راية الإسلام
حثوا المواطنين على المشاركة فيها .. علماء الفقه والشريعة لـ الراية:

الانتخابات وسيلة مشروعة لتحقيق مبدأ الشورى

الانتخاب واجب على كل مواطن لما فيه مصلحة البلاد والعباد

د. علي القره داغي: الانتخاب أداة من أدوات تحقيق الشورى

د. سلطان الهاشمي: الصوت الانتخابي شهادة لا تجوز لأهواء شخصية أو محاباة لقرابة

د. عايش القحطاني: أداء الصوت في الانتخابات شهادة يجب عدم كتمانها

الدوحة- محروس رسلان:

أكّد عددٌ من علماء الفقه والشريعة الإسلامية أنَّ الانتخابات وسيلة مشروعة لتحقيق مبدأ الشورى في الشريعة الإسلامية .. داعين المواطنين إلى ضرورة المشاركة في انتخابات مجلس الشورى لما في ذلك من إعانة للمؤسسات التشريعية على أداء مهامها على أكمل وجه، ومن باب التعاون على البر والتقوى.

وشدد العلماء، في تصريحات لـ الراية على ضرورة إدلاء كل شخص له حق الانتخاب بصوته في الانتخابات .. مشيرين إلى أن تقاعس الناس عن الانتخاب قد يؤدي لتعطيل مصالحهم وتولي المهمة من ليس عنده كفاءة. وأكدوا أن أداء الصوت شهادة لا يجب كتمانها والله عز وجل قال في الشهادة: (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ). سورة البقرة: 283، مؤكدين أن الانتخاب واجب على كل المواطنين ‏لما فيه مصلحة البلاد والعباد.

ورأوا أن ‏‏التصويت شهادة للإنسان بأنه يتمتع بالكفاءة اللازمة لتولّي هذا المقعد، مبينين أن ‏الشهادة كما هو معروف لا تجوز لأهواء شخصية أو محاباة لقرابة وإلا فيُخشى على صاحبها من الوقوع في قول الزور الذي حذرنا الله منه في كتابه العظيم.

في البداية، أكّد فضيلة الشيخ د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن هناك مبادئ ثابتة في القرآن الكريم لقضية الحكم، أولها العدل ثم الشورى، ثم المساواة في الحقوق والواجبات حسب الشريعة، وبالتالي من البديهي وضع الآليات الكفيلة بتحقيق العدالة وبإعمال مبدأ الشورى ثم المساواة.

وقال فضيلته: الإسلام وضع المبادئ ووسع في دائرة تكييف العدل، حيث كان العدل في السابق يتحقق عبر وجود حاكم ومحكمة واحدة، وفي العصر الحديث أصبحت هناك ثلاث مراحل للتقاضي، ولا مانع من ذلك، لأنها أدوات لتحقيق العدالة، وقديمًا كان القاضي واحدًا، والآن أصبح هناك ثلاثة قضاة في المحكمة، وهو أمر طيّب ولا مانع منه.

وأبانَ أن مسألة الانتخاب بالنسبة للبرلمان ليست مخالفة للشريعة، وإنما هي أداة من أدوات تحقيق الشورى. وأكد أن الشريعة عظمتها أنها تضع مبادئ قابلة للتطبيق بوسائل متنوعة، والشريعة حددت البيعة كميثاق بين الحاكم والمحكوم، والبيعة هي رضا الأمة عن الحاكم ونظام الحكم، وبالتالي فهي صفقة، وفي الشريعة هي وكالة بالأجر.

وأبانَ أن هذا النظام لو وضع له دستور كدستور المدينة للمسلمين وغير المسلمين فليس هناك مانع، لأنه ينظم العلاقة بين الشعب والحاكم ونُظم الحكم والانتخابات وسيلة مشروعة لتحقيق مبدأ الشورى في الشريعة الإسلامية.

بدوره، أكّد فضيلة الدكتور سلطان الهاشمي أستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة قطر، أن ‏‏التصويت شهادة للإنسان بأنه يتمتع بالكفاءة اللازمة لتولي هذا المنصب، مبينًا أن ‏الشهادة كما هو معروف لا تجوز لأهواء شخصية أو محاباة لقرابة. وقال عمن يدلون بأصواتهم من أجل القرابة أو الأهواء: من فعل ذلك أخشى عليه أن يكون قد شهد شهادة الزور. ‏والحق تبارك وتعالى يقول: «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ» سورة الحج: 30.

