المحليات

السابقون الأولون …. عبد الله بن مسعود

إعداد – سامي زكريا:

«وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا – ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» .. (سورة التوبة-100)

هم المهاجرون الذين سبقوا الناس إلى الإيمان بالله ورسوله، بل وهاجروا قومهم وعشيرتهم، وفارقوا منازلهم وأوطانهم من أجل دين الله، أما الأنصار فقد نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه، والذين اتبعوهم بإحسان هم الذين سَلَكوا سبيلهم في الإيمان بالله ورسوله رضي الله عنهم ورضوا عنه.

عبد الله بن مسعود

صحابي جليل وفقيه ومقرئ ومحدث، وأحد رواة الحديث النبوي، وأحد السابقين إلى الإسلام، تولى قضاء الكوفة وبيت مالها في خلافة عمر وصدر من خلافة عثمان.

أسلم قبل أن تصبح دار الأرقم مقرًا لتجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،  روى قصة إسلامه: «كنت أرعى غنمًا لعقبة بن أبي معيط، فمر بي رسول الله وأبو بكر، فقال: يا غلام، هل من لبن؟ قلت: نعم، ولكني مؤتمن. قال: فهل من شاة لم ينزّ عليها الفحل؟ فأتيته بشاة، فمسح ضرعها، فنزل لبن، فحلب في إناء، فشرب، وسقى أبا بكر. ثم قال للضرع: اقلُص، فقلص. ثم أتيته بعد هذا، فقلت: يا رسول الله، علمني من هذا القول، فمسح رأسي، وقال: إنك غلام مُعَلَّمٌ». منذئذ، أسلم ابن مسعود، وأسلمت أمه.

لزم ابن مسعود النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، وكان جريئًا في الدين، فكان أول من جهر بالقرآن في مكة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فقاسى من اضطهاد قريش، فهاجر إلى الحبشة  ثم إلى المدينة.

لزم ابن مسعود وأمه خدمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، وشهد الغزوات كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم. وكان حسن الصوت بقراءة القرآن، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يسمعه منه “قال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم: “اقْرَأْ عَلَيَّ”. قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: “فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي”، فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} «النساء: 41»، قال: “أَمْسِكْ”.. فإذا عيناه تذرفان”.

وكان لملازمة ابن مسعود للنبي أثرها في سعة علمه بتفسير القرآن وأسباب نزول آياته، حيث قال: «والله الذي لا إله غيره، ما أُنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه».

شارك ابن مسعود في الفتح الإسلامي للشام، وشهد معركة اليرموك، وبعد انتهاء الفتح اختار الإقامة في حمص، إلى أن طلب منه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الانتقال إلى الكوفة، وكتب إلى أهلها: «إني قد بعثت عمار بن ياسر أميرًا، وعبد الله بن مسعود معلمًا، ووزيرًا، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله من أهل بدر، فاقتدوا بهما، وأطيعوا واسمعوا قولهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي».

بقي ابن مسعود بالكوفة مدة خلافة عمر، وبداية خلافة عثمان بن عفان، حيث عاد إلى المدينة المنورة سنة 32 ه، وتوفي في تلك السنة وعمره أكثر من ستين سنة.

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X