
ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت
ولكن أنت تنفخ في رماد.
قال هذا الشعر عمرو بن معد يكرب بن ربيعة الزبيدي، الذي عاش في الفترة بين عامي 525، 642 م. وكان لهذا البيت الذي يعد من رؤوس الحكمة في الشعر العربي قصة تحمل الكثير من العظات، وبالرغم من رمزيتها وعدم ثبوتها يقيناً إلا أنها كانت على مدار قرون رائجة والتي تؤكد ما لكلمات بن عدي من معنى، وتقول القصة: كان هناك رجل غني له ولد ماتت أمه في صغره، ولأنه وحيد قام الرجل بالإغداق على ابنه بالمال والحب والدلال حتى أفسد أخلاقه، وكان هذا الرجل كريماً يتصدق بكثرة، لكن رفقاء السوء كانوا يصمون آذانه عن نصائحه.
وعندما شعر الرجل بقرب أجله ولخوفه من قيام ابنه بتبديد ثروته، استدعى اخلص خدامه وطلب منه بناء سقف تحت السقف القديم في مجلس القصر، بحيث يكون بينهما مخزن، ووضع فيه كمية كبيرة من الذهب، وعلق سلسلة بالسقف، وظل الأمر سراً لا يعرف الابن عنه شيئاً، ونصح الرجل ابنه مرة أخرى قبل الرحيل ولكن:
لقد أسمعت لو ناديت حياً – ولكن لا حياة لمن تنادي
فقال لابنه: بني إذا مت، وأغلقت أبواب الحياة في وجهك فعدني ألا تبيع القصر، وإن فكرت أن تنتحر، ففي المجلس الكبير بالقصر سلسلة معلقة قم بشنق نفسك حتى تموت مستوراً.
ولم يعر الابن لكلام ابيه بالاً كالعادة، ومات الأب وظل أصدقاء السوء حوله، وباع ممتلكاته حتى لم يبق سوى القصر، انفض أصدقاؤه من حوله، وعندما أغلقت كل الأبواب، تذكر قول أبيه عن السلسلة التي في مجلس القصر فأحضر صندوق وعلق نفسه بها ووقف أعلى الصندوق ثم أزاحه بقدمه، إلا أنه سقط، وسقط الذهب على رأسه، ففرح الشاب، وبدأ في استعادة أموال أبيه وتجارته، ولما سمع أصدقاء السوء ذلك عادوا له، ودعوه لأشهى الطعام، فقام الشاب وأمسك بكم ثوبه وبدأ بوضعه في كل صنف من الطعام وهمّ بالانصراف، قائلاً لهم: دعوتكم لأموالي وثيابي وها هو ثوبي قد لبى دعوتكم.