و«السلع المضروبة» ..!

مع انتهاء فترة الانتقالات الشتويّة يعود السؤال المهم ليطرح نفسه بكل قوة.. هل سنشهد فعلاً متغيّرات مهمّة على مستوى الأندية التي طرقت أبواب هذه الانتقالات.. وهل جاءت هذه الانتقالات بلاعبين يمكن أن يسهموا جدياً في إحداث التحوّل الذي تصبو إليه هذه الأندية، أم أنها يمكن أن تكون كسابقاتها في العديد من المرّات عندما نكتشف أن أغلبها ليس أكثر من مجرد تغيير في الأسماء أو ربما تغيير نحو الأسوأ وليس الأفضل مثلما يجب أن يكون ..؟

«سلع مضروبة» ..!

لا نريد التسرّع بالحكم في هذا الجانب، فالمنطق يفرض ضرورة مراقبة نتائج ما حدث من متغيّرات حتى وإن كانت محدودة للخروج بالتالي بالحكم الأصوب على النتائج خصوصاً أن واقع الحال هنا يقول إن صفقات الشتاء غالباً ما تكون «مضروبة» لاعتبارات عديدة يأتي في مقدمتها حقيقة أن اللاعب الجيّد لا ينتظر حتى الشتاء من أجل التعاقد مع هذا النادي أو ذاك لأنه سيكون مطلوباً وبقوة قبل بداية الموسم بحكم ما يتمتّع به من مؤهلات على العكس من أولئك الذين يجدون أنفسهم أقرب إلى سلعة لا تجد من يشتريها في سوق التعامل وعلى طريقة العرض والطلب مثلما يقول رجال الاقتصاد.

لا نعمم ذلك طبعاً، فهناك استثناءات بكل تأكيد.. فربما يكون سبب الانتقال من ناد إلى آخر قائماً على أساس عدم الارتياح في التعامل مع النادي أو الجهاز الفني بحيث يكون ذلك دافعاً لهذا اللاعب أو ذاك للبحث عن ناد آخر وفي مثل هذه الحالات يمكن أن تكون الصفقة نافعة ومفيدة لأنها تأتي بلاعب جاهز فنياً ومرغوب به ولم يتركه ناديه السابق بسبب ضعف في الإمكانات أو شيء من هذا القبيل.. غير أننا نرى أن حالات كهذه قد تكون نادرة وهو ما يعني أنها استثناء في سوق الانتقالات الشتوية وهو ما يجعلنا نتمسك برأينا السابق وهو أن الصفقة الحقيقية الأكثر فائدة ونفعاً هي التي تأتي في بداية الموسم وليس في منتصفه.

التسريح الجماعي ..!

ومع ذلك دعونا هنا نتحدّث عن أمر واقع ونسلم بأن الانتقالات هذه ستكون مطلوبة بل ومطلوبة جداً في بعض الحالات الاستثنائية مثلما حدث مع فريق أم صلال الذي سرح أربعة من محترفيه دفعة واحدة بعد أن اكتشف أن محترفيه السابقين لا يلبّون طموحاته بل لا يمتلكون القدرة على تقديم أي إضافة للفريق الذي آل به الأمر إلى أن يصبح مهدداً بالهبوط إلى الدرجة الثانية.

لكن من حقنا هنا أن نتساءل، سواء بالنسبة لفريق أم صلال أو لغيره من الفرق الأخرى التي تلجأ إلى مثل هذا التغيير، كيف تمّ اختيار المحترفين السابقين أصلاً، وعلى أي أساس تم التعاقد معهم، ولماذا يصار أصلاً إلى التعاقد مع «أنصاف المحترفين» لكي نعود بعدها ونسجل ندمنا ثم نبحث عن التغيير بمثل هذه الطريقة التي تبدو وكأنها شاملة ..؟!

وعندما نطرح مثل هكذا تساؤلات نعود لنسأل من جديد.. ماذا لو عاد الزمن قليلاً إلى الوراء وتحديداً إلى الفترة التي سبقت انطلاق دوري الكرة لهذا الموسم ..؟ ترى، هل ستتمسك إدارات أنديتنا بالتعاقد مع من جاءت بهم كمحترفين ليلعبوا في صفوف فرقها بالطريقة التي كانوا يسعون إليها والتي تقوم على أساس الاعتماد على لاعبين قادرين حقاً على أن يشكلوا إضافات مهمة في هذه الأندية.

محترفون أم «ورطة» ..؟!

