إسطنبول – وكالات:
على امتداد 23 عامًا، تمكن المواطن التركي «عمر كوندوغان» (42 عامًا)، من زراعة 10 آلاف شجرة صنوبر وصفصاف وتوت في أراضٍ قاحلة على جانبي جدول ماء قريب من قريته في ولاية دياربكر التركيّة (جنوب شرق)، مُكوّنًا حزامًا أخضر على طول الجدول. ولد كوندوغان عام 1979 في قرية «يايوان» التابعة لقضاء هاني في ولاية دياربكر، ويفخر كوندوغان اليوم بالحزام الأخضر الذي شكله على مدى 23 عامًا، في أراضٍ قاحلة، على امتداد جدول للماء يبعد عن قريته 8 كيلومترات ويُعرف باسم «عنبر».
نجح كوندوغان في تشكيل حزام أخضر على جانبي الجدول من خلال زراعة 10 آلاف شجرة صنوبر وصفصاف وتوت، حيث كان يرعى أغنامه في شبابه. ومنذ أن زرع الشجرة الأولى في المنطقة، نصحه القرويون بعدم مواصلة هذا الجهد لاستحالة نموها على أرض قاحلة رملية، إلا أنه واصل العمل على تشجير حافتي الجدول على مدى 23 عامًا. زرع كوندوغان 10 آلاف شتلة من التوت والصنوبر والصفصاف، حصل عليها من حدائق «هوسل» في دياربكر وبعض المشاتل الموجودة في المنطقة، وواظب على الاعتناء بالشتلات التي زرعها على جانبي الجدول بجهوده الخاصّة.
ورغم انتقاله من القرية إلى العيش في مدينة دياربكر، إلا أن ذلك لم يقلل من حبه وشغفه بالأشجار. هذا الشغف دفعه لزيارة المنطقة بانتظام في أيام معينة من الأسبوع وزراعة شتلات جديدة على جانبي الجدول والعناية بالأشجار الأخرى التي زرعها. ورغم عنايته بالشتلات التي زرعها واهتمّ بها، إلا أن حوالي 3 آلاف شتلة فقط من أصل 10 آلاف شتلة زرعها، أينعت ونمت، بسبب التربة الرملية والقاحلة. ونتيجة للجهود الحثيثة التي بذلها كوندوغان على مدى 23 عامًا، تحوّلت المنطقة إلى حزام أخضر بطول 8 كيلومترات على جانبي الجدول، وإلى مكان يمكن زيارته للاستمتاع بخضرة الطبيعة ورؤية أعشاش الطيور التي بدأت تتكاثر على أغصان الأشجار والاسترخاء في الظل خلال أشهر الصيف.
عشق للطبيعة
وقال كوندوغان: إنه يشعر بالسعادة لأنه تمكن من تحقيق حلمه برؤية الخضرة قد أحاطت بجدول مياه «عنبر»، وإنه يعشق الطبيعة الخضراء ويريد أن يترك هذا الإرث للأجيال القادمة. وأضاف لمراسل الأناضول: إنه لم تكن هناك شجرة واحدة على امتداد جانبي جدول المياه الذي يبعد عن قريته نحو 8 كيلومترات وإنه كان يشعر بالحزن لهذا. وذكر أنه قرر زراعة الأشجار منذ أن كان طفلًا، وهذا العمل كان يُشكل حلمًا بالنسبة له، إلا أن أسرته وأصدقاءه ومن كان حوله عارضوا قراره، لكون التربة الموجودة في المنطقة قاحلة ورملية، لدرجة أن البعض سخر منه. وتابع: لم يصدقوني في البداية. لكنني عقدت العزم على زراعة الشتلات على جانبي الجدول. لقد زرعت أولى الشتلات بعشق للطبيعة وحماس مُنقطع النظير.
موئل للطيور
وأوضح كوندوغان أنه يشعر بسعادة كبيرة لأنه تمكن من خدمة الطبيعة والمُساهمة في نمو ثلاثة آلاف شجرة، وأنه عاقد العزم على زراعة المزيد من الشتلات والأشجار. وقال: عند رؤية الأشجار تنمو وتنضر، بدأ القرويون يسألونني «بأي نوع من الحب قمت بزراعة هذه الأشجار». لقد اختبرت معنى السعادة والفخر بتحويلي أرضًا قاحلة سابقًا إلى مكان يتوق الآخرون لزيارته بغرض النزهة والاستمتاع بالطبيعة مُصطحبين عائلاتهم وأطفالهم.