انطلاق الحوار الاستراتيجي بين قطر وبريطانيا قريبًا
الحوار مؤشر مهم على إرادة مشتركة لتعزيز التعاون ونتوقع عقده سنويًا
العلاقات القطرية البريطانية أصبحت أهم من أي وقت مضى
علاقتنا قديمة وتاريخية وتسير في الاتجاه الصحيح
التشاور السياسي مستمر بيننا على أعلى مستوى للقيادة والحكومة

الدوحة – إبراهيم بدوي:
قال سعادة السيد جوناثان بول ويلكس سفير المملكة المُتحدة لدى الدولة إنه جارٍ التحضير لإطلاق أول حوار استراتيجي بين قطر والمملكة المتحدة قريبًا في مؤشر مهم على الإرادة المشتركة للبلدين لتعزيز علاقاتهما القوية في كافة المجالات.
وأكد سعادته في حوار خاص مع الراية أنه تم الاتفاق على عقد اجتماعات لفرق عمل من الجانبين للتحضير للحوار الاستراتيجي برئاسة وزيري خارجية البلدين ويشمل تعزيز كافة علاقات التعاون السياسية والدفاعية والأمنية والاقتصادية والتعليميّة وغيرها من قطاعات التعاون الحيوية.
وقال السفير: إن العلاقات القطرية البريطانية أصبحت أهم من أي وقت مضى والتشاور السياسي مُستمر على أعلى مستوى للقيادة والحكومة، بينما ظل زخم العلاقات التجارية والاقتصاديّة بين البلدين قويًا رغم أزمة الوباء العالميّة.
ومن جهة أخرى ثمّن السفير البريطاني دور قطر في أفغانستان ووصفه بأنه دور حيوي وإيجابي للعالم بأسره، مُعربًا عن شكره لجهود قطر في تسهيل إجلاء مئات البريطانيين من أفغانستان. كما أشار إلى تكثيف التعاون القطري البريطاني لبناء تفاهمات جديدة بين الحكومة الانتقالية الأفغانية ودول المنطقة والعالم وغيرها من التفاصيل في سطور هذا الحوار:
علاقات الصداقة
• سعادة السفير، بمناسبة مرور ٥٠ عامًا على معاهدة الصداقة بين قطر وبريطانيا الموقعة في سبتمبر عام ١٩٧١.. ما تقييمك لتطوّرات العلاقات بين البلدين الصديقين؟
– معاهدة الصداقة القطرية البريطانية قبل ٥٠ عامًا، جاءت بلورة لعلاقات قديمة وضاربة في جذور التاريخ بين بلدينا. وشهدت هذه العلاقات تحسنًا كبيرًا خلال السنوات القليلة الماضية، ونرى أن علاقتنا تسير في الاتجاه الصحيح فقد تغيّرت قطر بشكل جذري وأيضًا في بريطانيا حدثت تغيرات اقتصادية واجتماعية كبيرة جدًا ومع تلك التغيرات والتطوّرات أصبحت علاقتنا أهم من أي وقت مضى على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية وأيضًا في التعليم والصحة وغيرها من القطاعات الحيوية فضلًا عن العلاقات الوثيقة بين الشعبين.
تشاور مكثف
• كيف ترى أهمية الحوار والتشاور السياسي المُستمر بين البلدين؟
– شهد الحوار السياسي بين بلدينا تقدمًا كبيرًا خلال العامين الماضيين والتشاور مُستمر على أعلى مستوى للقيادة والحكومة في بلدينا ورأينا لقاء حضرة صاحب السمو مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في الأمم المُتحدة بنيويورك مؤخرًا. وربما لم نشاهد زيارات رسمية متبادلة لفترة بسبب وباء «كوفيد-١٩» ولكن منذ عام تقريبًا تطوّر برنامج الزيارات بشكل كبير وهناك حوار سياسي مُكثف بين بلدينا، وأتوقع أننا سنبني على هذا الحوار في السنوات المقبلة بين وزراء الخارجية والدفاع والتجارة في البلدين.
