المدن الصحية توفر وسائل الرفاه للسكان
الدوحة والريان استوفتا المعايير العالمية للمدن الصحية
18 مدينة فقط في إقليم المتوسط تحصل على الاعتماد العالمي كمدن صحية
الدوحة – عبدالمجيد حمدي:
أكدت الدكتورة مها العدوي ممثلة منظمة الصحة العالميّة أن اعتماد بلديتي الريان والدوحة ضمن المدن الصحية يأتي تتويجًا لجهود حثيثة قامت بها العديد من الجهات في دولة قطر، لافتة إلى أنه على مستوى إقليم شرق المتوسط يوجد 18 مدينة فقط هي التي تم اعتمادها كمدن صحية، موضحة أن هناك 80 مؤشرًا يجب أن تستوفيها المدن التي تحصل على هذا الاعتماد واعتماد أي مدينة يأتي بعد استيفاء 80% على الأقل من هذه المؤشرات أي 64 مؤشرًا على الأقل في إطار 9 محاور مختلفة من بينها الاستعداد للطوارئ والمشاركة المجتمعية والبيئة والتعليم، لافتة إلى أن بلديتي الريان والدوحة حققتا أكثر من 80% من النسبة المطلوبة من هذه المؤشرات.
وأضافت خلال مؤتمر صحفي أمس: إن المدن الصحية هي مبادرة عالمية أطلقتها منظمة الصحة العالمية بهدف وضع الصحة على رأس جدول الأعمال الاجتماعي والسياسي للمدن من خلال تعزيز الصحة والإنصاف والتنمية المستدامة بالابتكار والتغيير الذي يشمل قطاعات متعددة وتنسجم هذه المبادرة مع الرؤية الإقليمية لشرق المتوسط 2023: الصحة للجميع وبالجميع ويُمنح اعتماد «المدينة الصحية» للمدن في العالم التي تستوفي المعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالميّة.
وأوضحت أن برنامج المدن الصحية تم إطلاقة عام 1990 وتقدمت له 103 مدن في منطقة إقليم شرق المتوسط ولكن لم تحصل على الاعتماد سوى 18 مدينة فقط، موضحة أن هذا الأمر يوضح مدى صعوبة الأمر وأنه ليس من السهل الحصول على اعتماد منظمة الصحة العالمية كمدينة صحية.
وتابعت: إن منظمة الصحة العالمية تتعامل وتتواصل مع وزارات الصحة في المقام الأول ومع القطاعات الأخرى المعنية لتقييم مؤشرات المدن الصحية قبل اعتمادها من قِبل المنظمة، موضحة أن المدن التي حصلت على الاعتماد تتسم بتكامل كبير في مرافقها من حيث كثرة الأماكن الخضراء ومسارات الدراجات وتوفير وسائل الرفاه والحفاظ على الصحة، ما يقي أفراد المجتمع من الإصابة بالأمراض.
وأكدت الدكتورة صدرية الكوهجي، رئيس شبكة المدن الصحية بدولة قطر، وقائد «أولوية أطفال ومراهقون أصحاء» في الاستراتيجية الوطنية للصحة بوزارة الصحة العامة، أن لقب المدن الصحية لبلديتي الدوحة والريان والمدينة التعليمية يعتبر أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للصحة 2018 – 2022 والتي تسعى إلى تقليل الأمراض والاعتلالات في الصحة حيث يتحقق ذلك عن طريق العمل المشترك لجميع القطاعات التي تؤثر على صحة السكان.
