راية الإسلام
العمل الصالح فيها أكرم والذنب أعظم.. دعاة لـ الراية :

الأشهر الحرم.. أيام مُعظّمة وثواب مضاعف

الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا عما في سواها من الشهور

على المسلم تجديد التوبة إلى اللّه في الأشهر الحرم والكف عن الوقوع في المعاصي

العرب في الجاهلية عظموا الأشهر الحرم .. وجاء الإسلام وأكد على حرمتها

الدوحة – نشأت أمين:

أكد عددٌ من الدعاة أن الأشهر الحرم لها مكانة وخصوصية كبيرة في الإسلام، وأنها أيام مُعظمة والثواب فيها مُضاعف، فالعمل الصالح فيها أكرم والذنب أعظم، لافتين إلى أنه، وإن كان الظلم في سائر شهور العام عظيمًا إلا أن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا عما في سواها.

وقالوا لـ الراية : إن العرب قبل الإسلام كانوا يتمسكون بملة إبراهيم عليه السلام في تحريم هذه الأشهر الأربعة، حيث كانت عندهم أيام سلم وأمان، فلا يعتدي أحد على الآخر، وعندما جاء الإسلام أكد على حرمتها.

وشدّدوا على أنه ينبغي على المسلم أن يحترم هذه الأشهر وأن يراقب نفسه فيها في السر والنجوى، وتجديد التوبة والإنابة إلى الله، والكفّ عن الوقوع في البدع والمعاصي والآثام.

ولفتوا إلى أن العرب قبل الإسلام تلاعبوا بالأشهر الحرم زيادةً ونقصانًا، تقديمًا وتأخيرًا حسب حاجتهم إلى القتال، وهو ما سمّاه المولى عز وجل في محكم كتابه «النسيء»، حيث قال عز من قائل (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).

حكمة الله

الشيخ محمد يوسف الإبراهيم

وقال فضيلة الشيخ محمد يوسف الإبراهيم: إن من حكمة الله جلّ وعلا اختياره وتفضيله لبعض خَلْقه على بعض، كما قال سبحانه «وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة»، فاختار سبحانه من الأمكنة مكة والمدينة على ما سواهما، وخصّهما بخصائص ومزايا لا تتحقق إلا فيهما، واختار من الأزمنة أوقاتًا وأيامًا وشهورًا، ومن تلك الأزمنة الأشهر الحرم التي ذكرها في كتابه، وحرمها يوم خلق السماوات والأرض.

ولفت إلى أنه قد جاء بيان هذه الأشهر الحرم في السنة النبوية، حيث قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في خطبته في حجة الوداع: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب شهر مُضَرَ، الذي بين جمادى وشعبان».

ونوّه بأنها قد سُميت بالأشهر الحرم لأن الله حرّم فيها القتال بين الناس، ولأن المعصية فيها تكون أعظم كما ذكر ذلك ابن كثير، رحمه الله، قال قتادة، رحمه الله: «إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا».

وقال: هذه الأشهر اختصت بفضائل عديدة، فكان العرب قبل الإسلام يعظمونها، فهي أيام سلم وأمان، فلا يعتدي أحد على الآخر، فجاء الإسلام وأكد على حرمتها، ومن فضائلها أن الأجر والثواب فيها مُضاعف، كما أن الإثم والمعصية والذنب يضاعف، قال تعالى «فلا تظلموا فيهن أنفسكم»، ومن فضائلها أن أعمال الحج تقع فيها، فعن ابن عمر، رضي الله عنهما، أنه قال عند قوله تعالى: «الحج أشهر معلومات»، هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، كما أن فيها أيامًا فاضلة أقسم الله بها في كتابه، ألا وهي أيام العشر الأول من ذي الحجة، وقد أخبر نبينا، صلى الله عليه وسلم، أنها من أفضل الأيام، والعمل الصالح فيها أعظم من غيرها، وفيها صيام شهر الله المحرم الذي قال النبي، صلى الله عليه وسلم، عنه: «أفضل الأيام بعد رمضان شهر الله المحرم» وصيام عاشوراء يكفر السنة الماضية.

