بقلم/هبة إبراهيم مطاوع
إذا حدث صراعٌ بين العقل والقلب فالبقاء لمن؟ والاختيار سيقع للقلب أم للعقل؟ وما النتائج التي ستترتب على كلا الاختيارين؟ وهل سيكون العقل على صواب لحكمته؟ أم للقلب لرحمته؟ الحقيقة أننا نتعرضُ لذلك الصراع يوميًا بل في كل موقف، وبالأدق في كل لحظة، أرى الصراع قائمًا الآن في نفس كل منا، وأرى أنني أمسّ شيئًا يخالج جميع الأنفس، فلعل تلك الكلمات تكون هي الإجابة الأقرب لكل منا، ومن يقرأ تلك السطور يجد ضالته، فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحكمة فحيث وجدها فهو أحق بها» (رواه الترمذي).
فلنضع أيدينا على النقطةِ الفاصلةِ منطلقين من نقطة البداية، فلكل منا أهدافه وبيئته وأفكاره وخبراته، ومنها تتكون لديه صورة واضحة لطريقه ويرى البداية والنهاية لما سيقدم عليه، وعند البدء يتوقع الخطوات التالية، وعندما تأتي التوقعات مخالفة لما يراه يحدث الصراع، دعني آخذ بيدك خُطوة خُطوة لنصل لبر الأمان بدون صراع أو ليكن الصراع بناءً غير محطِم للآمال، فعندما وقفنا عند نقطة الصراع -لأن الآمال قد خُيبت- هنا تأتي حكمة المرء في إدارة حياته وتغيير دفة المركب الذي يتنقل به على أمواج الحياة، فيهدأ ويفكر ويحاول إيجاد البدائل، وعند الاختيار عليه أن يحسن ذلك الاختيار ليتحمل مسؤوليته ويكون راضيًا تمامًا عن نتائج ذلك الاختيار ولا يلوم الأحداث على الفشل، بل ليعرف كيف يتعلم من ذلك الفشل ويصل.
وتأتي إجابة السؤال لمن الغلبة؟ للعقل أم للقلب أم لكليهما؟ أراك تتوقع الإجابة، فمن ينظر للحياة بمشاعره سيقول بالفعل للقلب؛ لأنه يشعر ويرحم، ومن يرى الحياة بعقله سيقول بل للعقل لأنه حكيم وبصير بالأمور الصائبة، وهناك من سيختار العقل والقلب معًا؛ مُحتجًّا بأنهما لديه كجناحي الطائر الذي لا يستطيع الطيران بدون واحد منهما، أما وجهة نظري المتواضعة فهي بالفعل قلبك وعقلك معًا، ولكن مع مراد الله، فعليك أن تدعوَ الله أن يجعل الاختيار على مراده سواء كان الصراع بسبب وظيفة أم اختيار زوج أو زوجة صالحة، وغيرها من الأمور فلتَسْتَخِر اللهَ، وتعرض الأمر على قلبك وتستفته، ثم على عقلك وتفند الأمور، ثم لتضع البدائل، وتأخذ بالأسباب، وتتوكل على الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اعقلها وتوكل». ولتضع نصب عينيك تلك الحكمة: «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا».