بدأ حياته قريبًا من الحبيب صلى الله عليه وسلم، وهو في السادسة من عمره، يتأدب على يديه، ويتعلم منه معالي الأخلاق .. ونزل الوحي، وكان عليّ في العاشرة من عمره، فسابق إلى الإيمان. لم يعرف اللهو واللعب، فضلًا عن عدم السجود لصنم، لقد اختاره الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم على التوحيد والطهر والسمو، ومنذ أيام البعثة الأولى كان عليّ رضي الله عنه يصحب النبي صلى الله عليه وسلم إلى شعاب مكة يصليان معًا في خفية عن أعين قريش. وعرف الكثير والكثير من حياة النبي صلى الله عليه وسلم فأحبه كل الحب، وأُعجب به كل الإعجاب! وقد منحه الله تعالى قلبًا زكيًا، وعقلًا متفتحًا، وذاكرة قوية، وذكاءً متّقدًا. كانت لعليّ – رضي الله عنه – مكانةٌ عظيمةٌ عند النبيّ – عليه الصلاة والسلام -؛ فقد تربّى في حِجْره، وصُنِع على عَينه، فكان قريبًا إلى قلبه، حائزًا عنده مقامًا رفيعًا، كما زوّجه النبيّ أحبّ بناته إليه؛ السيّدة فاطمة الزهراء، ونهى أمّته عن الإساءة إليه، وحَثّ المسلمين على مَحبّته، وأمرهم بمُوالاته.
كان عليّ – رضي الله عنه – رجلًا شجاعًا شَهِدَت له الميادين بالبطولة، والتضحية، والفداء، كما كان صاحب علمٍ غزيرٍ، وفِقهٍ عميقٍ بالقرآن والسنّة، بما حباه الله من اللسان السؤول، والقلب العقول، وكان رجلًا حكيمًا، وقاضيًا عَدلًا؛ بفضل دعوة النبيّ له، أمّا في مجال الخَطابة، فقد كان خطيبًا مُفوَّهًا تقطر عباراته، وكلماته بلاغةً، وسحرًا، وقد تحلّى بكثيرٍ من الصفات الحَسنة، كالوَرَع، والتقوى، والحياء، والتواضُع، والعفّة، وغيرها الكثير، ويوم خيبر قال صلى الله عليه وسلم: «لأعطين الراية رجلًا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله…»، ودفع الراية إلى علي، ففتح الله عليه. (رواه أحمد ومسلم والترمذي). ويوم الهجرة كان الفدائيَّ الذي نام في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمره يومئذ (23) سنة، وعرّض نفسه للقتل ونقمة قريش، وجاهد في بدر وكان علي رضي الله عنه أحد الثلاثة الذين بدؤوا المبارزة (هو وعمه حمزة، وعبيدة بن الحارث)، فقتل خصمه شيبة بن ربيعة. وفي الخندق، هو الذي بارز كبش الكتيبة عمرو بن وُد العامري، فقتله. وكان عمرو قد شهد بدرًا ونذر ألا يمس رأسُه دهنًا حتى يقتل محمدًا!!. ولازم علي أبا بكر وعمر وعثمان في الحكم فكان المستشار والوزير والمعين.. ولطالما قال عمر: «لولا عليّ لهلك عمر» ! عُرف عليّ بالذكاء الحاد، لا سيما في شأن القضاء. وكان صاحب فصاحة نادرة، وبلاغة عالية، وخطابة فذّة، وشجاعة تُضرب بها الأمثال.
شباب الإسلام
الفدائي الأول «علي بن أبي طالب» رضي الله عنه
00:00 ص, الأربعاء, 05 مايو, 2021
