كأس الأمير لكرة القدم… بطولة عريقة وذكريات مميزة طيلة 48 نسخة
الدوحة -قنا:
منذ انطلاقة بطولة كأس سمو الأمير المفدى لكرة القدم وهي حلم كل لاعب وكل فريق وكل مدرب وناد، ورغم أنها مسك ختام بطولات الموسم إلا أنها دائما تحظى بالاهتمام الكبير منذ بداية الموسم، من أجل نيل شرف معانقة اللقب الغالي.
ويأمل الجميع أن يكون النهائي المرتقب بين السد والريان في النسخة الـ49 استثنائيا، من خلال تأمين فرجة كروية ممتعة، لاسيما وأنها ستلعب على ملعب مونديال 2022 ( استاد الثمامة)، والذي سيشهد تدشينه في هذه القمة الكروية المنتظرة.. كما تحظى نهائيات الكؤوس باهتمام كبير، على اعتبار أن المنافسة ستكون مختلفة عما تقدمه الفرق في الدوري، والكل يسعى إلى أن يقدم أفضل ما لديه، من أجل معانقة اللقب الغالي.
وانطلقت البطولة في نسختها الأولى في الموسم 1972-1973، وحلق الأهلي بأغلى الكؤوس للمرة الأولى.
وقد مرت البطولة الغالية بثلاث مراحل هامة في مشوارها الرائع، وكان المشوار الأول منذ انطلاقها موسم 1973 وحتى موسم 1999، حيث كانت المشاركة فيها تقتصر على فرق دوري الدرجة الأولى، ولم يسبق لفريق من فرق الدرجة الثانية أن شارك في البطولة حتى موسم 2000، الذي شهد مشاركة أندية الدرجة الثانية للمرة الأولى، وتحقق حلم جميع الأندية القطرية في نيل شرف اللعب فيها وربما تحقيق مفاجأة من العيار الثقيل والوصول إلى منصة التتويج بالكأس الغالية.
والمرحلة الثالثة اعتبارا من موسم 2004، والتي تحولت فيه البطولة إلى نظام المراحل الخمس ونظام خروج المغلوب من مرة واحدة ما عدا المربع الذهبي الذي أقيم بنظام الذهاب والإياب لمدة موسمين فقط، ثم تحول المربع الذهبي إلى الذهاب فقط، بسبب ضغط المباريات بعد تحول الدوري القطري للمحترفين إلى الأقسام الثلاثة.
ومنذ انطلاق البطولة كانت المواجهات تجري بعد إجراء القرعة بين الفرق التسعة، وبعد التطور الذي طرأ على نظامها كانت القرعة تجري بين جميع الفرق، وفي التطور الأخير اعتمد اتحاد الكرة تصنيفا للأندية ومن خلاله تجري القرعة بين جميع فرق الدرجة الثانية والأولى.
وجعل التطور الأخير البطولة من خمس مراحل للمرة الأولى، وكانت المرحلة الأولى بين فرق الدرجة الثانية، بجانب الفريقين اللذين يحتلان المركزين التاسع والعاشر في دوري النجوم، ويتأهل الفائزون إلى المرحلة الثانية بجانب الفرق التي احتلت المركز من الخامس إلى الثامن، وينضم أصحاب المراكز الأولى في الدوري للمشاركة في البطولة اعتبارا من المرحلة الثالثة أو دور الثمانية.
وقد ساهم هذا النظام في ارتفاع مستوى البطولة وتأهل من يستحق إلى المباراة النهائية، ورغم عدم فوز أي فريق من فرق الدرجة الثانية باللقب الغالي، إلا أن البطولة وبعد تطوير نظامها ومشاركة فرق الدرجة الثانية بجانب فرق الدرجة الأولى، شهدت العديد من المفاجآت والتي كان بعضها مدويا، نظرا لقوة الفرق التي راحت ضحية لهذه المفاجآت.
ولعل من أبرز مفاجآت البطولة الغالية في موسم 2000، والذي شهد فوز الشحانية على الخور 3-0.
ولا ينسى تاريخ البطولة أكبر مفاجآتها المدوية والتي حققها السيلية على الريان بفوزه بهدف دون رد، وتأهل السيلية إلى الدور الثالث وكاد أن يواصل مفاجآته لولا أن قطر حقق الفوز بصعوبة بهدف دون رد وصعد إلى المربع الذهبي.. وشهدت المرحلة الثانية للبطولة في موسم 2004 مفاجأة أكبر، وكان بطلها أيضا السيلية الذي أطاح بالغرافة حامل اللقب موسم 2002 وبنتيجة 3-1، وتأهل السيلية على حساب الغرافة إلى المرحلة الثالثة (دور الثمانية) وخسر بصعوبة وبهدف دون رد أمام السد بطل الدوري.
وفي نسخة موسم 2007 ، شهدت البطولة مفاجأة كبيرة بوصول الخور إلى المباراة النهائية التي خسرها بركلات الجزاء أمام السد.
