بقلم/عبدالعزيز عبدالهادي الأحبابي

 

لا شك أن الهاتف أو ما يسمّى بالجوال من أهم الاختراعات الحديثة في وقتنا الحالي، فقد ساهم هذا الجهازُ العصري في إحداث التغيير الفوري على صعيدي الاتصالات والتبادل الحر للمعلومات، وفي حياة المجتمعات تحديدًا. ما دفع بأكثرية من الجمهور إلى سرعة اقتنائه، والتمرس على استخدامه، وتوظيفه في شؤونهم الخاصّة، وازداد التعلق مع مرور الزمن بهذا الجهاز المهم، وأجزم بأنه لا يخلو منزل من هذه الطفرة الحديثة، بإضافات وتحسينات شاهدنا آثارها على الجميع، فالكل يريد أحدث الابتكارات من الهواتف وإن كانت غالية الأثمان، ويتباهى بها أمام أقرانه بأنه لديه أحدث الموضات من الهواتف التابعة للشركات الكبرى المتنافسة فيما بينها، للوصول إلى العميل نفسه والاستحواذ على عقله وفكره وقلبه، ولا ننكر حاجتنا الماسة إليه، لما له من تقريب كل بعيد من خلال الاتصالات عبر قنوات مرئية ودردشات فورية بتطبيقات مجانية، يسهل الولوج إليها، والاطلاع على كل الأحداث والمتغيرات الدائمة عبر الشاشة الصغيرة، ويجب ألا ننسى في المقابل سلبياتها المؤثرة على حياتنا باستخدامات مفرطة ومنها أثناء قيادتنا لمركباتنا.

ومما يلفت النظر إليه هو أن استخدام الهاتف النقال أثناء قيادة المركبات أصبح من الظواهر المألوفة والمقلقة بنفس الوقت في مجتمعاتنا عربيًا وخليجيًا، ومن مخاطرها الطبية أيضًا هو انخفاض نشاط الدماغ عن الحد المعقول، وأثره على سرعاته في اتخاذ القرار بالتحكم في مسار قيادة المركبة، وما يحدث من مفاجآت بالطريق خاصة في الظروف والأحوال الجوية المتقلبة كالضباب والأمطار والغبار.
وقد جاءت الشريعة السمحة لحفظ مصالح الناس ومن ضمن مقاصدها (حفظ النفس)، وقد سنت دول وحكومات بعض القوانين لحفظ وسلامة مواطنيها من الحوادث المُميتة من قواعد وأنظمة وتشريعات كالانضباط والالتزام أثناء السير، وقد أقر المجمع الفقهي ما يتعلق بأنظمة المرور، ما لم يخالف أحكام الشريعة والدين، بالحث على الالتزام بها، وطاعتها من طاعة ولي الأمر بناءً على المصالح المرسلة (ينظر لرقم فتوى 236353/‏‏‏ حكم التحدث في الهاتف أثناء القيادة) شبكة إسلام ويب. وهناك نسب واستطلاعات رأي محلية سابقة حول هذا الموضوع يمكن الرجوع إليها، وبحسب مقارنتها مع الأعوام السابقة ومع دول الجوار، تتضح باستمرار معضلة الهاتف أثناء القيادة، بالرغم من جهود بذلتها إدارةُ المرور والمؤسسات المجتمعية للتقليل من نسب الحوادث الناجمة عن تلك الظاهرة المؤسفة بين فئات الشباب والنساء ومن اعتاد الهاتف بشكل يومي.

 

[email protected]