حوار استراتيجي
• وما الجديد على جدول التعاون القطري البريطاني المُشترك في الفترة المقبلة؟
– نتوقع زيارات عديدة متبادلة بين قطر وبريطانيا خلال الفترة المقبلة وعلى رأسها اهتمام حضرة صاحب السمو بمؤتمر الأمم المتحدة عن تغير المناخ في جلاسكو ببريطانيا الشهر المُقبل، حيث اتخذت قطر خطوات مهمة في ملف التغير المناخي الذي يعد الملف رقم واحد للعالم بأسره حاليًا. والأجواء مشجعة للغاية برفع قيود السفر ما يعني زيارات عديدة متبادلة خلال الشهرين المقبلين. كما أننا اتفقنا على عقد اجتماعات خلال الفترة القادمة لتحضير حوار استراتيجي بين البلدين على مستوى وزراء الخارجية، وهذا أمر جديد ومؤشر مهم على إرادة قطرية بريطانية مشتركة لدفع الحوار بين البلدين إلى مستوى استراتيجي.
• وما أهمية إقامة مثل هذا الحوار بين قطر وبريطانيا؟ وكيف تمّ الاتفاق على إطلاقه؟
– تم إبرام الاتفاقية خلال زيارة وزير الخارجية البريطاني السابق دومينيك راب إلى الدوحة مؤخرًا، بحيث يتم تشكيل فرق عمل من البلدين لتحضير الحوار الاستراتيجي. وسيكون الملف الأفغاني حاضرًا إضافة إلى ملفات أخرى مهمة في المنطقة وبالطبع الملف الاقتصادي والاستثماري مهم جدًا للبلدين وأيضًا البيئة ومكافحة التغير المناخي وغيرها من الملفات. وتكمن أهمية هذا الحوار في تعزيز العلاقات على كافة المستويات السياسية والدفاعية والأمنية والتجارية والاستثمارية وأيضًا قطاعات التعليم والصحة والرياضة، وأتوقع أن يكون هذا الحوار سنويًا، ما يعني لقاءات ومتابعة دورية ومنتظمة، ويعكس ذلك التطورات الإيجابية للعلاقات القطرية البريطانية خلال السنوات القليلة الماضية.
اقتصاد قطر
• بالحديث عن تعزيز العلاقات.. ما مردود خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على علاقاتكم مع الدوحة حتى الآن؟
– لقد أصبحت لدينا حرية كبرى بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، واستقلالية كاملة لعقد اتفاقيات جديدة مع دول مهمة مثل قطر ودول الخليج عمومًا ومختلف دول العالم، ولكن بالنسبة لبريطانيا فإن الأسواق الخليجية ككتلة اقتصادية من أهم الأسواق في العالم وتحتل المركز الرابع بالنسبة للصادرات البريطانية بعد الاتحاد الأوروبي وأمريكا والصين، وهناك علاقات استثمارية كبيرة في قطر وبريطانيا. ومن بين الدول الخليجية فإن الاقتصاد القطري كبير ومُتنامٍ وأصبح مهمًا جدًا في المنطقة والعالم.
-
40 مليار جنيه إسترليني حجم الاستثمارات القطرية في بريطانيا
-
تطورات إيجابية للتعاون التجاري والاستثماري في الفترة القادمة
-
تعاون وثيق لتأمين مونديال قطر وتعزيز الشراكة لما بعد البطولة
-
نريد فرصة للجلوس مع الحكومة الانتقالية خارج أفغانستان ويفضل بالدوحة
-
قطر ساهمت في إجلاء المئات من البريطانيين من كابول
-
بعثتنا في كابول تعمل من الدوحة وتتلقى دعمًا كاملًا من الحكومة القطرية
تأشيرة بريطانيا
• بريطانيا وجهة مفضلة للكثير من القطريين.. فمتى يتم إعفاؤهم من اشتراطات التأشيرة خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟
– القطريون ليست لديهم أي مشكلة في الحصول على التأشيرة و٩٩٪ من طلباتهم للتأشيرة ناجحة وسريعة، وبسبب الوباء كانت هناك قيود على الجميع، ولكننا عملنا في الصيف الماضي على إخراج قطر من القائمة الحمراء والاعتراف ببرنامج التطعيم القطري وتسهيل السفر، وأتوقع زيادة كبيرة في عدد الزوار من قطر إلى بريطانيا في الأسابيع المقبلة كما بدأ بعض الطلاب في الحصول على تأشيرات لاستئناف الدراسة. ونحن نعتز كثيرًا بهذا التواصل بين شعبينا كأحد الجسور المهمة لتعزيز العلاقات الوثيقة بين البلدين.