وقالت: إن وزارة الصحة العامّة تهدف إلى تعزيز الصحة من خلال وضع السياسات والخطط المؤسسية المشتركة وتوفير بيئة صحية سليمة من خلال بناء مجتمع صحي بدنيًا ونفسيًا لتحقيق رؤية قطر 2030 واستراتيجياتها التنموية. وأضافت: إن تبني دولة قطر لمشروع المدن الصحية يبين الدعم السياسي الذي تقدمه الدولة لتحسين الحياة لأفراد المجتمع والتزامها بالحركة الإقليمية والعالمية لتحسين الصحة، وقد بدأت عملية الاعتماد مع بدء جائحة كورونا، والتي أثرت على الأنظمة المختلفة عبر القطاعات، وأخرت الكثير من المشاريع والمبادرات، ومع دعم المكتب الإقليمي استطعنا أن ننجز ونحقق الاعتماد بمراحله المختلفة. ونوّهت د. صدرية الكوهجي إلى أن الدوحة والريان ستكونان النموذج الذي يتم تطبيقه لاعتماد البلديات الست الأخرى التي تطمح قطر لاعتمادها كبلديات صحيّة.
ولفتت إلى أن الأمراض المزمنة لها عوامل عدة، وأن هذا لا يتحقق فقط من خلال المستشفيات والمراكز الصحية، ومن بينها مرض السكري على سبيل المثال، الذي يحتاج إلى عدة عوامل، والتصدي له لا يكون من خلال المرافق الصحيّة فحسب، بل من خلال العوامل المؤدية للإصابة بالمرض كالعوامل البيئية والاجتماعية والنفسيّة.
وأشارت إلى أن فكرة المدن الصحية متطابقة مع الطريقة التي تتطلع إليها وزارة الصحة لعلاج الأمراض المزمنة، حيث تستهدف المرض من خلال جميع القطاعات، فتقدم جميع ما يدعم صحة المجتمع، وأن المدن الصحية هي عملية وليست مخرجًا فحسب، حيث تعمل ضمن إطار للتقليل من جميع الأمراض، وفق تنمية مستدامة. ونوّهت إلى أن شبكة المدن الصحية تجمع كل القطاعات التي لها دور في تحسين الصحة. وأوضحت أن المدينة التعليمية جزءٌ من بلدية الريان، والخدمات المتوفرة بالمدينة التعليمية متاحة لكافة سكان البلدية، والمدينة التعليمية لها تقييم مختلف يدقق بصورة أكبر على ارتباط الصحة بالبيئة التعليمية.
ونوّهت إلى أن المدينة التعليمية تخطت المعايير الموضوعة للمدن التعليمية الصحية، حيث تم تحقيق الحد الأقصى لتعزيز الصحة في المدينة التعليمية. وقالت د. صدرية الكوهجي: نتطلع في الاستراتيجيات إلى كيفية التعايش مع الضغوط النفسية، ففي بعض الأحيان تكون الضغوط خارجة عن إرادتنا مثل جائحة كورونا، لذا فالمنظمات والجهات الصحية والاجتماعية تتطلع إلى إيجاد استراتيجيات تخفف من الضغط النفسي على الناس، وكان أوضح مثال خلال الجائحة هو إطلاق الخط الساخن للدعم النفسي تحت إشراف مؤسسة حمد الطبية.
وأضافت: بدأنا من خلال شبكة المدن الصحية في مناقشة علاج الأمراض المزمنة، ولكن هذا الأمر يتطلب وقتًا لوضع سياسة على مستوى الدولة، وأن يتم الاتفاق عليها من الكثير من الجهات، كما لنا مشاركات مجتمعية مع المجتمع المحلي، مثل مطاعم صحية وصالات جيم في المجمعات، وهذا المشروع مؤسس من أسرة قطرية هم أصحاب المبادرة.
وأكد السيد جابر الجابر، مدير بلدية الريان أن هذا الإنجاز تحقق بتكاتف جميع مؤسسات الدولة، وأن هذا التعاون ساهم في التصدي لكافة التحديات، مشيرًا إلى أن طموح الوزارة عالٍ وأنه مستقبلًا ستكون كل البلديات ضمن المدن الصحيّة بجهود الجميع.
