قطر وبولندا.. علاقات استراتيجية وآفاق واعدة للازدهار
مناقشة أبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك
بدأت العلاقات الدبلوماسية رسميًا بين البلدَين في سبتمبر 1989
اتفاقيات مهمة تعزّز العلاقات بين الدوحة ووارسو في مختلف المجالات
حجم التجارة سجل نموًا متواصلًا بلغ 852.4 مليون دولار في 2019
بولندا تستورد ثلث احتياجاتها من الغاز الطبيعيّ المسال من قطر
مشاورات سياسية منتظمة بين البلدَين على مستوى وزراء الخارجية

الدوحة- قنا:
في إطارِ العلاقاتِ المزدهرة بين دولة قطر وجمهورية بولندا، بدأ فخامة الرئيس أندجي دودا رئيس جمهورية بولندا، زيارة رسمية للبلاد.
وسيستقبل حضرةُ صاحب السّموّ الشّيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، فخامة الرئيس البولندي، غدًا بالديوان الأميري، لبحث العلاقات الثنائية بين البلدَين وأوجه تطويرِها وتنميتها في مختلف مجالات التعاون، إضافةً إلى مناقشة أبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
ومن المنتظر أن تساهم الزيارة والمباحثات التي ستجرى خلالها في تعزيز التعاون بين البلدين وخدمة مصالحهما المشتركة، وفتح آفاق جديدة للتعاون والتنسيق.
وترتبطُ دولة قطر وجمهورية بولندا بعلاقات قوية في القطاعات السياسية والاقتصادية وغيرها، وتمتد العلاقات بين البلدَين إلى زمن طويل رغم تأسيس سفارتي البلدين في وقت قريب نسبيًا، فقد كانت بولندا من أوائل الدول التي اعترفت بدولة قطر بعد إعلان استقلالها عام 1971 ودعمت طلبها لدخول الأمم المتحدة، في حين بدأت العلاقات الدبلوماسية رسميًا بين البلدَين في سبتمبر من عام 1989.
وتبادل البلدان الزيارات على أعلى المستويات خلال السنوات الأخيرة، ففي عام 2017 قام حضرةُ صاحب السمو الشّيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدّى بزيارة بولندا، حيث عقدت بالقصر الرئاسي في العاصمة وارسو، جلسة المباحثات الرسمية بين دولة قطر برئاسة حضرة صاحب السّموّ أمير البلاد المُفدّى، وجمهورية بولندا برئاسة فخامة الرئيس أندجي دودا الذي أشاد بالعلاقات الدبلوماسية والصداقة والتعاون بين البلدين، كما أكد حرصه على تنمية مجالات التعاون مع دولة قطر في شتى المجالات خاصة الاقتصادية والثقافية والصحية والعسكرية، بالإضافة إلى تطلع بولندا للمساهمة من خلال الشركات البولندية في مجال مشاريع كأس العالم FIFA قطر 2022.
تطوّر ونموّ
من جانبه، وصفَ سموّ الأمير المُفدّى الزيارة بأنها تعد فرصة للتباحث حول القضايا ذات الاهتمام المشترك وسبل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات، مشيدًا بما تشهده العلاقات من تطور ونمو يدعو للارتياح، لا سيما في المجال الاقتصادي.
وتنظّم العلاقات بين الدوحة ووارسو مجموعة من الاتفاقيات التي تشمل الإعفاء من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة، والتعاون في المجالات الاقتصادية والسياحية والثقافية والعلوم الطبية والرعاية الصحية، والتدريب العسكري، والنقل الجوي وتجنّب الازدواج الضريبي.
مشاورات سياسية
ومنذ عام 2014، تعقد مشاورات سياسية منتظمة بين البلدَين على مستوى وزراء الخارجية، فضلًا عن التنسيق السياسي بينهما في المحافل الدولية.
وكان عام 2016 نقطة تحوّل في العلاقات التجارية بين البلدَين، عندما بدأ تسليم الغاز الطبيعي المسال القطري إلى بولندا، بعد افتتاح محطة الغاز في سوينوجيسي البولندية على بحر البلطيق.