لا نتحدث طبعاً عن كل المحترفين وإنما عن البعض منهم، وتحديداً عن أولئك الذين نرى أنهم ليسوا أكثر من «ورطة» حقيقية تورطت بها هذه الإدارات بعد أن اكتشفت أنهم لا يحملون من الصفة الاحترافية سوى المسمّى فقط في حين أن المضمون كان خالياً تماماً من أي ملامح أو إمكانات من تلك التي نبحث عنها عادة عند أولئك الذين ندفع لهم كل هذه الأموال لكي يقدموا لنا شيئاً مهماً يدعمون من خلاله الفرق التي يلعبون في صفوفها وبالتالي يدعمون الدوري نفسه من خلال ما يفترض أن يكونوا عليه من حيث المستوى الفني والبدني لكننا نكتشف في منتصف الطريق وربما قبله أيضاً أننا كنا كمن اشترى سمكاً في البحر وخصوصاً عندما يتم التعاقد مع لاعبين لم نرهم أو نتابعهم أو نعرف حقيقة إمكاناتهم وإنما كان الاعتماد في هذا الجانب على سماسرة اللاعبين الذين لا تهمهم مصلحة هذا النادي أو ذاك بقدر ما تهمهم مصالحهم وما يحصلون عليه من المستحقات الماليّة .. !

هنا تكمن المشكلة ..!

لا ننتقص هنا من أي لاعب، لكن واقع الحال هو من يتحدث بحيث وجدنا أن العديد من مثل هؤلاء اللاعبين صاروا عبئاً على مدربيهم وفرقهم بدلاً من أن يكونوا أدوات فاعلة ومهمّة في المراهنة على تحقيق التصاعد المطلوب في إمكانات هذه الفرق.. ودليلنا على صحة ذلك ما حدث من متغيرات في بعض الأندية وبينها تغييرات واسعة كما هو الحال مع فريق أم صلال.. فلولا سوء الاختيار أو أخطاء التعاقدات قبل بداية الموسم لما كنا بحاجة إلى تغييرات واسعة على مستوى المحترفين في الانتقالات الشتوية.

نقول، نعم التغيير يمكن أن يكون أمراً طبيعياً لكل الفرق وفي أي مكان ولكن على مستوى لاعب مثلاً وليس أربعة لاعبين دفعة واحدة ..!

لكي لا تتكرر الأخطاء ..

في كل الأحوال نرى أن من الحكمة والمنطق أن نتعلم ونستفيد من الدرس جيداً بحيث لا نعود مع بداية الموسم المقبل لنرتكب نفس الأخطاء ونأتي بأنصاف المحترفين، بل بلاعبين لا يمكن أن يشكلوا أي إضافات مهمة لفرقنا لأنهم لا يتفوقون على أي من لاعبينا المحليين إن لم نقل إن لاعبينا المحليين هم من يتفوقون عليهم فنياً وبدنياً وذهنياً أيضاً..

وهنا نشدّد على أن الانتقالات الشتوية وضعت من أجل توفير الفرصة للأندية في اللجوء إلى تصحيح خطأ ما في التعاقد مع لاعب أو الاستعانة بمحترف جديد بدلاً من محترف تعرض لإصابة تحول دون استمراره بنفس مستواه وهكذا .. بمعنى أن التغييرات هنا يفترض أن تكون محدودة جداً مثلما يحدث في كل مكان خصوصاً إذا ما علمنا أن أي تغيير في صفوف أي فريق قد يحمل جانباً سلبياً في بعض الأحيان وخصوصاً في الجانب الذي يتعلق بالإعداد الأولي وبالانسجام والتأقلم مع فريقه الجديد وغيرها من الأمور التي تحتاج إلى وقت قد لا تسمح به الفترة المتبقية من الموسم.

أبواب الدروس تبقى مفتوحة

مرة أخرى نؤكد أننا لا نتحدث عن كل المحترفين ولا نعمم ما يحدث من أخطاء على صعيد الاختيار في كل الأندية، فهناك بينهم من كان قد سجل ويسجل نجاحاً طيباً ولافتاً فعلاً لكننا أردنا هنا التركيز على من أخفق منهم ليكونوا مرشحين للتغيير خلال الانتقالات الشتوية هذه منطلقين في ذلك من تلك القناعات التي تذهب إلى أن المحترف لا بد أن يكون في مستوى فني يتفوّق فيه كثيراً على لاعبينا المحليين.. وإلا فلماذا نأتي به أصلاً إن كان في مستواهم.. وكيف نسمح لأنفسنا بالتعاقد معه إذا كان أقل منهم في المستوى .. ؟!

على العموم نقول، ها هي الانتقالات الشتوية قد أغلقت أبوابها، لكن الأبواب يجب أن تبقى مفتوحة أمام الدروس التي ينبغي أن نستخلصها من تجاربنا مع كرة القدم دون أن نسمح بتَكرار نفس الأخطاء في كل موسم ومع كل الانتقالات.