وأكّد أنه ينبغي على المواطنين المشاركة في هذه الانتخابات لما في ذلك من إعانة للمؤسسات التشريعية على أداء مهامها على أكمل وجه، ومن باب التعاون على البر والتقوى. ولو تقاعس الناس عن الانتخاب لأدى ذلك لتعطيل مصالحهم، وتولى المهمة من ليس عنده كفاءة.

ونوّه بأنه ‏إذا وجد من المرشحين من تتوفر فيه الصفات التي تؤهله ‏لتقديم ما فيه مصلحة البلد ومصلحة الناس، فلا ينبغي أن يتردد الناخب عن التصويت له.‏ وقال: من هذا الباب أرى أن الانتخاب واجب على كل المواطنين ‏لما فيه مصلحة البلاد والعباد.

من جانبه، أوضح فضيلة الشيخ د. عايش القحطاني أن هناك عدة ضوابط ينبغي أن يراعيها المنتخب خلال إدلائه بصوته منها تقوى الله، وذلك لأن الإنسان المؤمن مؤتمن ومسؤول وهو من سيختار ويحدد من يمثله وما سيصدر عنه فيما بعد من قرارات، وبالتالي لابد من حسن اختيار المرشح المناسب.

وقال: عملية الاختيار أمانة تجاه رب العالمين وتجاه الوطن، ويجب أن يتم اختيار الأنفع، ولا بد من البعد عن العنصرية في هذا السياق.

وأضاف: نريد من المواطن اختيار من ينفع للعمل ويساهم في تطوير الأداء والنهوض بالدولة، لأن إيكال الأمر إلى غير أهله فيه تضييع للأمانة، وضياع الأمانة ضياع لكل شيء ثمين، وهو مُؤْذِن بالهلاك كما جاء في الحديث أنه بيْنَما كان النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَوْمَ، جَاءَهُ أعْرَابِيٌّ فَقالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحَدِّثُ، فَقالَ بَعْضُ القَوْمِ: سَمِعَ ما قالَ فَكَرِهَ ما قالَ. وقالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حتَّى إذَا قَضَى حَدِيثَهُ قالَ: «أيْنَ – أُرَاهُ – السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ» قالَ: هَا أنَا يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: «فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»، قالَ: كيفَ إضَاعَتُهَا؟ قالَ: «إذَا وُسِّدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». (صحيح البخاري).

وشدد على ضرورة إدلاء كل شخص له حق الانتخاب بصوته في الانتخابات؛ لأن أداء الصوت شهادة لا يجب كتمانها والله عز وجل قال في الشهادة: (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ). سورة البقرة: 283.

وأكّد أنه يجب على كل إنسان مؤتمن أن يؤدي حق الأمانة وأن يقوم بها وأن يؤديها أحسن أداء لقول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا). الأحزاب: 72.

ووجه باختيار الكفء لتمثيل المواطنين في مجلس الشورى، مُستشهدًا بقول الله عز وجل: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ). سورة: القصص 26، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر عندما طلب الولاية: «إنك ضعيف»، حيث جاء في صحيح الإمام مسلم بن الحجاج بسنده إلى أبي ذر رضي الله عنه قال: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قالَ: فَضَرَبَ بيَدِهِ علَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قالَ: «يا أَبَا ذَرٍّ، إنَّكَ ضَعِيفٌ، وإنَّهَا أَمَانَةٌ، وإنَّهَا يَومَ القِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إلَّا مَن أَخَذَهَا بحَقِّهَا، وَأَدَّى الذي عليه فِيهَا».

وأبان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يختار الشخص المناسب في المكان المناسب وكان يضع كل إنسان في موضعه، ولنا فيه أسوة حسنة. وأكد أن من يختار بالأهواء آثم؛ لأنه يساهم في تضييع الأمانة ويساهم في تحييد الأجدر وهدر الكفاءات.

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X