المنتدى

نجاحات مبهرة للدبلوماسية القطرية

قطر ستبقى «كعبة للمضيوم» وجسرًا للمحبة والسلام

بقلم/ بابكر عيسى أحمد:

تحت القيادة الرّشيدة لحضرة صاحب السّموّ الشّيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدّى، حققت قطر نجاحات دبلوماسية كبيرة ومبهرة خلال استضافتها للمحادثات بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان التي قاتلت الوجود الأمريكي في أفغانستان على امتداد عشرين عامًا عقب الهجوم الدموي والدامي الذي استهدف برج التجارة العالمي في نيويورك، ومقر وكالة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.

النجاح الذي حققته قطر عبر «الدبلوماسية الناعمة» بين واشنطن وكابول كان مثار تقدير واعتزاز العديد من العواصم الدولية المؤثرة، وزاد هذا التقدير بعد الجهود الإنسانية المقدّرة التي بذلتها قطر في إجلاء العسكريين الأمريكيين والرعايا الأجانب والمتعاونين، وإيوائهم في الدوحة قبل انتقالهم إلى وجهاتهم النهائية، إلى جانب المساعدات الإنسانية عبر جسر جوي بين الدوحة وكابول، والعمل عبر فريق فني قطري لتهيئة مطار كابول لاستئناف الرحلات الدولية.

وقد نقل وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيان لحضرة صاحب السّموّ الشّيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدّى شكر الرئيس الأمريكي جو بايدين خلال استقبالهما بالديوان الأميري مساء الاثنين 6 /‏‏‏9 /‏‏‏2021، حيث ثمن خلاله الوزيران دور قطر في عمليات الإجلاء من أفغانستان، ودعمها عملية السلام إضافةً إلى استضافة الدوحة للمفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، ووصفاها بالشراكة الوثيقة بين البلدين، وبالدور الدبلوماسي لدولة قطر الذي يساهم في حفظ الأمن والسلم إقليميًا ودوليًا، كما أعربت واشنطن سابقًا عن امتنانها لتعاون دولة قطر بشأن أفغانستان ودعمها -الذي لا غنى عنه- في عملية الإجلاء.

وكان وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيان أنتوني بلينكن ولويد أوستن قد عقدا مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا مع نظيرَيْهما القطريَيْن الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، والدكتور خالد العطية، أكدا خلاله شراكة الدوحة وواشنطن لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة، وقال بلينكن: إن الولايات المتحدة مستمرة في دبلوماسيتها تجاه أفغانستان، وتعلم أن قطر ستكون شريكتها، مشيرًا إلى أن علاقة واشنطن مع قطر قديمة، ولن تنسى ما قامت به خلال عمليات الإجلاء، موضحًا أن علاقات بلاده مع قطر أكثر عمقًا من أي وقت مضى، وأن قطر قدمت دعمًا طبيًا كبيرًا ساهم في إنقاذ الأرواح.

وفي السياق ذاته، جدّد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن التأكيد أن قطر ساهمت في إنقاذ آلاف الأرواح، ولم تكن واشنطن لتحقق إنجاز الإجلاء من أفغانستان دونها، معربًا عن ثقته في وقوف قطر مع الولايات المتحدة في دعم الأمن والسلم في المنطقة، وقال أوستن: إن الولايات المتحدة أكملت أكبر عملية إجلاء في تاريخها، شملت أكثر من 124 ألف شخص من أفغانستان، متوجهًا بالشكر لدولة قطر على الدعم والمساندة.

و من جهته، أكّد وزير الخارجية القطري أن المباحثات مع وزيرَي الخارجية والدفاع الأمريكيَين ركّزت على عمليات الإجلاء من أفغانستان، مع التشديد على أهمية فتح الممرات الإنسانية، مُشيرًا إلى إجلاء نحو 58 ألف شخص من أفغانستان عبر قطر.