زيادة الاستثمارات
• هل من مباحثات لزيادة الاستثمارات المتبادلة؟ وكم يبلغ حجم الاستثمارات القطرية في بريطانيا وآفاق تنميتها؟
– تبلغ الاستثمارات القطرية في بريطانيا نحو ٤٠ مليار جنيه إسترليني وخلال لقاءات مع جهاز قطر للاستثمار ومستثمرين آخرين بالقطاع الخاص أعربوا عن اهتمامهم بزيادة استثماراتهم في بريطانيا خاصة مع بداية تعافي الاقتصاد العالمي من الوباء، ولذلك فإنني أتوقع تطورات إيجابية على مستوى التعاون التجاري والاستثماري في الفترة القادمة.
التبادل التجاري
• كم يبلغ حجم التبادل التجاري وسبل زيادته مستقبلًا؟
– بلغ حجم التجارة الثنائية بين المملكة المتحدة وقطر 4.4 مليار جنيه إسترليني قبل نهاية العام الحالي. ورغم تأثير الوباء على الاقتصاد العالمي، فإن زخم علاقاتنا التجارية والاقتصادية ظل قويًا خاصة مع استعدادات قطر لاستضافة كأس العالم العام المقبل وتطور المجالات الجديدة للاقتصاد في بريطانيا وعدم الرهان على القطاعات القديمة التقليدية، ولذلك فإننا نعمل معًا في قطر وبريطانيا من أجل اقتصاد القرن الواحد والعشرين.
تأمين المونديال
• ماذا عن التعاون الدفاعي والأمني بين البلدين خاصة مع الشراكة القائمة بينهما لتأمين بطولة كأس العالم 2022؟
لدينا تعاون وثيق في المجال الأمني والعسكري خاصة مع تنظيم قطر كأس العالم العام المقبل ولدينا اتفاقيات للبناء على هذا التعاون بين البلدين من أجل تأمين كأس العالم ولكن على المدى البعيد أيضًا لتقوية الشراكة الاستراتيجية لما بعد المونديال، ولذلك سوف نرى تطورات إيجابية في السنوات المقبلة. ولدى المملكة المتحدة وقطر رغبة مُشتركة لعمل المزيد وتعزيز التعاون بينهما في هذا القطاع.
التطورات الأفغانية
• فرضت التطورات الأفغانية نفسها على الساحة الدولية.. فكيف كان التعاون القطري البريطاني للتعامل مع هذه التطوّرات؟
– كان هذا مجالًا جديدًا للتعاون يمكن أن نسميه تعاونًا استراتيجيًا بين قطر وبريطانيا منذ منتصف الشهر الماضي. ونقدّر الجهد المبذول من قطر على المستوى السياسي وعلى مستوى تنظيم عمليات الإجلاء ونتعاون خصوصًا في رحلات نقل البريطانيين من كابول إلى الدوحة ومنها إلى بريطانيا وكان العدد بالمئات ومع ذلك كانت الترتيبات القطرية سواء في عمليات الإجلاء أو الاستقبال رائعة وممتازة. ولعبت قطر دورًا حيويًا وإيجابيًا جدًا في التعامل مع الملف السياسي في أفغانستان ليس فقط دورها في الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان ثم الحوار بين الأفغان ولكن أيضًا فيما يخص ترتيب رحلات الإجلاء وتوفير هذا الجسر الجوي الذي كان مُهمًا للغاية في إيصال المُساعدات الإنسانية للشعب الأفغاني.
دور حيوي للعالم
• في رأيك لو لم تكن قطر حاضرة، كيف كانت ستسير الأمور في أفغانستان؟ وإلى أين وصلت المشاورات القطرية البريطانية حول تلك التطوّرات الأفغانية؟
– لا يوجد بديل لقطر. وبالطبع هناك الكثير من دول جوار أفغانستان ولهم دور مهم في مجالات مختلفة ولكن دور قطر كان حيويًا جدًا للعالم، ولذلك هذا التعاون سوف يستمر. وتدور مشاوراتنا مع قطر الآن حول كيفية تجنب تدهور الأوضاع في أفغانستان. ولذلك هناك حوار مكثف بيننا واتصالات شبه يومية حول أفغانستان. ونرحب ونقدّر استقبال قطر لسفارات بعض الدول التي انتقلت من كابول إلى الدوحة بما في ذلك البعثة البريطانية التي تلقى دعمًا كاملًا من الحكومة القطرية. ويساعد وجود تلك البعثات بالدوحة في تعزيز التعاون الدولي وتسهيل التواصل والتنسيق من أجل دعم أفغانستان والشعب الأفغاني.
