
الدوحة- الراية:
أكّد تقريرُ QNB أنَّ ظهور متحوّر «أوميكرون» الجديد المثير للقلق، لم يوقف تعافي الاقتصاد العالمي بشكل ملحوظ من تأثير جائحة «كوفيد-19» الذي بلغ ذروته في العام الماضي.
وكان هذا التعافي مدفوعًا بصفة رئيسية بالتحفيز المالي والنقدي غير المسبوق، لا سيما في الولايات المتحدة، الذي أطلق موجة من الارتفاع الحادّ في الطلب الاستهلاكي.
ولسوء الحظ، لم تتمكّن «مراكز التصنيع الآسيوية» أو سلاسل التوريد العالميّة من مواكبة هذا الارتفاع القوي في الطلب. ونتيجة لذلك، حدثت اختناقات كبيرة في سلاسل الإمداد أدّت إلى ارتفاع تكاليف البضائع وتأخّر أوقات تسليمها.
وأشار التقرير إلى أن اختناقات سلاسل التوريد العالميّة من أهم المواضيع المطروحة للنقاش في الاقتصاد العالمي حاليًا. فهي تعتبر بمثابة رياح معاكسة للتعافي الاقتصادي تعيق القدرة على تلبية هذا الطلب، وقد تحول دون تلبيته بشكل كامل. وتؤدّي هذه الاختناقات أيضًا إلى ارتفاع التضخّم العالمي، الأمر الذي يضع تحديّات أمام البنوك المركزيّة فيما يتعلق بقرارات السياسة النقديّة.
وعلى الرغم من استمرار الاختناقات، فإننا على ثقة من أن سلاسل التوريد العالميّة تتعافى بالفعل. وهناك ثلاث نقاط رئيسية تدعم وجهة نظرنا هذه، فقد بدأ الارتفاع القوي والمؤقت في الطلب ينحسر، وتتعافى «مراكز التصنيع الآسيوية» من تأثير متحور دلتا في الربع الثالث، كما أن أوقات وتكاليف الشحن العالميّة بدأت تتراجع فعليًا.
أولًا، سمحت المحفزات الماليّة والنقديّة الضخمة بتعافي الطلب على السلع الاستهلاكيّة في معظم الاقتصادات المتقدّمة. على وجه التحديد، كان التحفيز في الولايات المتحدة قويًا لدرجة أنه تسبب في زيادة مؤقتة في الطلب على مستوى العالم. ومع ذلك، فإن للميزانية حدودًا حتى بالنسبة لحكومة الولايات المتحدة، وقد بدأ حيز السياسة المالية ينحسر بشكل طبيعي. ويبدو أن قانون «برنامج إعادة البناء» الذي أصدره الرئيس الأمريكي جو بايدن ضخم للغاية، فهو يتضمن مخصصات إجماليّة بقيمة 2 تريليون دولار أمريكي لبنود الإنفاق الجديدة والمزايا الضريبيّة. ومع ذلك، فإن تأثير «برنامج إعادة البناء» سيظهر على مدى 10 سنوات، وسيكون للتركيز المتزايد على الإنفاق على البنية التحتيّة تأثير أخف على الطلب الاستهلاكي بالمقارنة مع شيكات التحفيز التي يتم إرسالها مباشرة إلى الأسر. في المقابل، كان هناك انتعاش في الطلب الاستهلاكي في الاقتصادات الكبيرة الأخرى (مثل الاتحاد الأوروبي واليابان)، لكن الطلب لم يصل إلى مستويات مماثلة كما حدث في الولايات المتحدة والمحصلة النهائيّة هي أن الطلب الاستهلاكي العالمي سيظلُّ قويًا، ولكنه يتراجع من الارتفاع المؤقت الذي سببته الولايات المتحدة.
ثانيًا، جاء الارتفاع في الطلب الاستهلاكي في وقت تضررت فيه «مراكز التصنيع الآسيويّة» بموجة جديدة من الجائحة تسبب فيها متحوّر دلتا. وعلى الرغم من أن الدول الآسيويّة تمكنت من إدارة تأثير الجائحة بنجاح في عام 2020، إلا أنها اكتفت بذلك وشهدت تباطؤًا في إطلاق حملات التطعيم منذ بداية عام 2021.
وأدّى هذا الأمر إلى زيادة عدد الإصابات الجديدة بسبب متحوّر دلتا، وبالتالي كان لا بد من فرض قيود للسيطرة على الوضع، وهو ما أدّى بدوره للأسف إلى خفض الإنتاج الصناعي. ولحسن الحظ، ساعد ارتفاع معدّلات التطعيم خلال الأشهر القليلة الماضية البلدان الآسيوية على استعادة السيطرة في إدارة تأثير الجائحة. حاليًا، يتعافى الإنتاج داخل «مراكز التصنيع الآسيوية» وهي تعمل بسرعة لتلبية الطلبات المتراكمة.
ثالثًا، بدأت تكاليف الشحن العالميّة في الانخفاض، وهو مؤشر على تراجع اختناقات سلسلة التوريد. وتراجع عدد من المؤشرات عالية التردد الخاصة بتكاليف الشحن العالميّة مؤخرًا. فقد انخفض «مؤشر البلطيق للشحن الجاف» بنسبة 50% من ذروة تجاوزت 5000 في أكتوبر، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2008، إلى أقل من 2500 في 17 نوفمبر. وانخفض «مؤشر البلطيق فريتوس» للحاويات من أعلى مستوى له وهو 11000 في سبتمبر إلى حوالي 9000 في أواخر نوفمبر. أما «مؤشر الحاويات العالمي المركب لشركة درويري»، فقد انخفض بنحو 10% من ذروته في أكتوبر إلى حوالي 9000 دولار أمريكي بحلول 18 نوفمبر.