مسؤولون وخبراء : اليوم العالمي للتراث هذا العام يواكب ريادة دولة قطر عالميا ومحليا في مجال صون التراث
الدوحة – قنا :
يُشكل الاحتفاء باليوم العالمي للتراث الذي يوافق الثامن عشر من أبريل من كل عام، مناسبة دولية لإبراز تميز التراث الثقافي العالمي والإنساني، الذي تزخر به دول العالم من غنى وتنوع وأصالة، وتأتي هذه المناسبة هذا العام لتواكب ريادة دولة قطر عالميا ومحليا في مجال صون التراث.
وقد حظيت جهود المؤسسات القطرية الدؤوبة باحترام المؤسسات الدولية المختصة بالشأن الثقافي، وبالاعتراف بدور دولة قطر البارز في صون التراث، وتتوج بانتخابها عضوًا في لجنة التراث العالمي للفترة 2021 – 2025، خلال اجتماع الجمعية العامة للدول الأطراف،لاتفاقية التراث العالمي لعام 1972، الذي عُقد خلال الدورة الحادية والأربعين للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة /اليونسكو/.
وبهذه المناسبة، أكد مسؤولون وخبراء في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ أن جهود دولة قطر باتت واضحة للعيان في حماية تراثها المادي ونسيجها الثقافي ما يعبر عن نهضتها في مجال المتاحف والتنمية الثقافية، إلى جانب جهودها على المستوى الدولي في حماية التراث الإنساني من خلال الشراكات مع منظمة /اليونسكو/.
وتحدث سعادة الدكتور ناصر بن حمد الحنزاب المندوب الدائم لدولة قطر لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة /اليونسكو/، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ عن جهود دولة قطر ودورها في صون التراث القطري والعالمي، على المستوى الوطني، بمناسبة اليوم العالمي للتراث، موضحا أن دولة قطر جعلت الثقافة والتراث أحد الأسس الرئيسية للسياسات الوطنية في التنمية، وتعزيز الإبداع في إبراز التراث الوطني، حيث تقوم “متاحف قطر” باحتضان وحماية التراث الوطني والعناية به وحفظه، وتعزيز دور التراث ووضعه في سياقة التاريخي والحضاري.
وأكد أن دولة قطر تولي اهتمامًا كبيرًا بدور المتاحف في حفظ التراث، من خلال رؤية وطنية عبر سلسلة من المتاحف التي باتت اليوم من أركان النهضة الشاملة التي تعيشها الدولة إذ تولي “متاحف قطر” اهتمامًا بوضع الخطط الوطنية للمواقع التراثية، وإقامة المشاريع لترميمها وصيانتها والتنقيب عنها، وذلك لتقريب المجتمع المحلي، على مر الأجيال، من تاريخه وأساليب الحياة لأسلافه.
وعن الجهود لتسجيل التراث القطري في قائمة /اليونسكو/ للتراث الإنساني، قال سعادة الدكتور ناصر بن حمد الحنزاب: “تقوم دولة قطر بجهود دولية ووطنية لتعزيز التراث الوطني، ووضعه على الخارطة العالمية للتراث الثقافي للأمم. ففي 2013 تم تسجيل مدينة “الزبارة”ضمن قائمة /اليونسكو/ لمواقع التراث العالمية، وهي أحد أهم المواقع الأثرية في الدولة والمنطقة، التي كانت تمثل أكبر مدن الخليج العربي الرئيسية لصيد وتجارة اللؤلؤ في الفترة الممتدة ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر”.
ويُعد إعلان انضمام مدينة “الزبارة” لقائمة التراث العالمي أول إدراج لموقع أثري قطري في القائمة العالمية للتراث، تحت إشراف “متاحف قطر” لتطوير الموقع الأثري والمحافظة عليه بشكل يساهم في دعم السياحة الثقافية والأثرية في دولة قطر.
وعلى المستوى الدولي، تعتبر دولة قطر من أهم الداعمين لحماية التراث العالمي المُهدد، وذلك من خلال دعم صندوق قطر للتنمية لصندوق الطوارئ لـ /اليونسكو/ لحماية التراث، حيث تم إنقاذ العديد من المواقع في أوروبا وإفريقيا والمنطقة العربية.
وعن دور قطر البارز في لجنة التراث العالمي، أشار الدكتور الحنزاب إلى أنه في عام 2021، تم انتخاب دولة قطر عضوًا في لجنة التراث العالمي التابعة لـ “اليونسكو” لمدة أربع سنوات، والمكلفة بتنفيذ آليات اتفاقية التراث لعام 1972، والإشراف على صندوق التراث العالمي، ومراجعة إجراءات الحفظ على المواقع المدرجة في قائمة التراث. وقد تشرفت دولة قطر بهذا الاختيار وحصولها على أعلى الأصوات بين المرشحين للعضويات المفتوحة في مقر /اليونسكو/ في باريس، خلال الدورة الـ23 للجمعية العامة للدول الأطراف.
ومن جانبه، قال المهندس محمد علي عبد الله خبير التراث بالمكتب الهندسي الخاص، في تصريح خاص لـ /قنا/: “يظل التراث عنصرًا مهما في حياة الأمم والشعوب، فهو يعكس هويتها الثقافية التي تحرص على عدم فنائها وذوبانها في خضم إعصار العولمة”، مشيرًا إلى أن دولة قطر تعتبر مثالًا على الاهتمام بتراثها في محيطها الخليجي.
