
الدوحة- الراية:
لم يكن الشاب سيبري قد عمل في البحر من قبل، عندما سمع من صديقه عن فرصة للعمل، على متن قارب صيد مملوك لبحارة أجانب. كان المال الموعود يتجاوز أي شيء، يمكن أن يحلم به الشاب البالغ 25 عاماً، في قريته بجزيرة سومطرة الإندونيسية بحسب ما ذكرته بي بي سي. وتقول شقيقته ريكا براتاما: كان متحمساً جداً لقدرته على كسب مثل هذه الأموال الكثيرة. ومع ضمان التدريب و400 دولار كراتب شهري، أبحر مع مجموعة من 22 رجلاً إندونيسيا، على متن سفينة صيد في فبراير العام الماضي.
وتقول ريكا: قبل أن يغادر اقترض مني مالاً، وقال إنها ستكون المرة الأخيرة، لأنه سيعود بالكثير من المال، ويمكننا أخيراً أن نجدد منزل الأسرة. لكن سيبري لم يعد أبداً للمنزل، ولم يرسل المال، ولم تتحدث ريكا مع شقيقها مرة أخرى. بل تلقت رسالة، في أوائل يناير، عن وفاة شقيقها في البحر، ورميت جثته بالمحيط الهادئ. وقالت وهي تكبح دموعها: «تحطم قلبي عندما سمعت أنه أُلقي به في البحر».
وقالت وإحساس بالذنب يملؤها: «قبل أن تموت والدتنا أوصتني بكلماتها الأخيرة (يجب أن تعتني بأخيك الصغير). توفي اثنان آخران من أفراد الطاقم الإندونيسي على متن السفينة نفسها. توفي سيبري وصياد آخر، في غضون أيام من ديسمبر الماضي، وقد حدث ذلك بعد 10 أشهر فقط من العمل بالبحر. ثم توفي آري، الذي كان من نفس قرية سيبري، في مارس الماضي، قبل وقت قصير من إنقاذ بقية أفراد الطاقم. وألقي جثمانهما بعد لفهما بقطعة قماش في عرض البحر كما هو الحال مع سيبري.
كانت هناك فرصة لأن يمر هذا كله دون أن يلاحظه أحد – مجرد عدد قليل من الوفيات في البحر – إذا لم يتم الكشف عن حوادث الدفن في عرض البحر بهذه الطريقة الوحشية، والتي تم التقاطها عبر هاتف محمول، وتسببت بغضب عام في إندونيسيا. وأثار الفيديو الذي وثق لحظة رمي جثة شاب في البحر بلا رحمة تحقيقاً دولياً، وألقى الضوء على ظروف «شبيهة بظروف الرقيق»، حيث يزعم أن الصيادين الإندونيسيين يعانون منها على متن سفن مملوكة للصينيين. كما أثار الفيديو جدلاً متجدداً حول إساءة معاملة الصيادين، على متن السفن الأجنبية في جنوب شرق آسيا.
من المثير للصدمة، أن قصص الحياة على متن هذه السفينة مألوفة بشكل مخيف، وعندما بدأ الناجون من السفينة الصينية بالتحدث، جاءت الصدمة. «كل ما أمكننا فعله هو تغسيلهم وصلاة الجنازة عليهم» وقال عدد من العاملين بالطاقم، إنهم غالباً ما يتعرضون للضرب والركل. إنهم لا يتمكنون من فهم ما يقوله رؤساؤهم الصينيون، ما يؤدى إلى ارتباك وإحباط.
وقال أحد الصيادين إنهم أجبروا على العمل لمدة 18 ساعة يومياً، ولم يعطوا سوى علف السمك ليأكلوه. وقال «ن أ»، عمره 20 عاماً: «إنهم (الطاقم الصيني) كانوا يشربون المياه المعدنية، بينما لم نحصل نحن إلا على مياه البحر المقطرة بشكل سيئ».
عندما مرض سيبري والآخرون استنجدوا بقائد السفينة أن ينزلهم للبر لتلقي العلاج، حسبما يقول «ن أ». وبعد وفاة الرجال الثلاثة، توسل الطاقم لإبقاء الجثث داخل مبردات حتى يمكن دفن أصدقائهم، بما يتماشى مع عاداتهم الإسلامية بمجرد وصولهم للشاطئ لكن القبطان أخبرهم بأن لا دولة ستوافق على استقبال الجثث.
وافق القبطان أخيراً على نقل أفراد الطاقم الإندونيسيين المتبقين، إلى سفينة صينية أخرى رست في مدينة بوسان بكوريا الجنوبية. وكان إفندي باساريبو لا يزال مريضاً بشكل خطير، لكنه كان على قيد الحياة.