السابقون الأولون …. الزُّبَيْرُ بن العَوَّام

«وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا – ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» .. (سورة التوبة-100)
هم المهاجرون الذين سبقوا الناس إلى الإيمان بالله ورسوله، بل وهاجروا قومهم وعشيرتهم، وفارقوا منازلهم وأوطانهم من أجل دين الله، أما الأنصار فقد نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه، والذين اتبعوهم بإحسان هم الذين سَلَكوا سبيلهم في الإيمان بالله ورسوله رضي الله عنهم ورضوا عنه.
الزُّبَيْرُ بن العَوَّام
ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم وابن أخ زوجته خديجة بنت خويلد، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين إلى الإسلام، يُلقب ب حواري رسول الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنه: “إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ».
أسلم الزبير وهو ابن ست عشرة سنة وقيل أقل من ذلك، وكان إسلامه بعد أبي بكر الصديق، هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى ولم يُطِل الإقامة بها، وتزوج أسماء بنت أبي بكر المُلقّبة بذات النطاقين، وهاجرا إلى يثرب التي سُميت فيما بعد بالمدينة المنورة، فولدت له عبد الله بن الزبير فكان أول مولود للمسلمين في المدينة، وعروة، والمنذر، وعاصم، والمهاجر، وثلاث بنات هن: خديجة الكبرى، أم الحسن، عائشة.
أوَّل من سلَّ سيفه في الإسلام، وشارك في جميع غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مع المدد الذي أرسله عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص في فتح مصر، ويذكر المُؤرخون أنَّ المدد الذي بعث به الخليفة إلى عمرو بن العاص كان اثني عشر ألف مُقاتل. وكان للزبير دورٌ بارزٌ في فتح «حصن بابليون» بمصر القديمة، حيث اعتلى الزبير بن العوام مع نفر من المسلمين، السور، وكبَّروا، فظنَ أهل الحصن أنَّ المسلمين اقتحموه، فهربوا تاركين مواقعهم، فنزل الزبير وفتح باب الحصن لأفراد الجيش الإسلامي فدخلوه. وفي رواية أنَّ الزبير ارتقى السور، فشعرت حامية الحصن بِذلك، ففتحوا الباب لعمرو بن العاص وخرجوا إليه مصالحين، فقبل منهم. ونزل الزبير عليهم وخرج على عمرو من الباب معهم، وبذلك تم فتح حصن بابليون، وشهد الزبير على عقد الصلح الذي أعطاه عمرو بن العاص لأهل مصر.
كان الزبير مقلًا في رواية الحديث النبوي، ويرجع ذلك إلى أنه كان يخشى أن يخطئ في الرواية؛ فيكون بذلك قد كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، فقد سأله ابنه عبد الله بن الزبير: ما لك لا تُحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يُحدث عنه فلان وفلان؟ فقال الزبير: “ما فارقته منذ أسلمت، ولكن سمعتُ منه كلمة، سمعته يقول: مَن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار”، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث يسيرة.
بعد استشهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه، خرج الزبير إلى البصرة مطالبًا بالقصاص من قتلة عثمان فقَتَله عمرو بن جرموز في موقعة الجمل، فكان استشهاده في رجبٍ سنة 36 من الهجرة، وله أربع وستُّون سنة.