غزة والأراضي المحتلة – وكالات:

 عمّت احتفالات واسعة وعفوية مناطق قطاع غزة والضفة الغربية والداخل الفلسطيني، مع بدء سريان وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي. وضجت شوارع قطاع غزة بحشود خرجت للاحتفال بنهاية الحرب الإسرائيلية على القطاع، وأطلقت مفرقعات وألعابًا نارية ورصاصًا حيًا في الهواء، بعدما خرجت بشكل عفوي احتفاءً ب «انتصار غزة على إسرائيل».

ورُفعت أعلام فلسطين وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وباقي الفصائل، وترددت التكبيرات عبر مكبرات المساجد في القطاع، مع ترديد هتافات تشيد بالمقاومة وتحيي صمود الشعب الفلسطيني في المسجد الأقصى والقدس وحي الشيخ جراح الملاصق للحرم القدسي.

وخرج فلسطينيون أيضًا في احتفالات عفوية إلى جانب أنقاض منازل هدمتها القوات الإسرائيلية في الأيام الماضية بقطاع غزة، وذلك فرحًا بصمود القطاع في وجه العدوان، وبأداء فصائل المقاومة دفاعًا عن المسجد الأقصى وعن حي الشيخ جراح.

وفي مدن الضفة الغربية، خرجت احتفالات مماثلة، حيث وجّه المحتفلون في رام الله التحية لفصائل المقاومة في غزة لأدائها العسكري في وجه آلة الحرب الإسرائيلية، فضلًا عن إطلاق ألعاب نارية للتعبير عن انتصارهم في هذه الحرب.

كما سجلت احتفالات أخرى بمجرد سريان وقف إطلاق النار في مدن الخليل ونابلس وسلفيت وطولكرم والقدس والخليل وغيرها، فضلًا عن خروج احتفالات ومسيرات في مناطق الداخل الفلسطيني مثل أم الفحم، وفي مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

كما امتدت الاحتفالات إلى أحياء القدس المحتلة برفع التكبيرات والتهليلات، وذلك رغم سقوط كثير من الشهداء والجرحى والمعتقلين في الأراضي الفلسطينية.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لاحتفالات الفلسطينيين داخل القدس، حيث جاب المقدسيون أزقة المدينة القديمة أمام أنظار عناصر الجيش الإسرائيلي الذين بدا الحزن مسيطرًا على ملامحهم، بينما يهتف الفلسطينيون فرحًا بانتصار المقاومة ويهتفون للقدس.

كما خرج عشرات المقدسيين في عدد من أحياء المدينة، وأطلقوا أبواق سياراتهم مرددين هتافات: «بالروح بالدم نفديك يا أقصى».

بينما شهد عدد من محافظات القطاع مسيرات ومظاهرات عفوية شبابية، شارك فيها المئات من الشبان. وأطلق الشبان النار في الهواء، ورددوا الهتافات المشيدة ب«المقاومة».

وشهدت ساحات المسجد الأقصى، فجر أمس توافد الآلاف من المصلين الذين لبوا دعوات الاحتشاد «احتفالًا» بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، و«انتصار» المقاومة التي دخلت في مواجهة مع الاحتلال نصرةً للمسجد الأقصى الذي تعرض لاقتحامات عنيفة في أواخر رمضان، ولحي الشيخ جراح بالقدس المهدد بالإخلاء.

وأظهرت فيديوهات حالة من الاحتفال بالنصر بين المصلين، الذي دخلوا المسجد الأقصى مكبرين مهللين، كأنه يوم عيد، كما أنهم أدوا سجدة الشكر على أبوابه.

وبعد صلاة الفجر، احتشد الآلاف في ساحات المسجد رافعين الأعلام الفلسطينية ومرددين الهتافات المؤيدة للمقاومة والتي تحيي على الخصوص كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس.

واستمر جموع المصلين في هتافاتهم المؤيدة للمقاومة أثناء خروجهم من الأقصى وفي وجه الجنود الذين كانوا يتمركزون على الأبواب الخارجية للمسجد.

وكانت حركة حماس قد أعلنت الانتصار على إسرائيل في التصعيد الذي استمر 11 يومًا، مكذبة مزاعم تل أبيب بتدمير قدرات جهازها العسكري، وشبكة الأنفاق التابعة لها، فيما أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية تجهيز شكوى بهدف رفعها إلى المحكمة الجنائية الدولية حول الجرائم التي ارتكبتها تل أبيب في عدوانها الأخير على قطاع غزة.

وفي خطاب أمام المحتفلين الذين احتشدوا بالآلاف رافعين رايات حماس ومردّدين هتافات مؤيّدة للحركة ومناهضة لإسرائيل، قال القيادي خليل الحيّة: «نحن نحتفل بهذا النصر، ونقول للاحتلال إن عدتم عُدنا».

وأضاف كذلك: «نقول للعدو الذي يدّعي الانتصار، أيها العدو لقد انتصرت على أشلاء الأطفال والنساء».

وعن الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي: «نقول لأهلنا الذين دُمّرت بيوتهم والذين شُرّدوا، سنبني البيوت التي دمّرها الاحتلال وسنعيد البسمة».

وذكّر الحيّة بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «قال إنه سيدمّر الأنفاق على مقاومتنا، وأنا أقول له اليوم إن المجاهدين الآن يتبخترون في الأنفاق.. نعم مجاهدونا اليوم يسرحون ويمرحون في أنفاق العزة والكرامة».

من جانبه، أعلن رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية محمد أشتية أن الحكومة سترفع شكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل لارتكابها جرائم حرب في قطاع غزة شملت إبادة عائلات بأكملها.

وقال أشتية، في بيان نشره مكتبه أمس، إن الحكومة سترفع الجرائم التي اقترفتها إسرائيل بحق الأطفال والنساء إلى المحكمة الجنائية التي سبق أن فتحت تحقيقًا في الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبت خلال حروب ثلاث شنتها إسرائيل على غزة.

وأضاف: إن سكان قطاع غزة تعرضوا طيلة الأيام ال11 الماضية إلى عمليات قتل وترويع وإبادة جماعية.

وأشار أشتية إلى أنه خلال هذه الحرب الإسرائيلية أبيد أكثر من 20 عائلة بأكملها، وقتل عشرات الأطفال والنساء والشيوخ، وأصيب المئات بجراح بفعل الدمار الهائل الذي لحق بالمنشآت والمباني والعمارات والأبراج السكنية، وهدمت عشرات البيوت على رؤوس ساكنيها.

وفي المقابل حل الصمت والهدوء المناطق الإسرائيلية عقب سريان وقف إطلاق النار، مضيفًا أن الإسرائيليين سينامون هذه الليلة دون خوف من صواريخ المقاومة أو دوي صفارات الإنذار.

وبلغ عدد ضحايا العدوان على غزة 243 شهيدًا، بينهم 66 طفلًا و39 سيدة و17 مسنًا، بجانب نحو 1900 جريح، بحسب وزارة الصحة في القطاع.

فيما استشهد 28 فلسطينيًا، بينهم 4 أطفال، وأصيب قرابة 7 آلاف بالضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس، خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، يستخدم فيها الرصاص الحي والمعدني وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.

كما استشهد فلسطينيان أحدهما في مدينة أم الفحم والآخر في مدينة اللد، وأصيب آخرون خلال مظاهرات في البلدات العربية داخل إسرائيل.