يا اللَّه حيَّه.. نوَّرت المملكة
الترحيب السعودي الحار بصاحب السمو أثلج صدور أهل الخليج
ضرورة السعي بإخلاص وحسن النية لتعزيز العمل الخليجي المشترك
رغبة مشتركة في إنجاح القمة التاريخية وترسيخ التضامن والاستقرار والأمن
القمة تضع حجر الأساس لإعادة بناء الثقة وتفعيل دور أمانة مجلس التعاون
«يا الله حيّه.. يا الله حيّه.. نوَّرت المملكة».. هكذا رحّب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بأخيه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، لحظة وصوله إلى محافظة العلا مترئسًا وفد دولة قطر لحضور القمة الخليجية ال41 التي تستضيفها المملكة العربية السعودية.. قبل أن يقوم ولي العهد السعودي بمعانقة صاحب السمو، في كسر للبروتوكولات المعمول بها خلال جائحة فيروس كورونا «كوفيد-19».
وقد وصل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ظهر أمس إلى محافظة العلا بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، لترؤس وفد دولة قطر في اجتماع الدورة الحادية والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهي القمة التي أطلقت السعودية عليها اسم (السلطان قابوس والشيخ صباح).
وكان في مقدمة مستقبلي سمو الأمير المفدى لدى وصوله والوفد المرافق إلى مطار الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، وسعادة الدكتور نايف فلاح الحجرف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
عبارات الترحيب الحارة، والعناق بين صاحب السمو وولي العهد السعودي، مشهد أثلج صدور أهل الخليج، وعكس بادرة قوية على رأب الصدع الخليجي، والسعي لإرساء نهج راسخ قوامه تحقيق المصالح العليا لدول مجلس التعاون والدول العربية، ووضع حجر أساس لمرحلة إعادة بناء الثقة بين دول المجلس، وتفعيل دور الأمانة العامة لدول مجلس التعاون في حل الخلافات بين الدول الأعضاء.
ذلك المشهد التاريخي بين قيادتي البلدين جاء بعد ساعات من إعلان الكويت عن اتفاق يتم بموجبه فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر، في إشارة قوية للبدء في حل الأزمة الخليجية التي تجاوزت 3 سنوات، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه، والعمل على إنجاح القمة التاريخية في أجواء إيجابية، والنظر للمستقبل بحكمة تضع مصالح شعوب وأمن واستقرار دول المنطقة في قمة أولويات قادة مجلس التعاون، وبدء صفحة جديدة في العلاقات الخليجية.
كما جاء ذلك المشهد الموحي برغبة مشتركة في إنجاح القمة الخليجية بعد ساعات من تصريحات ولي العهد السعودي لوكالة الأنباء الرسمية (واس)، أكد فيها أن سياسة المملكة بقيادة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قائمة على نهج راسخ قوامه تحقيق المصالح العليا لدول مجلس التعاون والدول العربية.
كما قال ولي العهد السعودي إن القمة الخليجية في المملكة «ستكون قمة جامعة للكلمة موحدة للصف ومعززة لمسيرة الخير والازدهار، وستترجم من خلالها تطلعات خادم الحرمين الشريفين وإخوانه قادة دول المجلس في لم الشمل والتضامن في مواجهة التحديات التي تشهدها منطقتنا».
وفي كلمته أمام القمة أمس قال ولي العهد السعودي: «ننظر ببالغ الشكر والتقدير لجهود رأب الصدع التي سبق أن قادها أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد واستمر بمتابعتها الشيخ نواف الأحمد بدعم الولايات المتحدة».
-
شعوب المنطقة تنظر بكثير من التفاؤل والأمل لمخرجات قمة «العلا»
-
قطر حريصة على تسوية الأزمة الخليجية عبر الحوار غير المشروط
-
الشيخ نواف الأحمد وضع حل الأزمة الخليجية على رأس أولوياته منذ توليه الحكم
-
تماسك وقوة مجلس التعاون أهم أولويات قطر لتحقيق المصلحة العُليا للشعوب
وأضاف: علينا جميعًا أن نستدرك الأهداف السامية والمقومات التي يقوم عليها المجلس لاستكمال المسيرة وتحقيق التكامل في جميع المجالات، مشيرًا إلى أن رؤية خادم الحرمين هي تعزيز التكامل بين دول المجلس.
وأكد ولي العهد السعودي أن اتفاق «العلا» جرى التأكيد فيه على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي والإسلامي، وتعزيز أواصر الود والتآخي بين دولنا وشعوبنا بما يخدم آمالها وتطلعاتها.
وعلى مدار 3 سنوات من وقوع الأزمة الخليجية لم تتوقف قطر عن الدعوة لإنهاء الحصار الجائر وغير القانوني المفروض عليها منذ 5 يونيو 2017، ووقف كافة الإجراءات الأحادية ضد قطر، والتي تتناقض مع ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، وأضرّت بمصالح الشعوب، كما أن الجميع أدركوا أن أي مبررات للتغطية على هذه الخروقات والانتهاكات تبيَّن أنها مبررات واهية وكاذبة.
كما أعلنت قطر عبر العديد من المنصات الدولية استعدادها لتسوية الأزمة الخليجية عبر الحوار غير المشروط، والقائم على الاحترام المتبادل الذي يحفظ سيادة الدول، ولذلك سلكت كافة المسارات القانونية والمحافل والأجهزة القضائية الدولية، وعلى رأسها محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة لوقف أي انتهاكات للسيادة الوطنية وإنصاف المواطنين وشعوب المنطقة المتضررين من تداعيات الأزمة الخليجية، وقد صدرت سلسلة من الأحكام لمصلحة دولة قطر.
