كتاب الراية

همسة في التنمية.. التنمية البشرية وعمق ثقافة المجتمع القطري

نتاج العمل الدؤوب هو انعكاس لثقافة الأمة وتراثها الجغرافي

تتمتعُ دولة قطر بثروة ثقافية زاخرة وتراث شعبي فريد، بما في ذلك اسم «كتارا» أوّل وأقدم اسم سُمّيت به شبه جزيرة قطر في الخرائط الجغرافية والتاريخية، وذلك منذ عام 150م، إذ ظهرت هذه التسمية في الخرائط التي رسمها كلوديوس بطليموس، ونُشرت في عام 1477م، كما استخدم المؤرّخون الرومانيون واليونانيون القدماء عبارات مختلفة للإشارة إلى دولة قطر، ومن المُرجّح أنّ أوّل من سكن أرض قطر الجماعات الكنعانية التي اشتُهرت بالتجارة البحرية، وتأثّرت قطر بالعديد من الحضارات، مثل: بلاد ما بين النهرين، والهند والسند، وذلك بفضل موقعها الجغرافي المُتميّز، إذ شكّلت سواحلها ممرًّا للقوافل التجارية منذ القِدم ومركزًا للتبادل التجاري العالمي، ولذلك ترعى دولة قطر ثروة ثقافية عظيمة، تعمل على تنميتها باستمرار، بما ينسجم مع التطور الذي تشهده البلاد، كما أن القيادة الرشيدة أبدت اهتمامًا كبيرًا بشتى نواحي الحياة الثقافية، بما في ذلك إنشاء المكتبات والمتاحف والمسارح ومراكز الفنون، ودعم دور النشر والمجلات الثقافية وتنظيم المهرجانات والفعاليات الثقافية المختلفة على مدار السنة.
وكما هو ملاحظ في السنوات الأخيرة دأبت القيادة الرشيدة على تنظيم مهرجانات ومنتديات ومعارض ومؤتمرات حافلة لأهل الفكر والأدب والفن، انطلاقًا من توجه الدولة لتشجيع ودعم الإبداع القطري والعربي، وتكريس مبدأ الانفتاح على ثقافات شعوب العالم المختلفة مع الحفاظ على قيم الأصالة للمجتمع القطري، ونتيجة لهذا التوجه أصبحت الدوحة إحدى عواصم الثقافة العربية التي تستقطب شتى أشكال الإبداع الثقافي، فيما أصبحت مهرجاناتها وفعالياتها التي تنظم بصورة دورية في مجالات الثقافة والفكر والفن، سمة بارزة في المشهد الثقافي العربي كما في مهرجان الدوحة الثقافي السنوي، ومعرض الدوحة الدولي للكتاب ومهرجان الدوحة للأغنية العربية، وغيرها من الفعاليات.
نرى من وجه آخر سوق «واقف» في وسط الدوحة، بات معلمًا سياحيًا ذاع صيته حول العالم أجمع، ومتنفسًا لآلاف المواطنين والسياح، وملتقى الأصحاب في نهاية يوم عمل طويل، يعود تاريخ السوق إلى أكثر من 250 سنة، ولا تزال الذاكرة الشعبية القطرية تختزن تاريخ المسمى الذي ظل باقيًا حتى اليوم، فالأهالي ومعظمهم كانوا من القادمين من ضواحي الدوحة القديمة، دأبوا على جلب أمتعتهم من مؤونة الطعام كالدهن والسمن والشعير، بالإضافة إلى الخشب والأمتعة الأخرى لبيعها في الدوحة، وهي الأخرى كانت مقسمة إلى قسمين بسبب اختراق وادي مشيرب لها، وكانت السوق وقتها تطل على البحر، حيث لم يكن أحد يمنحه الثقة، فكثيرًا ما غافلت البائعين موجة أتت على محاصيلهم، ولذلك يبقون واقفين وأعينهم تراقب البحر، ومنذ ذلك الوقت حمل السوق اسم (سوق واقف)، ويعود الاهتمام بهذا السوق، إلى عام 2004، حين تم إنشاء المكتب الهندسي برئاسة حمد بن خليفة العطية، التابع مباشرة لمكتب سمو أمير البلاد المُفدى حفظه المولى عز وجل ورعاه، حيث تم وضع خُطة طموحة لإحياء السوق وإعادة بنائه من مواد البناء التي كانت معروفة سابقًا، وعلى ذات الطراز المعماري، وإضفاء مسحة عصرية عليه.
وفي الختام ندركُ أن نتاج هذا العمل الدؤوب هو انعكاس لثقافة الأمة وتراثها الجغرافي الذي يعكس القيم والطموحات والمعتقدات التي تؤدي دورًا مهمًا في تحديد الهوية الوطنية للشعوب، فهي تقوم بتشكيل قالبها، وتجعلها راسخة في مكانها وصامدة أمام التغيّرات، وبالتالي، فإنه من الضروري الحفاظ على ما تكنزه الشعوب من تراث وثقافة. وتؤمن مؤسسة قطر بأن التقدم الحقيقي للمجتمعات يحدثُ عندما ترتبط الشعوب بهويتها، وخاصة فئة الشباب منهم.

خبير التنمية البشرية

 

Instegram: @rqebaisi
Email: [email protected]

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X