وأضاف خبير التراث بالمكتب الهندسي الخاص أنه عندما شرعت الحكومة القطرية في تعزيز الهوية القطرية لقلب العاصمة، كان مشروع سوق واقف، حيث شهد المواطنون والمقيمون والسائحون هذا التراث العريق يعود مليئًا بالحيوية، مانحًا الكثير من الروح الإيجابية للمكان، كما حرصت الدولة على إحياء القرى التي اندثرت في الخمسين سنة الماضية بإعادة بنائها مرة أخرى،مؤكدا أن ما حدث في دولة قطر كان جرس تنبيه للدول الخليجية المحيطة لصون تراثها العريق بعد تميز تجربة قطر وانتشار شعبية سوق واقف.
واختتم حديثه أن “التراث هو الروح التي نتوارثها عن أسلافنا فتمنحنا تلك الهوية الخاصة التي تجعلنا متميزين عن سوانا، في ملابسنا، وعاداتنا، وفنوننا، وبحفاظنا على تراثنا نترك مادة خصبة للمبدعين المعاصرين كي ينتجوا فنا حقيقيا ينتمي إلى الإنسان والمكان”.
من جهته، قال السيد حمد حمدان المهندي استشاري ثقافي بوزارة الثقافة، في تصريح مماثل لـ /قنا/، إن الاحتفال باليوم العالمي للتراث يهدف إلى التعريف والتوعية بأهمية التراث والترويج له في مختلف دول العالم، وحماية التراث الإنساني بما يتوافق واتفاقية 1972 (اتفاقية حماية التراث الثقافي والطبيعي)، التي صادقت عليها دولة قطر عام 1985 حسب المرسوم الأميري رقم 21 لسنة 1985، موضحا أنه تماشيًا مع جهود دولة قطر على المستوى الوطني والدولي لتعزير تنفيذ تلك الاتفاقية تم انتخابها عضوًا في اللجنة الدولية الحكومية التابعة (لجنة التراث العالمي) للاتفاقية، للفترة 2021 – 2025.
وتحدث المهندي عن الدور المأمول خلال عضوية قطر بلجنة التراث العالمي وفي ظل التزامها بأهداف الاتفاقية، حيث تساهم دولة قطر مع الدول الأعضاء في تعزيز دور الاتفاقية في حفظ التراث الثقافي والطبيعي على مستوى العالم.
وأضاف منذ التصديق على الاتفاقية دأبت المؤسسات الثقافية في دولة قطر على تكثيف جهودها من أجل التعريف بالتراث الثقافي الوطني، وحظيت المؤسسات التعليمية (مدارس، جامعات) بنصيب وافر من الفعاليات الصفية واللاصفية، ومحاولات إدماج التراث الثقافي الوطني ضمن المنظومة التعليمية. وحملت المؤسسات الإعلامية على عاتقها مسؤولية التعريف بالتراث الثقافي الوطني، وقدمت العشرات من البرامج التوعوية والثقافية ، لافتا إلى أنه من منطلق الحماية الوطنية سجلت دولة قطر في عام 2013 مدينة “لزبارة”الأثرية بقائمة التراث العالمي. كما استضافت الدورة الـ 38 للجنة التراث العالمي عام 2014، وكان لها إسهامها المالي المميز لصندوق لجنة التراث العالمي”.
أما الباحث في التراث الثقافي السيد محمد سعيد البلوشي فقال في حديثه /قنا/: إن الاحتفال باليوم العالمي للتراث يأتي هذا العام ودولة قطر تتوج جهودها في صون معالم التراث القطري، من خلال العمل الدؤوب لاستكمال ترميم موقع “الزبارة” المسجل ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة وتفعيل الموقع من خلال بناء مركز الزوار والمرافق التي تعكس أهميته ودوره في التاريخ وقيمته المستقبلية، فضلا عن انضمام ثلاثة مواقع تراثية قطرية أخرى إلى قائمة منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة /الإيسيسكو/ للتراث في العالم الإسلامي وهي: (قلعة الركيات، وأبراج برزان، وبيت الخليفي)، التي اعتمدت خلال الاجتماع التاسع للجنة التراث لـ /الإيسيسكو/ في يونيو 2021، حيث تعد هذه المواقع التراثية الثلاثة إرثا تاريخيا وحضاريا مهما للشعب القطري وللعالم الإسلامي ككل.
وشدد البلوشي على أن هذا الاهتمام ينعكس على كل الأبنية التاريخية في مختلف مناطق دولة قطر تفعيلًا لاتفاقية التراث العالمي على أرض الواقع، والأهم الأبحاث والدراسات التي تُجرى لتوضيح الأبعاد الاجتماعية لهذه المواقع والمباني وأثرها في حياة الناس والمجتمع.. منوهًا بأن جهود قطر في مجال صون التراث بدأت مبكرًا منذ السبعينيات مع إنشاء متحف قطر الوطني، والتوازن في التجديد ببناء المتحف بشكل معاصر، مع الحفاظ على القصر القديم الذي يُمثل معلما أساسيا من معالمه تأكيدا على اعتزاز دولة قطر بتراثها.