ومنذ بداية الأزمة الخليجية جعلت الدوحة مهمة الإبقاء والحفاظ على مجلس التعاون إحدى أهم أولوياتها وسياساتها، لتحقيق المصلحة العليا لشعوب ودول المنطقة، وهو ما أكد عليه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في خطابات سموه أمام مجلس الشورى وأمام الأمم المتحدة، بالتأكيد على ضرورة الحفاظ على كيان مجلس التعاون الخليجي كمنظمة إقليمية تجمع الدول الخليجية على مستوى الحكومات والشعوب.. فضلًا عن تأكيد سموه على أن «مجلس التعاون لدول الخليج العربية سيظل البيت الإقليمي الأول، ويأتي دعمه وتعزيز علاقاتنا بدُولِهِ الشقيقة كافة، وتعميق أواصر الأخوة بيننا، في مقدمة أولويات سياستنا الخارجية».
كما جدد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في نوفمبر الماضي خلال افتتاح دور الانعقاد لمجلس الشورى، رؤية قطر لمجلس التعاون الخليجي وكيفية تفعيل دوره، مؤكدًا في هذا الصدد «الاستعداد للحوار لحلّ الخلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي، وفي إطار ميثاقه على أسس أربعة: الاحترام المتبادل، المصالح المشتركة، عدم الإملاء في السياسة الخارجية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية».
كما دأبت قطر على مخاطبة مجلس التعاون ودعوته مرارًا للتدخل وحل الأزمة الخليجية، كما حرصت الدوحة على حضور القمم الخليجية خلال السنوات التي تلت الأزمة الخليجية، رغبة منها في ترسيخ مكانة المجلس كمظلة جامعة لشعوب المنطقة.. ومن هنا فإن أهم مكاسب قمة «العلا» السعي لاستعادة قوة ومكانة مجلس التعاون وترسيخ دوره الحقيقي كمظلة حقيقية جامعة لدول المنطقة، وأن يكون «حَكَمًا» وليس طرفًا في سبيل حل أي خلافات قد تعكر صفو التضامن والتعاون والشراكة بين دول المجلس، تحقيقًا للمصلحة العامة لاستقرار وأمن ومستقبل شعوب المنطقة.
-
أهم مكاسب قمة «العلا» السعي لاستعادة قوة مجلس التعاون كمظلة جامعة
-
حفظ الله قطر أميرًا وشعبًا.. وأدام خليجنا واحدًا ينعم بالخير والاستقرار
-
نتذكر بفخر وامتنان وتقدير جهود الشيخ صباح الأحمد في حل الأزمة الخليجية
وفي هذا الصدد نتذكر بفخر وامتنان وتقدير جهود صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الراحل (يرحمه الله) والذي لن ننسى مواقفه معنا، فقد عمل بكل ما أوتي من قوة وحتى آخر نفس في حياته للتوفيق بين الدول العربية وإصلاح ذات البين في الخليج، فكان نموذجًا للحكمة والاعتدال في سبيل حل الأزمة الخليجية.
كما عمل الشيخ صباح الأحمد – طيب الله ثراه – على دعم كل الجهود الإقليمية والدولية لنزع فتيل الأزمة الخليجية، ومنع تفاقمها، والدعوة دومًا لتحكيم العقل ونبذ الفرقة لعودة اللُحمة الخليجية وتحقيق تطلعات شعوب المنطقة في الأمن والاستقرار.
كما نتقدم بالشكر والتقدير والامتنان لصاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، الذي وضع حل الأزمة الخليجية على رأس أولوياته من اليوم الأول لتوليه مقاليد الحكم، فقام باتصالات مكثفة، ووجه وتابع زيارات مكوكية قام بها معالي الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح وزير الخارجية الكويتي لتقريب وجهات النظر، والتمهيد لمصالحة على أسس قوية تتعافَى معها منظومة العمل الخليجي المشترك، وتمنع تكرار مثل تلك الأزمات التي تكاد تعصف بتاريخ طويل من التعاون والاستقرار والأمن والتنمية.
إن إعادة ترتيب مجلس التعاون، وترسيخ دوره الحقيقي يبقَى أهم الملفات في المرحلة المقبلة، في ظل التحديات الإقليمية والدولية، والتي تفرض على دول مجلس التعاون الخليجي توحيد الصف والتضامن لمواجهتها.
كما يجب للمضي قدمًا نحو رأب الصدع الخليجي، والتئام جراح الماضي وضع حد للخطاب الإعلامي المنفلت وغير المسؤول وكتائب الذباب الإلكتروني الموجه، وغيرها من المنصات الإعلامية المشبوهة التي تؤجج مشاعر العنصرية والكراهية بين شعوب المنطقة، وتخرب العلاقات بين دول المنطقة وتعرقل أية جهود حقيقية لطي صفحة الماضي، وفتح صفحة جديدة لتحقيق المصلحة العليا لشعوب المنطقة.
إن شعوب المنطقة تنظر بكثير من التفاؤل والأمل إلى مخرجات الدورة الحادية والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تستضيفها محافظة «العلا» في المملكة العربية السعودية، كبداية للمصالحة الخليجية المنشودة، ولبنة للبناء عليها بخطوات تالية تقوم على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام السيادة الوطنية، والسعي بإخلاص وحسن النية لتعزيز العمل الخليجي المشترك في كافة المجالات.. لذا نتمنى أن يكون هناك المزيد من الخطوات الملموسة للحفاظ على أمن واستقرار ورخاء ورفاهية الشعوب.
حفظ الله قطر أميرًا وشعبًا.. وأدام خليجنا واحدًا ينعم بالخير والرفاه والاستقرار والإخاء.