
حلب- وكالات:
أثرت الحرب الدائرة في سوريا بشكل كبير على المهن اليدوية الصعبة، حيث دفع الخوف من القصف كثيرًا من أصحاب تلك المهن إلى تركها. وفي ظل ظروف الحرب المستمرة، تعمل عائلة نافو الحلبية جاهدة للحفاظ على صنعة «تبييض الأواني النحاسية» وإنقاذها من الاندثار بعد أن انخفض عدد العاملين فيها إلى حد كبير. مدينة الباب شمال حلب، كانت في وقت ما إحدى المدن التي تزخر بالمهن اليدوية مثل الرسم والكتابة على الخشب وترصيع اللؤلؤ وتبييض النحاس، لكنها الآن مهددة بالاضمحلال، فيما يحاول القليل من الحرفيين الحفاظ على هذه المهن التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم.
تبييض النحاس
عائلة نافو في مدينة الباب من أبرز العائلات التي تسعى للحفاظ على مهنة تبييض النحاس حيث يعمل الحرفي «عبدو» على نقل المهنة التي تعلمها من والده إلى ولده نديم البالغ 14 عامًا. ويقضي نديم معظم وقته في مشغل أبيه بعد العودة من المدرسة، حيث يتعلم أصول المهنة. ويقول نافو الأب، إنه «يعمل بالمهنة التي عمل بها آباؤه وأجداده ويسعى للحفاظ عليها، وأنه يشعر بالسعادة لذلك». ويضيف أنه «يمارس المهنة رغم كل المصاعب التي يواجهها ويقوم بتبييض أواني النحاس وتلك المصنوعة من معادن أخرى». ويردف: «فقدنا الكثير من الحرفيين خلال الحرب، ولم يبق هنا إلا شخصان يعملان في هذه المهنة، ونحن نعمل بكل جهدنا للحفاظ عليها من الاندثار حيث إن الجيل الجديد من الشباب لا يتقبلها لأنها متعبة».
توريث المهنة
ويلفت نافو إلى أنه «يعلّم ابنه المهنة حتى يضمن استمرارها للأجيال القادمة». ويتابع: «المكان الذي أعمل به كان مشغلًا لجَدّي ثم بيع بسبب الحاجة للنقود، والآن استأجرته وأمارس فيه نفس المهنة وأحاول الحفاظ عليها في ظل ظروف صعبة وعدم وجود حرفيين ماهرين في المجال كما في السابق». ويؤكد أنه «يعتزم تعليم أبنائه وأقاربه هذه المهنة حتى ينقلوها إلى أبنائهم بدورهم لضمان عدم اندثارها». من جانبه، يقول نديم إنه «يقضي أوقات فراغه خارج المدرسة في مشغل والده يتعلم المهنة باعتبارها المهنة التي توارثوها عن أجدادهم»، معربًا عن رغبته «بتعلم كل تفاصيل المهنة وإتقانها بشكل كامل».