أجواء مضطربة تواكب الذكرى المئوية لإيرلندا الشمالية

بلفاست – أ ف ب:
حلت يوم أمس الأول الذكرى المئوية لتأسيس إيرلندا الشمالية على وقع اضطرابات عدة، بدءًا من جائحة «كوفيد-19» مرورًا بالتوتر الناتج عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووصولًا إلى البحث عن زعيم جديد.
وألغيت الاحتفالات بهذه الذكرى المئوية قبل فترة طويلة بسبب الأزمة الصحية في المقاطعة البريطانية التي شهدت في أوائل أبريل أسوأ أعمال عنف منذ سنوات.
وبعد اجتماع في لندن مع نظيره البريطاني دومينيك راب في إطار اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع، أعاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تأكيد دعم الرئيس جو بايدن «الصريح» لاتفاق الجمعة العظيمة الذي أنهى ثلاثة عقود من القتال الدموي عام 1998. وقال إنه «إنجاز تاريخي يجب أن نحافظ عليه».
وأضاف «تبقى الولايات المتحدة داعمًا ثابتًا لإيرلندا شمالية آمنة ومزدهرة حيث يكون لكل المجتمعات رأي ويمكن أن تستفيد من مكاسب السلام الذي حقق بشق الأنفس».
كذلك، تعيش إيرلندا الشمالية حالة من عدم اليقين السياسي منذ الأربعاء بعد استقالة رئيسة الوزراء أرلين فوستر، ضحية تمرد داخلي داخل حزبها السياسي، الحزب الوحدوي الديموقراطي الذي يشعر باستياء متزايد من عواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي تثير وعوده التي أخفق في تنفيذها غضب الوحدويين المتمسكين بالتاج البريطاني على تويتر إنها «ذكرى وطنية مهمة جدًا… لقيام المملكة المتحدة كما نعرفها اليوم».
ويتصاعد الغضب في صفوف الوحدويين، فضلًا عن الإحساس بالخيانة جراء اتفاق البريكست الموقع بين لندن والاتحاد الأوروبي وينص على ترتيبات خاصة لتفادي المس باتفاق السلام الذي وقع عام 1998 بين الوحدويين وغالبيتهم من البروتستانت والجمهوريين وغالبيتهم من الكاثوليك.
ومنذ أن حررت جمهورية إيرلندا نفسها من الحكم البريطاني في 3 مايو 1921، وجدت إيرلندا الشمالية التي أنشئت في الوقت ذاته وبقيت مرتبطة ببريطانيا العظمى، نفسها في قلب مواجهة دامية في بعض الأحيان بين البلدين.
ويتقاتل الوحدويون الذين يدافعون عن البقاء جزءًا من المملكة المتحدة والجمهوريون المؤيدون لإعادة التوحد مع إيرلندا منذ عقود بسبب وضع المقاطعة. والجمهوريون الذين لا يعترفون بالتاج البريطاني، لا يحتفلون بهذه الذكرى.
وبالنسبة إلى بوريس جونسون، هذه «لحظة للتفكير المشترك» وهي أيضًا فرصة «للاحتفال بإيرلندا الشمالية وبناء مستقبل أفضل لكل شعبها».
وقالت ماري لو مكدونالدز زعيمة حزب شين فين الجمهوري المؤيد لتوحيد إيرلندا على تويتر إن ماضي الجزيرة «حدده أشخاص يريدون التقسيم» لكن «المستقبل هو لمن يريدون التوحيد».
وفي حين أن اتفاق السلام أو ما يعرف ب «اتفاق الجمعة العظيمة» الذي أبرم في العام 1998 أنهى ثلاثة عقود دامية خلفت حوالي 3500 قتيل، تفاقم التوتر أخيرًا بسبب التغييرات الناتجة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات في أوائل أبريل استمرت أسبوعًا وخلّفت 88 جريحًا في صفوف الشرطة.
وكتبت الملكة إليزابيث الثانية أن «عملية السلام تعود إلى جيل من القادة الذين كانت لديهم الرؤية والشجاعة لوضع المصالحة قبل التقسيم».
وأضافت في رسالة نشرت على الإنترنت «لكن قبل كل شيء، فإن استمرار السلام يعود إلى شعبها الذي تقع على كاهله مسؤولية المستقبل».
ووفقًا لاستطلاع نشر نهاية هذا الأسبوع في الصحافة المحلية، يخشى 90 في المئة من الوحدويين وسائر المؤيدين للبقاء جزءًا من بريطانيا أن تؤدي احتمالات توحيد إيرلندا إلى عودة العنف في إيرلندا الشمالية.
وأدى فرض ضوابط على البضائع المستوردة من بريطانيا، وهو حل يهدف إلى تجنب عودة الحدود المادية بين المقاطعة البريطانية وجمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، إلى العديد من الاضطرابات.
ففي الواقع، ما زالت إيرلندا الشمالية في الاتحاد الجمركي الأوروبي والسوق المشتركة. ويندد بعض الوحدويين ببروز حدود في البحر الإيرلندي الواقع داخل المملكة المتحدة.
وهذه المسألة هي تحديدًا التي خسرت بسببها رئيسة الوزراء أرلين فوستر الثقة ما دفعها إلى الاستقالة. وستكون استقالتها من رئاسة الحزب الوحدوي الديموقراطي سارية المفعول في 28 مايو وخروجها من الحكومة المحلية في نهاية يونيو.
وقد بدأ السباق لخلافتها حيث أعلن رئيس كتلة حزب الوحدوي الديموقراطي في مجلس العموم جيفري دونالدسون ترشّحه قائلًا إن الحزب يجب أن «يعزز وحدة البلاد في العام المقبل».
وبذلك، ينضم إلى وزير الزراعة في إيرلندا الشمالية إدوين بوتس الذي يعتبر المرشح الأوفر حظًا لخلافة أرلين فوستر.