وشدّد على أنه ينبغي على المسلم أن يحترم هذه الأشهر وأن يراقب نفسه فيها في السر والنجوى، وبمراجعة النفس وتجديد التوبة والإنابة إلى الله، والكفّ عن الوقوع في البدع والمعاصي والآثام.

اثنا عَشر شَهْرًا

د. سلطان الهاشمي

من جانبه أكد فضيلة د. سلطان الهاشمي، العميد المساعد للبحوث والدراسات العليا بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، أن الأشهر الحرم أربعة أشهر وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال عز وجل في محكم كتابه: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ».

وأضاف: هذه الأشهر لها بعض الأحكام الفقهية ومنها أنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، فكما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف، كذلك الحسنات تضاعف في البلد الحرام، وقد نقل ابن كثير: «كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف، فكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام».

‏وتابع: المولي تبارك وتعالى له أن يختار من الأشهر ومن الأيام ومن الساعات التي يفضلها على غيرها من الأوقات ولها مزية في العمل والثواب عن بقية الأوقات والأشهر، وهنا وقفة مع ما كان يفعله المشركون في الأشهر الحرم حيث قال تعالى: «إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ».

ففي الآية تم ذكر تحايلهم على هذه الأشهر، حيث كانوا يغيرون الأشهر الحرم على أهوائهم كل عام فيؤخّرون بعضها أو يقدِّمونه ويجعلون مكانه من أشهر الحل ما أرادوا حسب حاجتهم للقتال، إن ذلك زيادة في الكفر، يضل الشيطان به الذين كفروا، يحلون الذي أخّروا تحريمه من الأشهر الأربعة عامًا، ويحرمونه عامًا؛ ليوافقوا عدد الشهور الأربعة، فيحلوا ما حرَّم الله منها.

الذنب أعظم

د. عبدالله السادة

بدوره أوضح فضيلة د. عبدالله السادة أن الأشهر الحرم لها خصوصية ومن بينها أن العمل الصالح فيها أكرم والذنب أعظم، وقال: إن كل من رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولًا يعلم أن لله الحجة الدامغة والحكمة البالغة في تشريع ما يشاء من الأحكام، واصطفاء من يشاء من الأنام، وتفضيل ما يحب من الأزمنة، واختيار ما يرضى من الأمكنة.

وأشار فضيلته إلى أن المولى جل جلاله اصطفى من الملائكة رسلًا ومن الناس رسلًا، موضحًا أنه جلّ وعلا قد فضّل بعض الأمكنة على بعض، فمكة أفضل بقاع الأرض، ثم المدينة، ثم بيت المقدس. وأضاف: إن المولى سبحانه قد فضل أيضًا بعض الأيام على بعض، فعشر ذي الحجة أفضل الأيام عند الله، ويوم النحر أفضل أيام الدنيا، ويوم الجمعة خير يوم طلعت فيه الشمس، وليلة القدر خير من ألف شهر.

الأجر أكرم

وزاد بالقول: إن عدد الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا، وقد اختص سبحانه منها أربعةً فجعلها حرمًا وعظم حرماتها، وجعل الذنب فيها أعظم والعمل الصالح والأجر أكرم.

ولفت إلى أن العرب كانوا يعظمون هذه الشهور ويتمسكون بملة إبراهيم عليه السلام في تحريمها، وكان يشق عليهم تأخير القتال ثلاثة أشهر متوالية، فعمدوا إلى تحليل المحرم وتحريم صفر مكانه، فيستحلون المحرم عامًا ويحرمونه عامًا، وهكذا حتى اختلطت عليهم الأمور، مُضيفًا: إن تلاعب العرب بالأشهر الحرم زيادةً ونقصانًا، تقديمًا وتأخيرًا: هو الذي سمّاه الله عز وجل: النسيء.

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X