وبدوره، قال وزير الدفاع القطري: جرى خلال المباحثات مناقشة الوضع الإنساني في أفغانستان إضافة إلى العمل الفني والتقني في مطار كابول الدولي بعد الانسحاب الأمريكي.

نجاح الدبلوماسية القطرية تداعى صداه في العديد من العواصم الدولية المؤثرة، فقد تناول موقع (سي. جي. تي. أن) الإخباري الصيني في مقال له على الموقع الإلكتروني، الدور الرئيسي الذي تلعبه قطر في الملف الأفغاني، مؤكدًا أنه في الوقت الذي يراقب فيه المجتمع الدولي التطورات من كثب، ظهرت قطر لاعبًا رئيسيًا ووسيط اتصال مهمًا بين حركة طالبان والمجتمع الدولي، وشهدت قطر حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا متعلقًا بالأزمة الأفغانية، حيث زارها وزراء خارجية ألمانيا وهولندا وبريطانيا وإيطاليا، كما تلقت الدوحة العديد من الاتصالات الهاتفية من زعماء الدبلوماسية في العالم لتنسيق إجلاء مواطنيها الذين ما زالوا عالقين في أفغانستان، كما أشار الموقع إلى دور قطر التي تبعد 1800 كيلومتر من أفغانستان، كلاعب رئيسي ووسيط محايد يعتمد عليه.

وفي نيودلهي أشار موقع (ذا سياسات ديلي دوت كوم) الهندي بالدور الذي لعبته قطر، وفتح للعالم نافذة ذات مصداقية للتحدث والتفاوض مع طالبان، وقال الموقع: إن قطر برزت باعتبارها عنصر استقرار في المنطقة الجغرافية الاستراتيجية بأكملها -جنوب آسيا والخليج وآسيا الوسطى، حيث تقع أفغانستان- ما فتح نافذة ذات مصداقية للعالم لمشاهدة طالبان والتحدث معها منذ 29 فبراير 2020، وهو اليوم الذي وقعت فيه اتفاقية الدوحة. وأضاف الموقع الإلكتروني الهندي: إن كابول قد تكون في الأخبار لكن الدوحة هي التي أصبحت المغناطيس الذي جذب اليابان والهند والدول الأوروبية لبدء حوار مع طالبان، وأعلنت الخارجية اليابانية عن افتتاح مكتب مؤقت في الدوحة وسيترأس مكتب الدوحة -حسب وكالة الأنباء اليابانية- سفير اليابان في أفغانستان تاكاشني أوكادا.

ومن اللفتات الإنسانية الرائعة التي حظيت بتقدير وارتياح كبيرَين الزيارة التي رافقت فيها السيدة لولوة بنت راشد الخاطر، مساعد وزير الخارجية، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية- السيد جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى إحدى منشآت الإقامة المؤقتة للأشقاء الأفغان وهي تلك المنشآت المخصصة لكأس العالم لكرة القدم 2022، مؤكدة أن هذه المساهمة من قطر ستكون جزءًا من إرث المونديال.

و من جانبه، قال السيد حسن الذوادي الأمين العام للجنة العُليا للمشاريع والإرث: إنّه سعد بالمشاركة في تلك الزيارة التي تعكس حرص الحكومة القطرية على ضمان الحفاظ على صحة اللاجئين وكرامتهم وتقديم الرعاية اللازمة لهم.

التحية لكل الذين بذلوا الجهد المقدر لجعل قطر في صدارة الدبلوماسية وجعل ما حدث ممكنًا، ونخص بالشكر والتقدير سعادة الدكتور مطلق بن ماجد القحطاني المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري لمُكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، والسفير القطري في أفغانستان سعادة سعيد بن مبارك الخيارين، والطاقم الفني القطري من هيئة الطيران المدني، وستبقى قطر تحت القيادة الرشيدة «كعبة للمضيوم» وجسرًا للمحبة والسلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X