المحليات

السابقون الأولون … خباب بن الأَرَتّ التميمي

«وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا – ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» .. (سورة التوبة-100)

هم المهاجرون الذين سبقوا الناس إلى الإيمان بالله ورسوله، بل وهاجروا قومهم وعشيرتهم، وفارقوا منازلهم وأوطانهم من أجل دين الله، أما الأنصار فقد نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه، والذين اتبعوهم بإحسان هم الذين سَلَكوا سبيلهم في الإيمان بالله ورسوله رضي الله عنهم ورضوا عنه.

خباب بن الأَرَتّ التميمي

صحابي من السابقين إلى الإسلام، سبُي صغيرًا من قبيلته تميم، وبيع في مكة فاشترته أم أنمار الخزاعية التي كانت حليفة لبني زُهرة من قريش. امتهن خباب في الجاهلية صناعة السيوف، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُجالسه. أسلم خباب، قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ليدعو فيها، فكان سادس ستة أسلموا، وقيل إنه العشرون في ترتيب من أسلموا. وروى مجاهد أن: أول من أظهر إسلامه رسول الله وأبو بكر وخباب وصهيب وبلال وعمار وسمية أم عمار.

 كان خباب من الذين عُذّبوا بمكة ليتركوا الإسلام، فكانوا يوقدون النار ثم يسلقونه عليها، ثم يضعونه على الأرض، ويعتلي رجل صدره. وكانت مولاته أم أنمار تأخذ الحديدة المحماة فتضعها على رأسه، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «اللهم انصر خبّابًا»، فاشتكت مولاته أم أنمار رأسها، فكانت تعوي من شدة الألم، فقيل لها اكتوي، فكان خباب يأخذ الحديدة المحماة فيكوي بها رأسها.

وروى خباب أنه حين كان في مكة، صنع سيفًا للعاص بن وائل السهمي، وذهب يُحصّل ثمنه، فقال له العاص: «لا أعطيك حتى تكفر بمحمد»، فردّ: «لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث»، فقال العاص: «إذا بعثت، كان لي مال، فسوف أقضيك»، فحكى ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزل قوله تعالى: «أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ، أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا، كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا، وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا».

هاجر خباب إلى يثرب، وشهد مع النبي المشاهد كلها، ومع بدء حركة الفتوح الإسلامية، انتقل خباب إلى الكوفة، حيث مات بها سنة 37 ه، وعمره 73 سنة، وصلى عليه علي بن أبي طالب، وكان أول من دُفن بظهر الكوفة. نعاه علي بن أبي طالب فقال: «رحم الله خبّابًا أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا، وابتلي في جسمه أحوالًا، ولن يضيع الله أجره».

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X