وأشار إلى أن الخُطة العمرانية الشاملة لكل قطر، وتتضمن توفير حدائق وخدمات صحية، وسهولة الوصول لكافة الخدمات، فبلدية الريان بها 22 حديقة، ومن ضمن المعايير أن تكون كل مدينة تبنى مستقبلًا بها كل المواصفات والمعايير التي تجعلها مدينة صحية، وكذلك فالدوحة بها 80 حديقة، وتتميز بسهولة الوصول لها عن طريق المسارات والطرق والمترو. وقال الجابر: طرحت وزارة البلدية تقريبًا 80 سيارة كهربائية، وهي من ضمن المعايير التي تتعلق بالتقليل من تلوث الهواء، ولدينا خطة وأهداف وسنصل، إن شاء الله، بتكاتف الجميع إلى الهدف. وقال السيد حمد محمد الكواري المدير التنفيذي لعمليات المدينة التعليمية بمؤسسة قطر: إن المؤسسة بذلت جهودًا كبيرة في مجال الاستدامة التي تعتبر أحد مؤشرات المدن الصحية، حيث تبدأ هذه الجهود منذ تصميم المناطق والمباني وعملية البناء والتشغيل ووجود البرامج الداعمة مثل المناطق الخضراء والتركيز على البرامج الصديقة للبيئة والبحوث والتطوير من خلال المراكز البحثية التابعة لمؤسسة قطر.
وأوضح أن المناطق الخضراء والمرافق الصحية بالمؤسسة متاحة للجميع سواء للتابعين للمدينة التعليمية أو من خارجها بهدف الاستفادة من مرافق المدينة لجميع أفراد المجتمع بهدف الحفاظ على الصحة وتحقيق الرفاه للجميع بما ينعكس على إنتاجية المجتمع.
وأضاف: إن ممثلين عن وزارة الصحة العامة ومنظمة الصحة العالمية زاروا مؤسسة قطر في العام الماضي واطلعوا على المناطق الخضراء وحديقة الأكسجين والمباني الخضراء والمدارس المختلفة ومعامل ومعاهد البحوث والتطوير بداخل المؤسسة التي تحقق أعلى مؤشرات الاستدامة، ما أهّل المدينة التعليمية لكي تكون مدينة تعليمية صحيّة وهو ما تسعى له مؤسسة قطر في كافة مشاريعها المستقبليّة.
من جهتها قالت مشاعل النعيمي رئيس قسم البرامج بمكتب الرئيس التنفيذي لمؤسسة قطر: إن المدينة التعليمية جزءٌ من بلدية الريان وقد شاركنا ودعمنا البلدية في حصولها على الاعتماد، وذلك من خلال المعلومات المطلوبة وفق معايير منظمة الصحة العالميّة.
وأضافت: عملنا مع بلدية الريان يدل على اهتمام مؤسسة قطر بوضع صحة ورفاه المجتمع على رأس أولوياتها وترجمة ذلك من خلال برامجها التعليمية والتربوية ووجود وسائل نقل صديقة للبيئة ومساحات خضراء تشجّع على ممارسة الرياضة والمحافظة على أسلوب صحي في حياة أفراد المجتمع. وأشارت إلى أن المدينة التعليمية عملت مع عدد من المؤسسات لتوفير البيانات المطلوبة من منظمة الصحة العالميّة، إضافة إلى العمل على مرسوم المدينة التعليميّة الصحيّة وتنسيق الزيارات للمواقع التي يتم تحديدها.
د. أحمد المنظري: قطر ملتزمة بتحسين الصحة والرفاه
أشار الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمكتب شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالميّة إلى أن نهج المدينة الصحيّة هو نهج شامل، يقوم على إدماج الإجراءات المتعدّدة التخصصات عبر القطاعات، ويشجّع على المشاركة المجتمعيّة، والشراكة، والتمكين، والإنصاف بين ساكني المدن.
ولفت إلى أن مفهوم المدينة الصحيّة يعزّز الصحة أكثر ويحسّن المحدّدات الاجتماعيّة للصحة باعتبارها قضية حضرية تستدعي الالتزام والعمل المُتضافر.
وأكد أن دولة قطر أظهرت التزامًا كبيرًا بتحسين الصحة والرفاه، وتعاونًا قويًا بين الشركاء الحكوميين والأكاديميين والمدنيين، بما يضمن بقاء صحة ورفاهية سكّانها على رأس الأولويات.