خواطر.. وجهة نظر
لا نلوم التعليم ولا عمل المرأة.. إنما نسعى للتقنين والابتعاد عن المغالاة
مَرَّ اليومُ العالميُّ للمرأةِ بسلامٍ إن صحَّ التعبيرُ، فالحروبُ دائرةٌ، والحياةُ مستمرةٌ، والنساءُ والرجالُ لا يتوقفون عن السعي في مناكبِها.
وأتساءل إن أخذت الموظفة إجازة مدفوعة الأجر في يوم المرأة، وإن نامت المُرضعة ساعات أطول، أو أخذت راحة من مهامها اليومية في المواصلات والأعمال المنزلية وتدريس الأبناء، والالتزامات العائلية!
تتحمل الأنثى منذ صغرها مسؤوليات فرضها عليها المجتمع، فكل تصرف محسوب عليها بمعايير وضعيةٍ قلَّما تغفر هفواتها.
بينما أكرمها الله سبحانه وتعالى بمرتبة مُشَّرفة وفضلَّها رسولنا الكريم بوصاية رحيمة، فهي كبنت مسؤولة من ذويها، وكأخت، ويجب أن تحظى بمساندتهم، وكزوجة لها مثل الذي عليها، وحين تصبح أُمًّا تمنح أفضل ما لديها لأبنائها المأمورين ببِر الوالدين بقوله تعالى: (وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) .
وفي الحديث الشريف (استَوْصُوا بالنساء خيرًا) بمعنى أن يقوم الإنسان عليها خير قيام، فيحسن عشرتها، وينفق عليها بالمعروف، ويغفر لها الزلة والخطأ، ولا يقف عند كل صغيرة أو كبيرة، ولا يستوفِ حقه منها بأسلوب تعسِّفي، وإنما يترك بعض الشيء ويتغاضى عن بعض التقصير، فكثرة الحساب والمطالبات تُفسد الوِد، وتولِّد البغض.
لقد أثبتت لنا الحياة قدرة المرأة على الاحتواء المُضاعف، فقلبها آبار شاسعة العمق، ولديها قدرة على امتصاص مخاوف ذويها وتوترهم، لدرجة تجعلهم لا يلاحظون محدوديتها في استيعاب المزيد، وإرهاقها في سبيل إرضائهم، بتأدية بعض واجباتهم، فيعتبرونها حقوقًا مكتسبة دون وجه حق.
لم تعد التواريخ والمسميات الوضعية تَلفت نظري على الإطلاق، ولا الجُمل الرنانة والخطابات الموجهة لتبجيل النساء وإنصافهنَّ، فما خفي خلف الأبواب لا يعلمه إلَّا الله، وأتحدث هنا على المستوى العالمي، إذ يظن الكثيرون أن دول الغرب منحت المرأة حقوقًا تحلم بها المرأة العربية، والحقيقة إن لكل مجتمع تقاليده وقوانينه وعقيدته، فالناس مختلفون في المجتمع الواحد، والمقارنة لم تكن يومًا منصفة.
لا نريد أن نكون كباقي نساء العالم، فلهنَّ معاناتهنَّ التي لا يُحسدن عليها، نحن بخير أكثر منهنَّ، كل ما نحتاجه هو تحديد الأدوار الشرعية لكل من الرجل والمرأة، لبناء أسرة سويَّة وسعيدة، يتمتع أفرادها بحقوقهم مقابل واجباتهم، وحبذا لو قللنا من عدد ساعات دوام المرأة والرجل، فهو صاحب القوامة، ولا بد أن قضاء الوالدين مع الأبناء وقتًا أكثر، سيتيح لهما مجالًا أوسع، وسيكون لهما تأثير أعمق، فعامل الوقت هو المحور الذي ينظم حياتنا، مع ضرورة تأهيل الوالدين بإعدادهما قبل الزواج بكثير، ليؤديا مسؤوليتهما بنفسٍ راضيةٍ حامدةٍ مطمئنةٍ.
لا نلوم التعليم ولا عمل المرأة، إنما نسعى للتقنين والابتعاد عن المغالاة في المعيشة عامةً، الاعتماد على النفس واجب، والاستقلال المالي حق يمنحنا الأمان، ويلبِّي احتياجاتنا ويخفف أعباء الرجل، كما أن الإخلاص في العمل نوع من العبادة، فما بالكم بالمحافظة على كينونة الأسرة وتربية الأبناء. مجرد وجهة نظر تجول في خواطر الكثيرين والكثيرات.