كتب – هيثم الأشقر:

شهدت الساحة السينمائية مؤخراً، مجموعة من الإنتاجات العربية التي نجحت في جذب الأنظار إليها بمستوى فني رفيع، أو نجاح جماهيري كبير، وقد استطاعت مؤسسة الدوحة أن تساهم في دعم وإنتاج 6 من أبرز الأعمال التي قدمت خلال هذا العام، والتي تنوعت ما بين الروائي والتسجيلي، والدرامي والكوميدي. وقد عرضت هذه الأفلام في قطر ضمن النسخة السابقة من مهرجان أجيال السينمائي، وتقدّم مبادرات تمويل الأفلام من مؤسسة الدوحة للأفلام الدعم الإبداعي والمالي لصانعي الأفلام في قطر وكافة أنحاء العالم، وتساعدهم على إطلاق مهاراتهم الفنّية، وإدارة إنتاجاتهم بشكل فعّال وصنع أفلام عالية الجودة. وتدعم المؤسسة الأصوات المنبثقة من قطر والعالم، وتوفّر لها المساعدة الإبداعية والمالية لتتمكّن من ترجمة قصصها إلى مشاريع سينمائية حيوية. ونأمل بأن نكتشف مشاريع سينمائية ذات جودة تتميّز برابط إقليمي، وتساهم بمجموعة متنوّعة من الأفلام الأخّاذة. وفي هذا التقرير استعراض لأبرز الأعمال السينمائية التي قدمت خلال العام.

القضية الفلسطينية

تتصدر قائمة أهم إنتاجات 2019 السينمائية فيلم المخرج الفلسطيني إيليا سليمان «إن شئت كما في السماء» حيث نجح سليمان من خلاله أن يصل للعالمية مرة أخرى من خلال جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي، بالإضافة إلى تنويه خاص من لجنة تحكيم المهرجان. وقد عرض الفيلم في قطر في الليلة الافتتاحية للنسخة الأخيرة من مهرجان أجيال السينمائي.

فيلم سليمان يكمل عالمه السينمائي الذي بدأ بفيلمه الطويل الأول «اختفاء» في عام 1996، وهو العالم الذي يقدم فيه سليمان نسخة كوميدية ساخرة عن حياة المواطن الفلسطيني في العصر الحالي، سخرية تبدو أكثر تأثيراً من خطابات سياسية طويلة كُتبت عن القضية الفلسطينية. ينجح سليمان مرة أخرى من خلال «إن شئت كما في السماء» أن ينقل قضية فلسطين إلى العالم كله.

نبوءة سودانية

يعد الفيلم السوداني «ستموت في العشرين» واحداً من أبرز الأفلام التي نجحت في حصد العديد من الجوائز هذا العام، من جائزة «أسد المستقبل» لأفضل عمل أول في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، إلى جائزة أفضل فيلم في مهرجان الجونة السينمائي الدولي، وأخيراً جائزة أفضل سيناريو في مهرجان قرطاج السينمائي. الفيلم للمخرج السوداني «أمجد أبو العلاء» ومأخوذ عن قصة للأديب السوداني «حمور زيادة»، وتدور حول قصة حياة شاب سوداني يحمل على كتفيه ثقل نبوءة رواها بعضهم لأمه، تؤكد أن هذا الشاب سيموت حينما يتم العشرين. يشار إلى أن الفيلم عرض في النسخة الأخيرة من مهرجان أجيال السينمائي.

المرأة والمجتمع



فيلم«نورا تحلم» للمخرجة التونسية نجح أيضاً في جذب الأنظار إليه هذا العام، من خلال حصوله على جائزة «التانيت الذهبي» وهي الجائزة التي تُمنح لأفضل فيلم في مهرجان قرطاج السينمائي الدولي، كما مثل الفيلم أيضاً عودة جيدة للفنانة التونسية «هند صبري» للسينما التونسية، حيث حققت عبر مشاركتها في هذا الفيلم جائزة أفضل ممثلة في «مهرجان قرطاج» و«الجونة السينمائي»، أما على المستوى الدولي فقد حقق الفيلم أيضاً جائزة الاتحاد الدولي للنقاد في مهرجان تورينو السينمائي. والفيلم يتتبع سيدة تونسية منتمية للطبقة الفقيرة، تعاني أثناء فترة حبس زوجها الذي يسيء معاملتها، في حين يعاملها المجتمع بشكل قاس أيضاً نتيجة تاريخها الذي يحمل سوابق إجرامية.

رحلة إنسانية

أما فيلم الصحفية السورية وعد الخطيب «إلى سما» نجح في حصد جائزة «العين الذهبية» لأفضل فيلم وثائقي في فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي لعام 2019، وهي الجائزة التي تمنحها رابطة الكتاب الفرنسيين بدعم من مهرجان كان. الفيلم حصل أيضاً على جائزة التانيت الفضي من مهرجان قرطاج السينمائي الدولي. ويوثق الفيلم رحلة إنسانية مؤثرة للغاية، عن الأيام الأولى لحياة سما الطفلة السورية التي ولدت في حلب بين الأنقاض والنيران، وهي الأيام التي تضمنت إصرار أبويها وعد الخطيب والطبيب حمزة الخطيب على البقاء في مدينتهم، قبل تهجيرهم ويتركونها.

الثورة التونسية



توج فيلم «بيك نعيش» للمخرج التونسي مهدي برصاوي بثلاث جوائز من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وهي جائزة أفضل فيلم عربي، جائزة لجنة التحكيم الخاصة، بالإضافة لجائزة الأمم المتحدة، وفاز الفيلم أيضاً بجائزة مهرجان هامبورغ لأفضل موهبة شابة، كما أن بطل الفيلم «سامي بوعجيلة» قد فاز بجائزة آفاق فينيسيا لأفضل ممثل من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي. وتدور أحداث الفيلم حول حادثة يتعرض لها طفل تونسي صغير في الفترة التي تلت ثورة تونس، لتكشف هذه الحادثة عن سر خطير يتعلق بأسرة هذا الطفل.

شارع حيفا

أما الفيلم العراقي «شارع حيفا» فيعد هو الآخر من أهم إنتاجات السينما العربية لعام 2019، وتوج العمل بجائزة أفضل فيلم في مهرجان بوسان السينمائي الدولي، كما فاز بجائزة أفضل ممثل في منافسات آفاق السينما العربية ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بالإضافة لجائزة سعد الدين وهبة لأفضل فيلم. وهو من إخراج مهند حيال وتدور أحداثه في مدينة بغداد خلال عام 2006، حيث تتحول زيارة عائلية لطلب الزواج لحادثة مروعة يذهب ضحيتها أبرياء، في هذا الفيلم ينقل لنا مهند حيال الكابوس الذي عاشه العراقيون في تلك الفترة.