أجواء مونديالية مذهلة في كأس العرب
إشادات جماعية بالنجاحات غير المسبوقة تنظيميًا وفنيًا
متابعة- صابر الغراوي:
تعيشُ الجماهيرُ العربيةُ بشكل عام والقطرية بشكل خاص أجواء مونديالية بنكهة عربية، خلال منافسات بطولة مونديال العرب التي تستضيفها الدوحة حاليًا وتختتم مساء السبت المقبل وذلك بسبب توافر كل مقومات النجاح والإبداع والإبهار للدرجة التي جعلت الجميع يصف هذه البطولة ب «مونديال العرب» باعتبار أن هذا النجاح لا يقل في روعته عن نجاح أي دولة في العالم في تنظيم بطولة كأس العالم.
وهناك العديد من الأدلة الدامغة على هذا النجاح المبهر بداية من عبارات الإشادة التي تنهال يوميًا على اللجنة المنظمة للبطولة ومرورًا بالإقبال الجماهيري غير المسبوق في مثل هذه البطولات، ووصولًا إلى النجاح التنظيمي الواضح الذي لم يترك أيَّ شيء للصدفة.
ولو تحدثنا عن الإشادات العديدة لابدّ أن تكون البداية عند السويسري جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، باعتباره رأس الهرم الكروي في العالم، حيث إنه عبّر عن سعادته الكبيرة بقدرة دولة قطر على إنجاح تنظيم مونديال العرب 2021.
وأكّد إنفانتينو، في حديث نشرته قناة «الكاس»، أن بطولة مونديال العرب 2021، كانت أكبر من مجرد مرحلة تجريبية لكأس العالم 2022، لأنها كانت مونديالًا حقيقيًا، والمسابقة نجحت بكل المقاييس.
واعتبر جياني إنفانتينو أن قطر استطاعت تحويل بطولة مونديال العرب 2021 إلى مونديال حقيقي، بسبب المنافسة القوية بين المنتخبات المشاركة، وأصبحت أمرًا مهمًا لجماهير منطقة الشرق الأوسط.
وتابع جياني إنفانتينو: «لقد نجحت بطولة مونديال العرب، لأنها ليست مرحلة تجريبية لكأس العالم 2022، فالمسابقة العربية بعد المباراة الأولى أصبحت فيها منافسة بين الجميع، لأنها ستحدد من هو أفضل فريق في العالم العربي».
وبعيدًا عن تصريحات إنفانتينو فإن عشاق كرة القدم يرون أن هناك مؤشرًا لا يقل أهمية عن تلك الإشادات، وهي أن مونديال العرب خطف الأضواء في منطقتنا العربية من الدوريات الأوروبيّة الكبرى التي تقام في نفس توقيت البطولة، وذلك بعد أن فرضت البطولة نفسها كمونديال مصغّر لكأس العالم لتكون البطولة المفضّلة لكافة عشّاق الساحرة المستديرة. وإذا كان البعض يرى أنها أشبه بالمونديال المصغر، فإن اللجنة المنظمة تعاملت معها على أنّها «كأس قارات» مكبرة.
وتعوّد الجميع دائمًا على أن يكون العام الذي يسبق تنظيم المونديال في أي بلد بالعالم مخصصًا لإقامة منافسات بطولة كأس القارات، ولكن مع إلغاء هذه البطولة وجدت اللجنة المنظمة لمونديال قطر 2022 في البطولة العربية فرصة نموذجية لاختبار الملاعب والتجهيزات والتحضيرات.
وبما أن كأس القارات كانت تشهد مشاركة ثمانية منتخبات فقط، وبما أن مونديال العرب شهد مشاركة 16 منتخبًا دفعة واحدة، فإن هذا يدفعنا لإطلاق لقب كأس قارات مكبرة على البطولة العربية.
ولعلّ الحضور الجماهيري الكبير في المدرجات الذي تابعه الجميع والتفاعل الكبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي دليل قاطع على ما تقدّمه قطر لهذه البطولة والمستويات الفنيّة العالية التي شهدتها في ظل المباريات القويّة التي أقيمت في الدور الأوّل مرورًا بالدور ربع النهائي ووصولًا إلى الدور نصف النهائي.
وبطبيعة الحال كان الحضور الجماهيري الكبير هو الظاهرة الأبرز في البطولة، حيث حققت مباراة منتخبنا الوطني أمام الإماراتي رقمًا قياسيًا في تاريخ الكرة القطريّة بحضور 63439 مشجعًا في استاد البيت ملعب افتتاح مونديال قطر 2022، وهو أيضًا ملعب نهائي مونديال العرب، حيث تجاوز هذا العدد مباراة الافتتاح التي جمعت بين منتخبنا الوطني والبحرين، وشهدت حضور 47813 مشجعًا، كما شهدت مباراة الجزائر ومصر في دور المجموعات لتحديد بطل المجموعة الرابعة، حضور 32 ألف مشجع وهي السعة التي تمّ تخصيصها للمباراة التي تمت زيادتها من نسبة 75% لتزيد على 90%، بينما شهدت مباراة تونس مع سلطنة عُمان في ربع النهائي حضور 21329 مشجعًا، كما تجاوز الحضور الجماهيري في مباراة الجزائر والمغرب 25 ألف مشجع بحسب السعة التي وضعها الفيفا لهذه المباراة، وبعدها امتلأت جنبات استاد 974 عن آخرها بمشجعي منتخبَي تونس ومصر، قبل أن يتكرر نفس المشهد في المباراة الثانية في الدور نصف النهائي والتي جمعت بين منتخبنا الوطني والمنتخب الجزائري.
ولا يختلف اثنان على أن قطر أعادت بطولةَ مونديال العرب إلى الواجهة من جديد، وأعادت لها هيبتها وزادت شعبيتها وجماهيريتها، ورسمت فرحة كبيرة على وجوه الجماهير العربية، وجمعتهم من الخليج إلى المُحيط بعد أن قدمت نسخة عربية بطابع ونكهة مونديالية نقلت بها البطولة إلى مصافّ البطولات العالمية، وذلك بعد دخول البطولة تحت مظلة الاتحاد الدولي للمرة الأولى في تاريخ البطولة، وهو ما يعد حافزًا قويًا لاستمرارية البطولة ومطالبة الفيفا بإبقاء البطولة ضمن رزنامته الدولية.
ومما لا شك فيه أيضًا أن هذه النسخة من البطولة العربية قدّمت لجماهير المنطقة فرصة تاريخية لتعيش أجواء مونديالية فريدة على ملاعبنا المونديالية قبل عام كامل من المونديال المرتقب، وذلك من خلال التنظيم النموذجي للجنة المنظمة التي تحرص فيه على منح الفرصة للجماهير لحضور أكثر من مباراة في يوم واحد، والتنقل بكل سهولة وسلاسة بين ملاعبنا المونديالية المختلفة سواء عبر شبكة المترو أو المُواصلات العامة الأخرى دون أي صعوبات أو معوقات، فضلًا عن أن الأجواء التي وفّرتها اللجنة المنظمة للجماهير في ملاعب المُباريات زادت من شغف الجماهير العربية التي حضرت بقوّة في المدرجات، وتنافست فيما بينها على الفوز بلقب الجماهير الأفضل في البطولة، وبنفس درجة سعي جميع المنتخبات للتتويج باللقب الغالي.