ولعل أكبر مفاجآت البطولة التي لا تزال حاضرة في أذهان جماهير الكرة القطرية فوز أم صلال باللقب الغالي في عام 2008 ، بعد تفوقه في المربع الذهبي على السد حامل اللقب، ثم في النهائي على الغرافة بطل الدوري.
وفي سنة 1995، فاز نادي الاتحاد، الغرافة حاليا بكأس سمو الأمير المفدى واستمر نادي الغرافة مسيطرا على اللقب حتى عام 1998، أي أربع مرات متتالية.. وهذا رقم قياسي لم يسجله أي فريق قطري سابقا.
وفي عام 1999، وصل الغرافة إلى النهائي ضد فريق الريان وكاد أن يدخل التاريخ بحصوله على الكأس خمس مرات متتالية.. ولكن في هذه المرة حقق نادي الريان الكأس، في مباراة ماراثونية جميلة بعد أن خسر بنتيجة هدفين مقابل هدف واحد، ويعد منصور مفتاح هو الهداف التاريخي للمسابقة برصيد 36 هدفا.
أما أكبر نتيجة كانت لنادي الأهلي على نادي السد في النهائي والذي انتهت مباراته بنتيجة ستة أهداف مقابل هدف واحد، وطيلة هذه السنوات الماضية ظل فريق نادي السد الذي تأسس في العام 1969، يحقق الإنجاز تلو الإنجاز، حتى أصبح رقما صعبا ليس على مستوى الكرة القطرية فحسب ولكن حتى على المستويين القاري والعالمي،بالبطولات المتنوعة التي فاز بها.
وعلى المستوى المحلي، فمسيرة السد حافلة بالإنجازات، وللفريق الافضلية في عدد مرات الفوز بلقب الدوري 15 مرة كرقم قياسي ويأتي بعده الريان 8 ألقاب، وأندية الغرافة والعربي والدحيل وكل واحد منهم فاز به 7 مرات .
ولم تتوقف أرقام السد عند الدوري بل تعدتها إلى بطولة كأس سمو الأمير المفدى التي يعتبر النادي الأكثر فوزا بها حيث نالها 17 مرة في الأعوام 1975 و1976 و1977 و1982 و1995 و1986 و1988 و1991 و2000 و2001 و2005 و2007 ، ليعود بعد ذلك في عام 2014 ويتوج باللقب، ثم في 2015 ،2017 ، وآخر لقب له في الموسم الماضي 2020.
ويبقى نهائي كأس سمو الأمير المفدى لكرة القدم الحدث الأهم الذي يترقبه الجميع، لما تمثله المباراة النهائية من قيمة معنوية كبيرة ذات مضامين رياضية واجتماعية وثقافية كبيرة، وذلك من خلال الفعاليات والبرامج العديدة المرافقة لها.
وقد نجحت اللجنة العليا للمشاريع والإرث والاتحاد القطري لكرة القدم عبر الأفكار الخلاقة والمساعي الحثيثة في تحويل هذه البطولة إلى محفل رياضي للكبار والصغار على حد سواء ومع النشاطات المتجددة والفعاليات التي تنظم، في ظل اهتمام متصاعد وتفاعل كبير وصدى إيجابي، جعل من هذا الحدث أكثر من مجرد بطولة رياضية، وإنما مناسبة للتلاقي والتعاون ومناسـبة اجتماعية تشترك فئات المجتمع من كافة الأعمار في أجوائها الاجتماعية والأسرية المميزة التي تم توفيرها في مكان واحد يتسع 40 ألف متفرج رغم جائحة كورونا.. حيث تم اتخاذ جميع التدابير الصحية والوقائية التي تهدف إلى الحفاظ على صحة الأفراد أولا.
ورغم توافد أعداد كبيرة من الجماهير، إلا أن المتعة تبقى السمة الأبرز، لا سيما مع الأجواء المثالية التي تم توفيرها من أجل الحدث الكبير، إضافة إلى التسهيلات الكبيرة التي تسهم في وصول الجماهير إلى الاستاد بسهولة ويسر من خلال شبكة مترو متطورة وحديثة تصلك الى الملعب في لمح البصر.
وحرصا من الجانبين على إضفاء المزيد من الاهتمام لهذه البطولة تم إضافة العديد من الأفكار التي تتناسب مع أفكار البطولات السابقة وتزيدها ناجحا وتألقا من خلال تطوير مبدأ الفعاليات ليشمل أبعادا مختلفة بحيث لم تعد الفعاليات والاحتفاليات مجرد ترفيه، وإنما ثقافة وتعليم وتفاعل.
وختاما، يمكن القول إن المتعارف عليه أنه في مباريات الكؤوس لا توجد أي مقاييس، وتصعب التكهنات وهذا ما يعلمه الجميع، ولذلك فإن نسبة فوز الريان أو السد ستكون متقاربة.. وقد ينجح السد في مواصلة أفضليته على منافسه، وقد يحدث العكس ويعود الريان نحو منصات التتويج بعد غياب طويل على حساب الفريق أكثر تتويجا في المسابقة، حيث يعود تاريخ آخر لقب حصده الريان لعام 2013.