الغاز القطريّ
وتستورد بولندا ثلثَ احتياجاتها من الغاز الطبيعي المسال من قطر، والتي أصبحت أكبر مورد للغاز الطبيعي لبولندا، خاصةً عقب الاتفاقية التي تم توقيعها عام 2017 التي تضاعف كمية الغاز المصدر لبولندا.
وبهدف بحث فرص جديدة لدعم ودفع التعاون الاقتصادي والاستثماري والسياحي، زار الدوحة في نوفمبر الماضي، سعادة السيد باول جابلونسكي، نائب وزير الخارجية للدبلوماسية الاقتصادية في بولندا، على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى، حيث اجتمع الوفد مع عددٍ من كبار المسؤولين القطريين عن الاقتصاد والتجارة ورجال الأعمال القطريين وناقش معهم سبل تعزيز التعاون مع مجلس الأعمال القطري البولندي ومركز قطر للمال، وهيئة قطر للمناطق الحرة، ووكالة ترويج الاستثمار، ورابطة رجال الأعمال القطريين، وواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، ومايكروسوفت قطر. كما افتتح رئيس الوفد، المنتدى القطري-البولندي للتكنولوجيا الجديدة، بمُشاركة نحو 20 شركة بولندية.
وبفضل الوجود المتزايد لرأس المال القطري في بولندا، تمَّ القيام بالكثير من الاستثمارات المهمة في سوق العقارات البولندي، ومن ذلك شراء مجمع مباني المكاتب في وارسو بمساحة إجمالية تبلغ حوالي 44000 متر مربع.
حجم التجارة
وظلَّ حجم التجارة بين البلدَين يسجل نموًا متواصلًا وقد بلغ بحلول عام 2019، نحو 852.4 مليون دولار أمريكي، حيث بلغ حجم الصادرات القطرية إلى بولندا نحو 750.1 مليون دولار، تتكون في الأساس من الغاز الطبيعي المسال، في حين كانت الصادرات البولندية إلى قطر متنوعة للغاية وبلغت مستوًى قياسيًا بنحو 102.3 مليون دولار، وتضمنت مجموعات من المنتجات من بينها أجهزة ميكانيكية وكهربائية بجانب منتجات زراعية ومنتجات صحية، وأنواع مختلفة من الأثاث.
وتقدر مساحة بولندا بأكثر من ثلاثمئة واثني عشر ألف كيلو متر مربع، وعدد سكانها بثمانية وثلاثين مليون نسمة، وتعد بولندا بوابة الدخول لشرق أوروبا والذي يضم 250 مليون نسمة، وانضمت للاتحاد الأوروبي عام 2004، ويلعب إنتاج الغذاء في بولندا دورًا مهما حيث إن خمسين بالمئة من مساحة أراضيها تستغل في الزراعة، وفي عام 2017 شحنت بولندا ما قيمته 224.6 مليار دولار أمريكي من السلع حول العالم، وتعد ألمانيا المجاورة الشريك التجاري الرئيسي لها.
معدّل الاستثمارات
وتحتلّ المرتبة الرابعة على مستوى العالم من حيث معدّل الاستثمارات، بسبب المُناخ الاستثماري المميز وكثرة الفرص الاستثمارية فيها، وهي سادس أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، ويقدر ناتجها المحلي الإجمالي، بخَمسمئة وستة وتسعين مليار دولار أمريكي.
ويصنف البنك الدولي بولندا باعتبارها دولة ذات اقتصاد مرتفع الدخل، وتحتل المرتبة الحادية والعشرين على مستوى العالم من حيث الناتج المحلي، فضلًا عن المرتبة الرابعة والعشرين في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال لعام 2017.
وجهة استثمارية
وعلى مدار التاريخ كانت بولندا ومازالت من أهم الطرق التجارية في قارة أوروبا، وهي الوجهة الأوروبية الرئيسية للمستثمرين الأجانب الذين يقولون إنهم يجدون فيها أيادي عاملة ماهرة، وتكاليف إنتاج منخفضة وبيئة ملائمة للأعمال التجارية، كما أصبحت العاصمة وارسو واحدة من أسرع المدن نموًا في الاتحاد الأوروبي بسبب حيويتها وازدهارها، كما أنَّ موقعها الاستراتيجي في قلب أوروبا، جعل منها مركزًا جاذبًا لقطاعات اقتصادية مختلفة.