المنبر الحر
موضة العصر لدى ضعاف النفوس المريضة

لماذا يلجأ البعض لإذلال أصدقائهم؟

بقلم/عبدالكريم البليخ

الإساءةُ إلى الأصدقاء والمعارف، وما بات ينعتُ به البعض من مسمّيات صار موضة العصر لدى ضعاف النفوس المريضة، وممن ينادون بضرورة العمل على احترام الصداقة، إلا أنهم في قرارة أنفسهم من أشدّ الناس إيلامًا وخبثًا لأصدقائهم، ما يعني الإساءة لهم وتسخيرهم للقيام بأعمال لا تليق بهم.
وهناك من يحاولُ تكريم صديقه بضيافته على فنجان من القهوة، ولكن مقابل ذلك يحاول الوصول إلى أشياء لا تمتّ للعلاقة بصلة، ولا تقف عند حدود الكرم والاحترام المتبادل، وإنما هذه الضيافة تجرّ إلى استغلال هذا الموقف، بالإساءة له بصورة غير مباشرة، والتعامل معه بأستذة وتعالٍ، وفيها الكثير من السذاجة والضحك على الذقون، وإلزامه بعمل الكثير من الأشياء بدون رغبته، في حال طلب منه ذلك، وسوقه بالطريقة التي يريد وبدون خجل، ويفرض عليه أوامر لا يمكن القبول بها بالمطلق، ما يدفع بذلك الصديق المحترم إلى تلبية رغبات صديقه المبيّتة بهدف كسر شوكته وإذلاله!
وعندما سقنا شرب فنجان القهوة فهذا مثال لكثير من الأشياء التي تحدث اليوم في واقعنا المعاش، ويحاول أمثال هؤلاء الأصدقاء العمل بها، وفرض رؤيتهم على أصدقائهم تحت عناوين مختلفة، بهدف ازدرائهم، ورغبة ذاك الصديق الذي يعيش في برج عاجي فرضها عليه وبالقوة، وما على الطرف الآخر الخضوع لها وتنفيذها وتقبلها بصدر رحب، وبدون تردد لجهة إرضاء الصديق الذي يدّعي احترامه والخوف عليه، وما يقوم به من فعل ما هو سوى مجرد خدمة عادية وملزم بالقيام بها.
هذه التصرّفات أصبحت اليوم عنوان الكثير من الأصدقاء الذين يحاولون الإساءة لأصدقائهم باستعمالهم المال في الوصول إلى رغباتهم، فضلًا عن الخجل الذي يتملكه ما يضطر الصديق المحترم لتنفيذ رغباته، ومن هنا تتفاقم المعضلة ونهايتها ستكون بالتأكيد مُحزنة، في الوقت الذي نجد فيه أن هناك أصدقاء يدفعون ما في جيوبهم من مال حبًا لهم وبدون مقابل، كل ذلك محبة بهم والفرح بلقائهم واحترام شخصهم، وصرفهم للمال ليس من أجل كسب ودهم أو العمل على تنفيذ حاجة ما وإنما من باب الود والحب الذي يربطهم ببعضهم بعضًا.
الصورُ في هذا المجال كثيرةٌ، ولا يمكن لها أن تظلَ غامضة، فلا بد من أن تظهر للعلن، ويكشف عنها، ليتجاوزها الأصدقاء المغلوبون على أمرهم، وما ترمي إليه إملاءات الغير وخُبثه، ما تضعه أمام علاقة طيبة مع الأصدقاء الذين فتحوا لهم قلوبهم قبل بيوتهم، وصدقوا ادعاءاتهم ونصحهم. فما يهدف إليه هو الخضوع لتنفيذ رغباته بصمت وإذلاله، وهذا ما يرمي إليه بعيدًا عن أي أخلاق أو عرف تعلمناه أو سبق أن سمعنا به، أو حتى قرأنا عنه.

 

 

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X