التنسيق حول أفغانستان
• كيف تم التنسيق بين السفارة والسلطات القطرية لإجلاء البريطانيين من مطار كابول؟
– كنا نركز في البداية على عملية إجلاء البريطانيين من أفغانستان والآن نفكر في التواصل مع الحكومة الجديدة في أفغانستان من أجل الدعم الإنساني للشعب الأفغاني وتجنب الانزلاق الأمني أو الاقتصادي وهو أمر مهم جدًا ولدينا خلافات مع الحكومة الأفغانية الحالية وطالبان فيما يخص حقوق الإنسان خاصة حقوق المرأة، ولكن مع ذلك نتعامل مع السلطات في أفغانستان بالواقعية وعلى أساس الأفعال لا الأقوال.
الحوار الآن
• ما الأهداف القطرية البريطانية المُشتركة فيما يخص الوضع في أفغانستان حاليًا؟
– أولًا استمرار هذه الرحلات وتأسيس السفارات في الدوحة لبدء الحوار الدولي مع السلطات الجديدة في أفغانستان والتي تركز حاليًا على ترتيب شؤونها الداخلية ولكننا نعلم أن الوضع الاقتصادي والإنساني هش وصعب جدًا والوقت ضيق ونريد أن نسرّع الحوار وندعم إعادة فتح سفارتنا في كابول ولكن سيستغرق ذلك وقتًا ونحتاج الآن إلى الحوار مع السلطات في أفغانستان حول الأمور الأمنية وكيفية سير العمل والتعامل مع القضايا في كابول ونحتاج إلى الفرصة للجلوس مع الحكومة الانتقالية خارج أفغانستان حتى نتكلم عن زيارات وفتح سفارات، ما يقتضي حوارًا الآن، ومن الأفضل أن يكون في الدوحة.
• ولكن ألا يعني ذلك اعترافًا بريطانيًا بالحكومة الحالية في أفغانستان؟
– بالنسبة لبريطانيا هذه ليست مشكلة لأننا في الأعراف والتقاليد الدبلوماسية البريطانية نعترف بالدول ولا ندخل في هذا الجدل السياسي حول الاعتراف بحكومات أو أنظمة ونعترف بالدولة الأفغانية، ولذلك نتحدّث عن التعاون من أجل دعم الشعب الأفغاني وهذا في مصلحة ليس فقط الشعب الأفغاني ولكن أيضًا دول الجوار والمنطقة، لأنه إذا تدهورت الأمور، سوف يدفع الكل الثمن خاصة إذا زاد عدد اللاجئين وانتشر الجوع وتدهور الوضع الصحي والتعليمي وما يترتب عليه من اتجاه للعنف والتطرف، ولذلك فإننا نرحّب بدور قطر خاصة مع تأكيدها على استمرار قيامها بهذا الدور لبناء الجسور بين كل الأطراف وإيجاد حلول لبعض الخلافات والتركيز على المصالح المُشتركة ودعم كافة أبناء الشعب الأفغاني.
تقدير واسع
• وكيف يرى الداخل السياسي البريطاني دور قطر؟
– هناك شكر وتقدير واسع لدولة قطر بين كافة الأحزاب والأطراف السياسية في بريطانيا وأيضًا الحكومة البريطانية، وهو ما عبّر عنه رئيس الوزراء البريطاني خلال لقائه بصاحب السمو في نيويورك مؤخرًا بتقديم الشكر والتقدير لجهود دولة قطر، مؤكدًا على مواصلة التعاون المُشترك وهو تعاون استراتيجي، وبريطانيا منفتحة ومستعدّة لتوسيع العلاقات التجارية والاستثمارية مع كل دول الخليج ولكن التطوّرات الإيجابية في قطر كبيرة وسريعة جدًا وفتحت فرصًا جديدة وواعدة، وسوف تشهد علاقاتنا تطوّرات كبيرة خلال الأشهر المُقبلة وسيتم الإعلان عنها في حينها بما يُعزّز التعاون بين بلدينا الصديقين.